مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الأحد، 25 ديسمبر 2011

المهمة الحقيقية لحكومة الجنزوري 

 

الأحد, 25 ديسمبر 2011


بقلم: أحمد منصور
في شهر يونيو الفائت التقيت في العاصمة تونس رئيس الحكومة المؤقتة الباجي قايد السبسي، وهو أحد رجال الرئيس الراحل الحبيبب بورقيبة البارزين والمخضرمين، عمل معه في عدة وزارات منذ الستينيات من القرن الفائت أهمها وزارة الداخلية، وقد اعترف السبسي في لقائي معه بأن كل الانتخابات التي جرت في عهد بورقيبة وابن علي هي انتخابات مزورة، غير أن أهم ما قاله السبسي في مقابلتي معه هو أن المهمة الأساسية لحكومته هي وضع خطة الطريق، بل تحديد مسار الحكومة القادمة من بعده لخمس سنوات على الأقل، وهذا يعني أن السبسي والفريق المتعاون معه كان يدرك أن الشعب التونسي قرر التغيير، والتغيير يعني المجيء عبر الانتخابات بفريق جديد كانت التلميحات تشير إلى أنه سيكون من الإسلاميين، وتحديدًا من حركة النهضة التي شُرّد رجالها في أنحاء العالم، ومن بقي منهم سُجن داخل تونس، واستمر هذا الوضع ثلاثة عقود كاملة من العام 1981م وحتى العام 2011م؛ حيث أفرج عن المعتقلين منهم، وعاد المطاردون بعد نجاح الثورة التي اندلعت قبل عام من الآن وتحديدًا في السابع عشر من ديسمبر الفائت.
قضى الباجي قايد السبسي عشرة أشهر يضع القيود الاقتصادية والسياسية لمن سيأتي من بعده، وكانت النتيجة هي إغراق البلاد في مزيد من الديون، وتقييدها في مزيد من الاتفاقيات، أما العقبة الكبيرة التي وضعتها أمام الحكومة القادمة بعدما حققت حركة النهضة الفوز الكاسح في الانتخابات وكُلفت بتشكيل الحكومة هي قرار بزيادة رواتب كل موظفي الدولة- حوالي نصف مليون موظف- بزيادة تقدر ببليون دينار تونسي، في وقت تواجه فيه الموازنة والخزينة حالة صعبة للغاية، الأمر الثاني هو ترقية معظم موظفي الدولة حتى الضباط المتهمين بقتل الثوار تمت ترقيتهم، كما أجريت تغييرات هائلة في السلك الدبلوماسي للدولة بحيث يصعب على من يأتي وزيرًا للخارجية إجراء أي تغيير على اعتبار أن التغييرات التي أجريت هي حديثة، والعادة ألا يتم إجراء تغييرات للموظفين إلا كل أربع سنوات، كما أجريت تغييرات هائلة في إدارات الدولة المختلفة، ووضع رجال بورقيبة وابن علي في القمة؛ بحيث يصعب على من يأتي أن يدخل في متاهة الصراعات الإدارية في ظل أن الوزراء تقريبًا كلهم لم يسبق لهم العمل داخل دوائر الدولة، فهم إما كانوا في السجون أو مطاردين أو من المغضوب عليهم في ظلِّ نظام بن علي.
وقد أكد السبسي ما قام به حينما قال في كلمة له أمام مؤتمر "تبادل خبرات المرحلة الانتقالية" الذي عقد في العاصمة تونس في 13 ديسمبر الفائت حيث قال: "إن الحكومة التي سيعلن عن تشكيلها قريبًا ستجد تركة من التحديات في انتظارها"، وقد أكد على الجانب الاقتصادي المقيد بقوله: "حكومتنا أعدت برنامجًا اقتصاديًّا يقطع مع أية مرجعية إيديولوجية، ولهذا أعتقد أن المجموعة الوزارية الجديدة ستواصل تنفيذ هذا المخطط الذي أعدته شبكة من الخبراء التونسيين".
هذه المقدمة الطويلة للهدف الرئيسي للمقال تؤكد باختصار على المهمة الأساسية والحقيقية لحكومة الجنزوري في مصر، هي نفس المهمة تقريبًا التي قامت بها حكومة السبسي في تونس لرجل من نفس الطراز ولكن في مصر الثورة، فبعدما قام المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري بإقالة حكومة المنطفئين وهي حكومة عصام شرف جاء برجل من زملائه القدامى وأحد رجال مبارك المخضرمين الذين لعبوا دورًا أساسيًّا في بيع ممتلكات الشعب؛ وهو كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق، ففي عهده وخلال ثلاث سنوات بيعت من أملاك الشعب 133 شركة من شركات القطاع العام، ووضع الأساس لمشروع من أفشل المشاريع الاقتصادية في مصر ليس من حيث الفكرة ولكن من حيث التطبيق وهو مشروع توشكى، لكن لأن ذاكرة الشعوب ضعيفة، وتقيم الناس بالانطباعات وليس بحقائق الأعمال، ولأن كل من أقاله مبارك نُظِر إليه على أنه من معارضيه وأنه من الشرفاء نظيفي اليد دون تمحيص حقيقي في الملفات، فقد ساد هذا الانطباع العام عن الجنزوري متناسيًّا أعماله طوال أكثر من خمسة عشر عامًا عملها مع مبارك، ونظروا فقط إلى أن مبارك قد أقاله دون دراسة الأسباب أو التعرف عليها.
ومما يؤكد على أن الجنزوري جاء حتى يحقق نفس النتائج التي حققها السبسي هو أن الجنزوري يتصرف ويتحدث وكأنه جاء ليبقى إلى الأبد، وأنه سيضع السياسات لسنوات قادمة ويتعاقد من أجل الاستثمارات القادمة في الوقت الذي من المفترض أن حكومته التي ستبقى ستة أشهر فقط جاءت لتسيير الأعمال وليس للبقاء للأبد، لكنها باختصار جاءت لتضع طوقًا حديديًّا اقتصاديًّا وسياسيًّا وإداريًّا ودبلوماسيًّا في رقبة أي حكومة قادمة حتى لو أسسها الخلفاء الراشدون وليس الإخوان المسلمون، وتجعلها عاجزة أمام الشعب ومقيدة أمام الخارج، فالوضع الاقتصادي في مصر مزرٍ للغاية، بل "غير متصور" حسب وصف الجنزوري نفسه، وقد أكدت التقارير على أن الحكومة المنتخبة القادمة سوف تجد نفسها طوال عامين أمام قروض قصيرة الأجل عالية الفائدة، علاوة على الديون طويلة الأجل التي وصلت في حدِّ الدين الداخلي وحده إلى أنه أصبح موازيًا للدخل القومي للبلاد حسب آخر التقارير التي نشرت يوم الأربعاء الفائت، وهذا ما دفع حكومة الجنزوري إلى أن تطرح يوم الإثنين 19 ديسمبر أذونات للخزينة تقدر بخمسة بلايين جنيه بفائدة عالية جدًّا تقدر بـ14% على أذون ثلاثة أشهر و15% على أذون تسعة أشهر، ومع ذلك لا تجد من يشتريها بسبب عزوف البنوك عن الشراء، وكذلك عدم الثقة في الحكومة، وهذا حسب الخبراء اتجاه يزيد من مخاطر الدين الداخلي، إذن المهمة الأساسية لحكومة الجنزوري واضحة، وعلى الشعب العظيم الذي قام بهذه الثورة العظيمة أن يدرك حجم المخاطر التي تحيق بها، وأن يتخلى عن عاطفته وانطباعاته في تقييم الأشخاص، وأن يقف عند حدِّ أدوارهم وإنجازاتهم وليس عن الانطباعات التي تروج عنهم، وأن يدرك أن المستقبل لا يصنعه رجال الماضي.
إن الشهور الستة القادمة المهمة الأساسية فيها هي تكريس سياسة الطوق الحديدي لأي حكومة قادمة حتى تبقى أسيرة لنظام مبارك وسياساته وسياسات رجاله.

 

الخميس، 22 ديسمبر 2011

هاكرز يقتحم موقع الإخوان ويضيف استطلاعا حول تسليم السلطة


الخميس, 22 ديسمبر 2011
جريدة الشعب الجديد

. نفى الدكتور حلمى الجزار،عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، أن يكون الحزب قد أجرى استطلاعًا للرأى حول مسألة تسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب، مشيرًا إلى أن القراصنة أو الهاكرز، هم من دخلوا على موقع الإخوان وأضافوا هذا الاستطلاع.
و أكد الجزار فى حوار مع برنامج 90 دقيقة أن الإخوان المسلمين و حزب الحرية والعدالة يدركون تماما أنه لابد من احترام ترتيب السلطات، وأن دور مجلس الشعب هو دور تشريعى و رقابى و ليس له دخل بالسلطة التنفيذي.
وأوضح أن من ضمن أولى مهام البرلمان القادم، وضع قانون انتخاب رئيس الجمهورية، فإذا استطاع البرلمان إنجاز هذا القانون فى أوائل الجلسات، فيمكن التسريع بإجراء انتخابات الرئاسة.
وأشار إلى أنه يمكن أن تسير انتخابات الرئاسة بالتوازى مع انتخابات مجلس الشورى اختصارًا للوقت، مؤكدًا أن هذا لا يتعارض مع الإعلان الدستورى، الذى ينص على أن يتم تسليم السلطة لرئيس منتخب بحد أقصى 30 يونيو المقبل، وليس فى 30 يونيو.

حلمي الجزار يكذب بوابة "الأهرام"

حرية دوت كوم
د. حلمي الجزار

22/12/2011 11:25 ص
نفى الدكتور حلمي الجزار المرشح علي رأس القائمة الثانية بمحافظة الجيزة ما نشر علي لسانه في موقع بوابة الأهرام بأن قراصنة اقتحموا موقع "إخوان أون لاين" ووضعوا استطلاعًا علي الرأي يؤيد نقل السلطة لمجلس الشعب الجاري انتخابه.
موضحًا أن ما صرح به لبرنامج "90 دقيقية" مساء أمس كان مخالفًا لذلك تمامًا ولم يذكر فيه اسم موقع الإخوان او اسم أي موقع آخر

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

المستشار طارق البشري: الثورة والسلطة والفوضى



الاربعاء 26 محرم 1433 هـ - 21 ديسمبر 2011م
جريدة الحرية والعدالة                    
                               (1)

إن مسألة الثورة هي مسألة السلطة , الثورة تقوم وهدفها الاساسي تغيير السلطة السياسية , لأقصاء الجماعة الحاكمة , ولوضع نظام سياسي جديد , ولأنشاء مؤسسة حكم تتناسب أوضاعها مع علاقات القوى السياسية والاجتماعية التي أسفرت عنها الثورة , وتكوين مؤسسة مؤهلة لأدارة المجتمع ؛ وفقا لمكونات القوى السياسية والاجتماعية ولتوازناتها التي أسفرت عنها العملية الثورية .
والسلطة مؤسسة نظامية وتشكيل تنظيمي , فلاتنحسم مسألة انتقالها من القوى النظامية السابقة الى قوى سياسية جديدة إلا بتشكيل نظامي ومؤسسي .
إن السلطة مثلها مثل الآلة الميكانكية لايسيطر عليها ويحركها إلا آلة ميكانيكية محركة , تكون قادرة على تجميع أنصارها ومنظميهم , وتكوين ارادة سياسية محددة لهم , وتكون قادرة على تحريكهم وفق هذه الارادة السياسية .. إن أي تشكيل مؤسسي لايسيطر عليه إلا تشكيل مؤسسي أيضا .
أما الحركة العشوائية أو التلقائية فهي لاتنشئ إرادة , ولاتصدر قرارا , ولاتستطيع الانتظام في عمل ينتج أثرا نظاميا محددا ومعينا . إن الحركة التلقائية قد تساند قوى نظامية سياسية في فترات مد ثوري وتعطيها قدرات أكبر , ولكنها وحدها ككوم الحجارة تحتاج الى (( سقالات )) للتراص بالجهد البشري المنظم وتشيد مبنى , ويتعين أن ندرك أنه لابد من تناسب بين القدرة التنظيمية وبين حجم التجمع التلقائي الذي يحيط بها , فإن كان التجمع التلقائي أكبر من قدرتها على التحريك المنظم الواعي لأهداف محددة فسيكون هذا التجمع عبئا على القدرة التنظيمية ؛ لأنه ممكن أن يتأثر ويندفع بنوازع غير محسوبة ولا مقدّرة , فيعوق الحركة المنظمة الواعية الرشيدة , أو يصرفها عن هدفها , أو يعرقل سعيها خضوعا لأعتبارات آنية تلقائية , ويحدث ذلك أيضا عندما تكون القدرات التنظيمية متعددة وغير متعاونة , أو تكون متضاربة , كما يحدث ذلك ايضا عندما تندّس في هذا التجمع التلقائي عناصر تعمل بشكل واع ٍ لأفساد ما يراد من حراك ثوري طيب .

                           (2)

أقول ذلك لأننا نشهد أدوارا كهذه في هذه  الأيام , ولنا أن نقارن ( من الناحية التنظيمية البحتة ) بين الحركة الجماهيرية التي جرت يوم 18 نوفمبر وبين الحركات التي جرت أيام 19 الى 24 نوفمبر , وأنا لا أتكلم هنا عن الأهداف ولا عن برامج بعينها , ولا أقارن بين مضمون تيارات سياسية , ولكني أقارن بين نوعية الحراك ذاته , هل هذا حراك منظم أو حراك تلقائي . وأحاول أن أوضح أثر القدرة التنظيمية والسيطرة التنظيمية على مجريات الأمور والنتاج والنتائج .

حركة 18 نوفمبر كانت نظامية ذات هدف محدد وهو اسقاط وثيقة المبادئ الدستورية والتي كان طرحها نائب رئيس الوزراء , وكانت هذه الحركة نظامية ومحاطة بتأييد شعبي كثيف , وكانت القوى التنظيمية بها ذات هيمنة وفاعلية نظامية مكتسبة من السيطرة على الحراك الشعبي الواسع في تجمعه وفي انهائه , وفي الالتزام بالهدف منه , وأخبرت الكافة مع انتهاء اليوم بأن الوثيقة المطلوب اسقاطها قد سقطت . ولم يسقط فيه مصاب واحد .
أما الحركة الثانية التي بدأت في 19 نوفمبر واستمرت نحو خمسة أيام , فقد شملت قوى منظمة من أحزاب وتنظيمات وائتلافات ناشئة , ولم يكن أي من هذه التنظيمات ذا سيطرة على الحركة , ولا كانت كلها على قدر من التوافق الحركي والسياسي يمكنها مجتمعة من هذه السيطرة ؛ لذلك كاد يغيب عنها الهدف السياسي الذي يسهم في اكمال أهداف ثورة 25 يناير .
وبدا ما يجمع الناس اكثر هو عنف السلطة في التعامل والاحتجاج على هذا العنف , وتولدت لها من القرارات والنداءات المتعددة ما يظهر أنها ليست على تجمع واحد , وبدا من الحركة التلقائية افتقادها للهدف السوي , مثل ما كان من حرص بعض المتظاهرين على الاصرار على بلوغ مبنى وزارة الداخلية لألحاق الاضرار به , وهو ليس هنا سياسيا واعيا , ( إن أعنف الثورات في القرن العشرين وأكثرها تطرفا قامت في روسيا سنة 1917 واقتلعت نظاما سياسيا واجتماعيا , وأبقت على مبنى الكرملين الذي كان يمثل قصر الحكم هناك , فما حاجة الثورة لبغضها لوزارة الداخلية أن تفقد مصر ملفات هذه الوزارة ؟! ) , وهذا لايدل على التلقائية فقط , ولكن يكشف عن فكر كان يريد ليس تعديل نظام الحكم في مصر , ولكن تفكيك الدولة المصرية وإفقادها وجودها المعنوي والمؤسسي . كل هذه الأفعال كان يقصد بها انفلات السلطة وتفكيك المجتمع . كما عرفت هذه الحركة اقتراحات بتعيين أسماء تتولى الحكم في مصر . بغير أي دلالة  تشير الى وجود تنظيمي فعال يسيطر ويضع هذه المطالب , فصارت الحركة التلقائية هي ما يهيمن على التنظيمات غير الفعالة المشتركة بها والمندرجة في اطارها .
نحن نريد للقوى الديمقراطية أن تسيطر على الدولة لا أن تفككها أو تضعفها , لأن التفكيك والاضعاف فيهما – لاقدر الله – دمار للبنية الاجتماعية الوطنية كلها . إن مصر لاتستطيع أن تحيا كجماعة أو أمة أو شعب إلا بدولة تتمكن من ادارة الشأن الاجتماعي لها ؛ لأننا لسنا قبائل ولا طوائف ولا أقاليم يمكن لكل من هؤلاء أن يدير شئون من المندرجين فيه من أبناء القبيلة أو الطائفة أو الاقليم .
ولكننا كنا دائما من أول التاريخ وبدئه شعبا واحدا وجماعة واحدة , وعلى رأسها دولة واحدة تدير شئونها , وقد بدأت الحضارة المصرية مع بدء الدولة المصرية . نحن نريد لها أن تكون قوية عزيزة وأن تقوى بالديمقراطية ولاتضعف .
لقد بقى في حركة 19 نوفمبر أذيال غير واضحة الاهداف وغير معروفة القيادات السياسية الفعالة وغير محددة التنظيمات , وكان ما انجذب اليها من مفكرين وكتاب ودعاة وتنظيمات صغيرة أو ناشئة كان اقرب الى الانفعال بها الى أن يكون قائدا لها .

فأصابت التلقائية هذه التظاهرة وتعرضت بما تتعرض له الحركة التلقائية من مخاطر السيطرة غير المرئية .

                          (3)

ونحن في مصر لدينا تجارب تاريخية مأساوية في الأثر الضار الذي انتجته التلقائية في حركاتنا الثورية , ويجب ان نستدعي خبرة التاريخ في هذا الصدد .

يتعين أن نستدعي أحداث الثورات العرابية في 1881- 1882 , ففي غمار أحداث الثورة والصراع على السلطة بين القوى الوطنية الديمقراطية وبين قوى الاستبداد والسيطرة الاجنبية , وتجئ البوارج الحربية البريطانية والفرنسية تحيط بمياه الاسكندرية وتهدد مصر بالضرب والاحتلال انتصارا لقوى الاستبداد برئاسة الخديوي توفيق , في غمار هذا السياق الحاد حدثت ما عرف في التاريخ المصري بحادث (( الملطي )) و (( المكاري )) .

في الاسكندرية اذ استخدم أحد الملطيين التابعين لأنجلترا حمارا يملكه مكاري (( أي صاحب حمار )) في تنقلاته لأكثر من نصف نهار , ثم حدثت مشادى بينهما حول الأجرة المستحقة فقتل الملطي والمكاري , وحدث اشتباك تلقائي بين المصريين وأجانب في عموم الاسكندرية قتل فيه من الجانبين , قدّره بعض المؤرخين 50 اجنبيا و 250 قتيلا مصريا , وأسفر الحادث عن توتر عظيم في الوضع السياسي بما أحرج رجال الثورة الوطنية الديمقراطية وأحاطهم بتهم العدوان على الأجانب , كان ذلك في يوم ال 10 من يونيو 1882 , وفي ظل هذا الحادث المتسم بالعشوائية والتلقائية , ضربت البوارج البريطانية والفرنسية في ال 11 من يوليو 1882 مدينة الاسكندرية كمقدمة لأفشال ثورة عرابي واحتلال مصر , الذي جرى في الشهور التالية , وقضى على الحركة الدستورية الديمقراطية التي تقودها حركة عرابي في حكم مصر .
كما يتعين أن نستدعي أحداث حريق القاهرة في ال 26 من يناير 1952 ؛ أذ نحن في غمرة حركة شعبية ثورية ضد الاحتلال البريطاني , وبين اجلاء الانجليز بالكفاح المسلح , وفي غمرة هذه الحركة بوصفها حركة ديمقراطية أيضا تشكل بها مصر سلطتها الديمقراطية الوطنية , حدث ان اعتدى الانجليز على قسم الشرطة في مدينة الاسماعيلية وقاومهم جنود الشرطة , وقتل الانجليز عددا من الضباط والجنود المقاومين , وأشاع الحادث غضبا عارما بين المصريين , ذُكر بحادث 11 يونيو 1882 , وحادث دنشواي في 1906, واجتمع مجلس الوزراء لبحث قطع العلاقات السياسية مع بريطانيا , وخرجت في اليوم التالي مظاهرات عارمة بدأت بالكلية وجنود الشرطة والجيش متحدين ثائرين , وحدثت مشادة بين شخص يجلس في كازينو بميدان الاوبرا وبعض المتظاهرين , فانطلقت أحداث العنف والتحطيم واشعال الحرائق , واندس من اندس بين المتظاهرين , وأسفرت الأحداث في نهاية اليوم ذاته عن حرق 700 محل تجاري من أكبر المحال , وسينمات وكازينوات وفنادق ومكاتب ونواد .
جره ذلك بوسائل تدمير واستخدام مواد سريعة الالتهاب تهدم المباني وتقوض الأركان , وانتهي اليوم نفسه مع ما تضمن الحريق من تدمير للحالة الثورية , فأقيمت الوزارة الوطنية وحل مجلس النواب الديمقراطي , وجرى السعى الى تقويض اركان الحركة الوطنية الديمقراطية ؛ وهي في قمة تألقها الثوري , ودخلت مصر في نفق مظلم كان من شأنه أن يطول لولا ان تداركته حركة الجيش في 23 يوليو 1952.

                         (4)

أقصد بهذه الأمثلة التاريخية إثارة الانتباه حول مايدبر لأجهاض الثورة , واستغلال الحركات التلقائية التي يكون الجانب التنظيمي فيها أضعف وأعجز من الزخم الشعبي الحادث .

إن أعداء الثورات لايتركون الثورات تكمل تحقيق أهدافها , وهم في سعيهم الى الانتكاس بالأوضاع التي خلعتهم أو تهدد بخلعهم الوشيك , يلجئون الى كل الوسائل الشريرة التي تمكنهم من هزيمة القوى الثورية ومن أهم مايساعدهم على ذلك أن يكون الزخم الشعبي التلقائي أكبر من أن يندرج في قيادة القوة الثورية النظامية الرشيدة , فيدخلون في هذه الثورة , وهم يدخلون أحيانا باسم العمل الثوري نفسه , ولكن ينحرفون عن مساره الرشيد .
إن الثورة ليست عملا سهلا , وليست أمرا يتحقق في يوم وليلة , ولكنه حراك متطاول المدى النسبي بين قوى الثورة وأعدائها , وبين فصائل القوى الثورية نفسها حول تأثير النفوذ وتعديل موازين العلاقات بين هذه القوى , وكل ذلك يحتاج الى جهد جهيد .
أول عناصره ؛ الوعي بالهدف الأصلي , وإدراك الخطوات التي يتحقق بها في أرض الواقع , وحسم مسألة الأولويات السياسية على هذا الأساس , وهذا كله في ظروف الالتباسات التي تحدث يحتاج الى أن تكون الحركة نظامية بقدر الامكان . وتكون السيطرة على الجانب التلقائي فعالة ونشطة , ونحن نعرف بفخر شديد كيف كان رجال ثورة 25 يناير في تجماعتهم الرشيدة والناجحة , كيف كانوا يحمون تجمعهم المبارك بالتأكيد من شخصيات المشاركين وتفتيشهم أحيانا .

                          (5)

نحن الآن في نهاية المرحلة الانتقالية التي يحقق بانتهائها بإذن الله تعالى أهم أهداف الثورة الحاضرة , وهو إنشاء المؤسسات الديمقراطية المنتخبة انتخابا شعبيا نزيها , وقد اقتربنا جدا من هذا الانجاز التاريخي الكبير .
ونحن نلحظ أن المجلس العسكري الذي يدير الدولة في هذه الفترة الانتقالية ؛ وكان ممن شارك في انجاز الثورة في 10 فبراير 2011 فلولا هذه المشاركة الحاسمة لما كانت الثورة تتم بهذه الصورة التي جرت بها , وبهذه السلمية التي حدثت وبهذه السرعة في الانجاز , فيرعى انجاز هدف الثورة بما يشرف عليه من ادارة الحركة الانتخابية بحيادية ونزاهة , ووفقا للخطة المرسومة .
هذا المجلس كانت بعض القوى السياسية تؤيده وتحاول أن تثنيه عن السرعة في انجاز المؤسسات الديمقراطية , بما ألحت عليه وأصرت من المطالبة بتأجيل الانتخابات الى أعوام يستفيدون منها , وبما طالبوا به من تشكيل لجنة الدستور بالتعيين بدلا من الانتخاب , وبما عرضوه من وجوب تعيين لجنة معينة برئاسة الدولة , وباختيار رئيس الجمهورية قبل انتخاب المجلس النيابي , ( وكلها مطالب غير ديمقراطية ) , وبما أثروه من التخويف من اضطراب الأمن اذا بدأت العملية الانتخابية في المواعيد التي كانت مقررة , فلما يئست هذه القوى من الاستجابة لهذه المطالب غير الديمقراطية , وأبدى المجلس العسكري عزمه على انجاز الوعد  الديمقراطي , وصدر له جدول زمني لتسليم السلطة بعد إنشاء المؤسسات الديمقراطية , بدءوا يشنون عليه حملاتهم ويتهمونه بعدم الديمقراطية , لتكتمل الفترة الانتقالية ويطالبونه بالتنحي وترك السلطة .
كما نلحظ أن وسائل الاعلام في أغلبها سارت ذات المسار السابق , واتخذت ذات الموقف , وتواكب كل ذلك مع الحركات العفوية والتلقائية التي ظهرت في ميدان التحرير والشوارع المحيطة به والمتصل بمباني الحكومة الرئيسية وتهديد هذه المباني والعدوان عليها , وهي حركات عفوية لايسيطر عليها تنظيم سياسي معروف , ولاتربطها علاقات عضوية بأي من التنظيمات الظاهرة , ولاتملك هذه التنظيمات وسائل فعالة للتأثير فيها أو في حركتها , ولكن الاعلام يكفل لهذه الحركات غطاء سياسيا يناسب تحويل فعلها التلقائي والنشاط الخفي الذي قد يكمن وراء بعضها  , يناسب تحويل فعلها هذا الى عمل سياسي معارض .
إن الحركة العفوية التلقائية هذه من السذاجة أن نعتبرها كذلك فقط ؛ لأنها تخضع لفعل فاعل لتحقيق ما يستحيل أن يكون من أهداف حركة ثورية حقيقية , وهي ما يذكرنا بحادث 12 يونيو 1882 و 26 يناير 1952.

                         (6)

إن من يطالب المجلس العسكري بترك السلطة لايختلف مع المجلس العسكري في ذلك ؛ لأن المجلس عازم على تركها , وقد اتخذ من الوسائل السياسية والبرامج الفعلية ما تعد به المنشآت السياسية التي تنقل اليها السلطة بأسلوب ديمقراطي وانتخابي وشعبي , وهو في ذات الوقت يدعم الدولة , ويدعم الاستقرار في عملية نقل السلطة وتحقق انجازات ثورة 25 يناير 2011.

وليس المقصود من مطالبته بترك السلطة بالطريقة الحاصلة , وفي أثناء القيام بعملية الانتخابات لمجلس الشعب , ليس المقصود من ذلك , وليس مؤداه الواقعي ألا تحقق الفوضى وكسر الدولة وشيوع العفوية في المجتمع كله , وألا يتحقق انشاء الأجهزة الديمقراطية والمنتخبة التي تنتقل اليها السلطة في هذه الدولة .
إن ما هو مطلوب الآن أن القوى السياسية المنظمة القادرة على التحريك المنظم وتبين حقيقة أهداف الثورة الديمقراطية التي يجب أن تحقق مع كمال تماسك الدولة وقوتها الأمنية والادارية , على هذه القوى أن تتجاوب مع فعل الدولة والمجلس العسكري الآن في حفظ تماسك المجتمع المصري دولة وجيشا وتنظيمات أهلية فعالة وقوية , يتماسك فيها في وجه التلقائية غير المعروفة المصدر وغير المعروف من يقف خلفها .
والى المجلس العسكري ورجاله , أقول اعانكم الله سبحانه وتعالى ومصر في أمانتكم والدولة المصرية العتيدة في حراستكم , وهدف الديمقراطية أرجو ان يستكمل ان شاء الله تعالى على ايديكم الامينة في البرنامج المحسوب والمعلن منكم , وأنتم أهل شرف عسكري فلا تتركوا هذه الأمانات ولترعوها حق رعايتها , ولكم الأجر من الله سبحانه , ومن الوطن والتاريخ , حفظ الله مصر وألهمها الرشاد .
والحمد لله

المستشار طارق البشري: الثورة والسلطة والفوضى 

 



الاربعاء 26 محرم 1433 هـ - 21 ديسمبر 2011م
جريدة الحرية والعدالة                    
                               (1)

إن مسألة الثورة هي مسألة السلطة , الثورة تقوم وهدفها الاساسي تغيير السلطة السياسية , لأقصاء الجماعة الحاكمة , ولوضع نظام سياسي جديد , ولأنشاء مؤسسة حكم تتناسب أوضاعها مع علاقات القوى السياسية والاجتماعية التي أسفرت عنها الثورة , وتكوين مؤسسة مؤهلة لأدارة المجتمع ؛ وفقا لمكونات القوى السياسية والاجتماعية ولتوازناتها التي أسفرت عنها العملية الثورية .
والسلطة مؤسسة نظامية وتشكيل تنظيمي , فلاتنحسم مسألة انتقالها من القوى النظامية السابقة الى قوى سياسية جديدة إلا بتشكيل نظامي ومؤسسي .
إن السلطة مثلها مثل الآلة الميكانكية لايسيطر عليها ويحركها إلا آلة ميكانيكية محركة , تكون قادرة على تجميع أنصارها ومنظميهم , وتكوين ارادة سياسية محددة لهم , وتكون قادرة على تحريكهم وفق هذه الارادة السياسية .. إن أي تشكيل مؤسسي لايسيطر عليه إلا تشكيل مؤسسي أيضا .
أما الحركة العشوائية أو التلقائية فهي لاتنشئ إرادة , ولاتصدر قرارا , ولاتستطيع الانتظام في عمل ينتج أثرا نظاميا محددا ومعينا . إن الحركة التلقائية قد تساند قوى نظامية سياسية في فترات مد ثوري وتعطيها قدرات أكبر , ولكنها وحدها ككوم الحجارة تحتاج الى (( سقالات )) للتراص بالجهد البشري المنظم وتشيد مبنى , ويتعين أن ندرك أنه لابد من تناسب بين القدرة التنظيمية وبين حجم التجمع التلقائي الذي يحيط بها , فإن كان التجمع التلقائي أكبر من قدرتها على التحريك المنظم الواعي لأهداف محددة فسيكون هذا التجمع عبئا على القدرة التنظيمية ؛ لأنه ممكن أن يتأثر ويندفع بنوازع غير محسوبة ولا مقدّرة , فيعوق الحركة المنظمة الواعية الرشيدة , أو يصرفها عن هدفها , أو يعرقل سعيها خضوعا لأعتبارات آنية تلقائية , ويحدث ذلك أيضا عندما تكون القدرات التنظيمية متعددة وغير متعاونة , أو تكون متضاربة , كما يحدث ذلك ايضا عندما تندّس في هذا التجمع التلقائي عناصر تعمل بشكل واع ٍ لأفساد ما يراد من حراك ثوري طيب .

                           (2)

أقول ذلك لأننا نشهد أدوارا كهذه في هذه  الأيام , ولنا أن نقارن ( من الناحية التنظيمية البحتة ) بين الحركة الجماهيرية التي جرت يوم 18 نوفمبر وبين الحركات التي جرت أيام 19 الى 24 نوفمبر , وأنا لا أتكلم هنا عن الأهداف ولا عن برامج بعينها , ولا أقارن بين مضمون تيارات سياسية , ولكني أقارن بين نوعية الحراك ذاته , هل هذا حراك منظم أو حراك تلقائي . وأحاول أن أوضح أثر القدرة التنظيمية والسيطرة التنظيمية على مجريات الأمور والنتاج والنتائج .

حركة 18 نوفمبر كانت نظامية ذات هدف محدد وهو اسقاط وثيقة المبادئ الدستورية والتي كان طرحها نائب رئيس الوزراء , وكانت هذه الحركة نظامية ومحاطة بتأييد شعبي كثيف , وكانت القوى التنظيمية بها ذات هيمنة وفاعلية نظامية مكتسبة من السيطرة على الحراك الشعبي الواسع في تجمعه وفي انهائه , وفي الالتزام بالهدف منه , وأخبرت الكافة مع انتهاء اليوم بأن الوثيقة المطلوب اسقاطها قد سقطت . ولم يسقط فيه مصاب واحد .
أما الحركة الثانية التي بدأت في 19 نوفمبر واستمرت نحو خمسة أيام , فقد شملت قوى منظمة من أحزاب وتنظيمات وائتلافات ناشئة , ولم يكن أي من هذه التنظيمات ذا سيطرة على الحركة , ولا كانت كلها على قدر من التوافق الحركي والسياسي يمكنها مجتمعة من هذه السيطرة ؛ لذلك كاد يغيب عنها الهدف السياسي الذي يسهم في اكمال أهداف ثورة 25 يناير .
وبدا ما يجمع الناس اكثر هو عنف السلطة في التعامل والاحتجاج على هذا العنف , وتولدت لها من القرارات والنداءات المتعددة ما يظهر أنها ليست على تجمع واحد , وبدا من الحركة التلقائية افتقادها للهدف السوي , مثل ما كان من حرص بعض المتظاهرين على الاصرار على بلوغ مبنى وزارة الداخلية لألحاق الاضرار به , وهو ليس هنا سياسيا واعيا , ( إن أعنف الثورات في القرن العشرين وأكثرها تطرفا قامت في روسيا سنة 1917 واقتلعت نظاما سياسيا واجتماعيا , وأبقت على مبنى الكرملين الذي كان يمثل قصر الحكم هناك , فما حاجة الثورة لبغضها لوزارة الداخلية أن تفقد مصر ملفات هذه الوزارة ؟! ) , وهذا لايدل على التلقائية فقط , ولكن يكشف عن فكر كان يريد ليس تعديل نظام الحكم في مصر , ولكن تفكيك الدولة المصرية وإفقادها وجودها المعنوي والمؤسسي . كل هذه الأفعال كان يقصد بها انفلات السلطة وتفكيك المجتمع . كما عرفت هذه الحركة اقتراحات بتعيين أسماء تتولى الحكم في مصر . بغير أي دلالة  تشير الى وجود تنظيمي فعال يسيطر ويضع هذه المطالب , فصارت الحركة التلقائية هي ما يهيمن على التنظيمات غير الفعالة المشتركة بها والمندرجة في اطارها .
نحن نريد للقوى الديمقراطية أن تسيطر على الدولة لا أن تفككها أو تضعفها , لأن التفكيك والاضعاف فيهما – لاقدر الله – دمار للبنية الاجتماعية الوطنية كلها . إن مصر لاتستطيع أن تحيا كجماعة أو أمة أو شعب إلا بدولة تتمكن من ادارة الشأن الاجتماعي لها ؛ لأننا لسنا قبائل ولا طوائف ولا أقاليم يمكن لكل من هؤلاء أن يدير شئون من المندرجين فيه من أبناء القبيلة أو الطائفة أو الاقليم .
ولكننا كنا دائما من أول التاريخ وبدئه شعبا واحدا وجماعة واحدة , وعلى رأسها دولة واحدة تدير شئونها , وقد بدأت الحضارة المصرية مع بدء الدولة المصرية . نحن نريد لها أن تكون قوية عزيزة وأن تقوى بالديمقراطية ولاتضعف .
لقد بقى في حركة 19 نوفمبر أذيال غير واضحة الاهداف وغير معروفة القيادات السياسية الفعالة وغير محددة التنظيمات , وكان ما انجذب اليها من مفكرين وكتاب ودعاة وتنظيمات صغيرة أو ناشئة كان اقرب الى الانفعال بها الى أن يكون قائدا لها .

فأصابت التلقائية هذه التظاهرة وتعرضت بما تتعرض له الحركة التلقائية من مخاطر السيطرة غير المرئية .

                          (3)

ونحن في مصر لدينا تجارب تاريخية مأساوية في الأثر الضار الذي انتجته التلقائية في حركاتنا الثورية , ويجب ان نستدعي خبرة التاريخ في هذا الصدد .

يتعين أن نستدعي أحداث الثورات العرابية في 1881- 1882 , ففي غمار أحداث الثورة والصراع على السلطة بين القوى الوطنية الديمقراطية وبين قوى الاستبداد والسيطرة الاجنبية , وتجئ البوارج الحربية البريطانية والفرنسية تحيط بمياه الاسكندرية وتهدد مصر بالضرب والاحتلال انتصارا لقوى الاستبداد برئاسة الخديوي توفيق , في غمار هذا السياق الحاد حدثت ما عرف في التاريخ المصري بحادث (( الملطي )) و (( المكاري )) .

في الاسكندرية اذ استخدم أحد الملطيين التابعين لأنجلترا حمارا يملكه مكاري (( أي صاحب حمار )) في تنقلاته لأكثر من نصف نهار , ثم حدثت مشادى بينهما حول الأجرة المستحقة فقتل الملطي والمكاري , وحدث اشتباك تلقائي بين المصريين وأجانب في عموم الاسكندرية قتل فيه من الجانبين , قدّره بعض المؤرخين 50 اجنبيا و 250 قتيلا مصريا , وأسفر الحادث عن توتر عظيم في الوضع السياسي بما أحرج رجال الثورة الوطنية الديمقراطية وأحاطهم بتهم العدوان على الأجانب , كان ذلك في يوم ال 10 من يونيو 1882 , وفي ظل هذا الحادث المتسم بالعشوائية والتلقائية , ضربت البوارج البريطانية والفرنسية في ال 11 من يوليو 1882 مدينة الاسكندرية كمقدمة لأفشال ثورة عرابي واحتلال مصر , الذي جرى في الشهور التالية , وقضى على الحركة الدستورية الديمقراطية التي تقودها حركة عرابي في حكم مصر .
كما يتعين أن نستدعي أحداث حريق القاهرة في ال 26 من يناير 1952 ؛ أذ نحن في غمرة حركة شعبية ثورية ضد الاحتلال البريطاني , وبين اجلاء الانجليز بالكفاح المسلح , وفي غمرة هذه الحركة بوصفها حركة ديمقراطية أيضا تشكل بها مصر سلطتها الديمقراطية الوطنية , حدث ان اعتدى الانجليز على قسم الشرطة في مدينة الاسماعيلية وقاومهم جنود الشرطة , وقتل الانجليز عددا من الضباط والجنود المقاومين , وأشاع الحادث غضبا عارما بين المصريين , ذُكر بحادث 11 يونيو 1882 , وحادث دنشواي في 1906, واجتمع مجلس الوزراء لبحث قطع العلاقات السياسية مع بريطانيا , وخرجت في اليوم التالي مظاهرات عارمة بدأت بالكلية وجنود الشرطة والجيش متحدين ثائرين , وحدثت مشادة بين شخص يجلس في كازينو بميدان الاوبرا وبعض المتظاهرين , فانطلقت أحداث العنف والتحطيم واشعال الحرائق , واندس من اندس بين المتظاهرين , وأسفرت الأحداث في نهاية اليوم ذاته عن حرق 700 محل تجاري من أكبر المحال , وسينمات وكازينوات وفنادق ومكاتب ونواد .
جره ذلك بوسائل تدمير واستخدام مواد سريعة الالتهاب تهدم المباني وتقوض الأركان , وانتهي اليوم نفسه مع ما تضمن الحريق من تدمير للحالة الثورية , فأقيمت الوزارة الوطنية وحل مجلس النواب الديمقراطي , وجرى السعى الى تقويض اركان الحركة الوطنية الديمقراطية ؛ وهي في قمة تألقها الثوري , ودخلت مصر في نفق مظلم كان من شأنه أن يطول لولا ان تداركته حركة الجيش في 23 يوليو 1952.

                         (4)

أقصد بهذه الأمثلة التاريخية إثارة الانتباه حول مايدبر لأجهاض الثورة , واستغلال الحركات التلقائية التي يكون الجانب التنظيمي فيها أضعف وأعجز من الزخم الشعبي الحادث .

إن أعداء الثورات لايتركون الثورات تكمل تحقيق أهدافها , وهم في سعيهم الى الانتكاس بالأوضاع التي خلعتهم أو تهدد بخلعهم الوشيك , يلجئون الى كل الوسائل الشريرة التي تمكنهم من هزيمة القوى الثورية ومن أهم مايساعدهم على ذلك أن يكون الزخم الشعبي التلقائي أكبر من أن يندرج في قيادة القوة الثورية النظامية الرشيدة , فيدخلون في هذه الثورة , وهم يدخلون أحيانا باسم العمل الثوري نفسه , ولكن ينحرفون عن مساره الرشيد .
إن الثورة ليست عملا سهلا , وليست أمرا يتحقق في يوم وليلة , ولكنه حراك متطاول المدى النسبي بين قوى الثورة وأعدائها , وبين فصائل القوى الثورية نفسها حول تأثير النفوذ وتعديل موازين العلاقات بين هذه القوى , وكل ذلك يحتاج الى جهد جهيد .
أول عناصره ؛ الوعي بالهدف الأصلي , وإدراك الخطوات التي يتحقق بها في أرض الواقع , وحسم مسألة الأولويات السياسية على هذا الأساس , وهذا كله في ظروف الالتباسات التي تحدث يحتاج الى أن تكون الحركة نظامية بقدر الامكان . وتكون السيطرة على الجانب التلقائي فعالة ونشطة , ونحن نعرف بفخر شديد كيف كان رجال ثورة 25 يناير في تجماعتهم الرشيدة والناجحة , كيف كانوا يحمون تجمعهم المبارك بالتأكيد من شخصيات المشاركين وتفتيشهم أحيانا .

                          (5)

نحن الآن في نهاية المرحلة الانتقالية التي يحقق بانتهائها بإذن الله تعالى أهم أهداف الثورة الحاضرة , وهو إنشاء المؤسسات الديمقراطية المنتخبة انتخابا شعبيا نزيها , وقد اقتربنا جدا من هذا الانجاز التاريخي الكبير .
ونحن نلحظ أن المجلس العسكري الذي يدير الدولة في هذه الفترة الانتقالية ؛ وكان ممن شارك في انجاز الثورة في 10 فبراير 2011 فلولا هذه المشاركة الحاسمة لما كانت الثورة تتم بهذه الصورة التي جرت بها , وبهذه السلمية التي حدثت وبهذه السرعة في الانجاز , فيرعى انجاز هدف الثورة بما يشرف عليه من ادارة الحركة الانتخابية بحيادية ونزاهة , ووفقا للخطة المرسومة .
هذا المجلس كانت بعض القوى السياسية تؤيده وتحاول أن تثنيه عن السرعة في انجاز المؤسسات الديمقراطية , بما ألحت عليه وأصرت من المطالبة بتأجيل الانتخابات الى أعوام يستفيدون منها , وبما طالبوا به من تشكيل لجنة الدستور بالتعيين بدلا من الانتخاب , وبما عرضوه من وجوب تعيين لجنة معينة برئاسة الدولة , وباختيار رئيس الجمهورية قبل انتخاب المجلس النيابي , ( وكلها مطالب غير ديمقراطية ) , وبما أثروه من التخويف من اضطراب الأمن اذا بدأت العملية الانتخابية في المواعيد التي كانت مقررة , فلما يئست هذه القوى من الاستجابة لهذه المطالب غير الديمقراطية , وأبدى المجلس العسكري عزمه على انجاز الوعد  الديمقراطي , وصدر له جدول زمني لتسليم السلطة بعد إنشاء المؤسسات الديمقراطية , بدءوا يشنون عليه حملاتهم ويتهمونه بعدم الديمقراطية , لتكتمل الفترة الانتقالية ويطالبونه بالتنحي وترك السلطة .
كما نلحظ أن وسائل الاعلام في أغلبها سارت ذات المسار السابق , واتخذت ذات الموقف , وتواكب كل ذلك مع الحركات العفوية والتلقائية التي ظهرت في ميدان التحرير والشوارع المحيطة به والمتصل بمباني الحكومة الرئيسية وتهديد هذه المباني والعدوان عليها , وهي حركات عفوية لايسيطر عليها تنظيم سياسي معروف , ولاتربطها علاقات عضوية بأي من التنظيمات الظاهرة , ولاتملك هذه التنظيمات وسائل فعالة للتأثير فيها أو في حركتها , ولكن الاعلام يكفل لهذه الحركات غطاء سياسيا يناسب تحويل فعلها التلقائي والنشاط الخفي الذي قد يكمن وراء بعضها  , يناسب تحويل فعلها هذا الى عمل سياسي معارض .
إن الحركة العفوية التلقائية هذه من السذاجة أن نعتبرها كذلك فقط ؛ لأنها تخضع لفعل فاعل لتحقيق ما يستحيل أن يكون من أهداف حركة ثورية حقيقية , وهي ما يذكرنا بحادث 12 يونيو 1882 و 26 يناير 1952.

                         (6)

إن من يطالب المجلس العسكري بترك السلطة لايختلف مع المجلس العسكري في ذلك ؛ لأن المجلس عازم على تركها , وقد اتخذ من الوسائل السياسية والبرامج الفعلية ما تعد به المنشآت السياسية التي تنقل اليها السلطة بأسلوب ديمقراطي وانتخابي وشعبي , وهو في ذات الوقت يدعم الدولة , ويدعم الاستقرار في عملية نقل السلطة وتحقق انجازات ثورة 25 يناير 2011.

وليس المقصود من مطالبته بترك السلطة بالطريقة الحاصلة , وفي أثناء القيام بعملية الانتخابات لمجلس الشعب , ليس المقصود من ذلك , وليس مؤداه الواقعي ألا تحقق الفوضى وكسر الدولة وشيوع العفوية في المجتمع كله , وألا يتحقق انشاء الأجهزة الديمقراطية والمنتخبة التي تنتقل اليها السلطة في هذه الدولة .
إن ما هو مطلوب الآن أن القوى السياسية المنظمة القادرة على التحريك المنظم وتبين حقيقة أهداف الثورة الديمقراطية التي يجب أن تحقق مع كمال تماسك الدولة وقوتها الأمنية والادارية , على هذه القوى أن تتجاوب مع فعل الدولة والمجلس العسكري الآن في حفظ تماسك المجتمع المصري دولة وجيشا وتنظيمات أهلية فعالة وقوية , يتماسك فيها في وجه التلقائية غير المعروفة المصدر وغير المعروف من يقف خلفها .
والى المجلس العسكري ورجاله , أقول اعانكم الله سبحانه وتعالى ومصر في أمانتكم والدولة المصرية العتيدة في حراستكم , وهدف الديمقراطية أرجو ان يستكمل ان شاء الله تعالى على ايديكم الامينة في البرنامج المحسوب والمعلن منكم , وأنتم أهل شرف عسكري فلا تتركوا هذه الأمانات ولترعوها حق رعايتها , ولكم الأجر من الله سبحانه , ومن الوطن والتاريخ , حفظ الله مصر وألهمها الرشاد .
والحمد لله

 

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

الفضيحة والجريمة بالصور 

 

الإثنين, 19 ديسمبر 2011

بقلم: فهمى هويدى 

 الصورة التى طيرتها وكالات الأنباء إلى أرجاء الكرة الأرضية، وتصدرت أمس الصفحات الأولى لكبريات الصحف فى العالم كانت للفتاة المصرية المحجبة، التى ألقيت على الأرض وأوسعها بعض «الأشاوس» ضربا بعصيهم حتى مزقوا ثيابها وكشفوا عورتها. وقد رأينا أحدهم وهو يركل بطنها العارية بحذائه، فى حين جرها آخرون من زملائه من شعرها وثيابها، فى مشهد يقشعر له البدن ويزلزل كيان أى ضمير حى. لم يكن أسوأ ما فيه فقط بشاعة المنظر ووحشيته، وإنما أيضا درجة الغل والقسوة التى تبدت فى سلوك الجنود الذين ارتدوا الثياب العسكرية. الصورة المروعة تصعق من يراها وتصيبه بالذهول والدوار. حيث لا يصدق أحد ــ مهما شطح به الخيال أو ذهب به سوء الظن ــ ان ذلك يمكن أن يحدث لمصرى أو مصرية بعد عشرة أشهر من الثورة التى ما قامت إلا لكى تدافع عن كرامة المواطنين وعزتهم. دعك من أن الصورة تحولت إلى فضيحة عالمية تشعر كل مصرى بالخزى والعار. ولا أعرف ما هو شعور أعضاء المجلس العسكرى أو حكومة «الإنقاذ» أو أعضاء المجلس الاستشارى الذين جئ بهم لكى يكونوا عونا للعسكر حتى تنتهى المرحلة الانتقالية، لكننى أزعم أن الصورة سوّدت وجوه الجميع ولطخت صفحتهم بحيث ما عاد ممكنا أن يطمئن المرء أو يثق فيما يصدر عن أى من هؤلاء جميعا. أدرى أن البيانات والتصريحات الرسمية تحدثت عن مندسين ومخربين وبلطجية، وهو ما لا أستبعده ولدى استعداد لتصديقه مؤقتا. لكن هذا الذى رأيناه فى الصورة الصاعقة لا ينبغى أن يمر دون اعتذار وحساب وعقاب. ولا أعرف إن كان ذلك كافيا أم لا، لكن من حقنا أن نعرف من هؤلاء ومن الذى أصدر إليهم أوامر الانقضاض على المتظاهرين واستباحة كرامتهم وأعراضهم ودمائهم بهذه الصورة البشعة التى أزعم أنها أهانت المصريين جميعا. لقد أحسنت صحيفة «التحرير» حين أبرزت الصورة على ثمانية أعمدة واحتلت رأس الصفحة الأولى أمس، واحسنت أيضا حين ذكرت إلى جانب الصورة ان «المجلس العسكرى بنفى إطلاق الرصاص ــ والجنزورى يقول إنه لم يلجأ إلى العنف» ــ وتحت هذا الإعلان نشرت الصحيفة كلمة «كذابون» بحروف كبيرة ولون أحمر فاقع. وهو وصف ما تمنيت أن يذكر، لكنى وجدت أنه فى اللحظة الراهنة التعليق المهذب الوحيد الذى يمكن أن يذكر إلى جانب الصورة. أدرى أن صورا أخرى ليست أقل بشاعة نشرتها صحف الصباح أمس، وكلها تعد تكذيبا عمليا قاطعا لكل ما صدر من بيانات أو ايضاحات رسمية حول ما جرى، الأمر الذى لا أشك فى أنه أحدث أزمة ثقة عميقة بين الجماهير وبين كل القائمين على الأمر فى البلد هذه الأيام. حيث لا نستطيع أن نبرئ ساحة أى واحد منهم مهما صدر عنه من أعذار ومهما كان موقعه. لقد رأينا صورا على شبكة التواصل الاجتماعى قيل إن المجلس العسكرى بثها ليثبت أن هناك مؤامرة تخريبية استهدفت أحداث الفتنة فى البلد، التى طالت مبنى المجتمع العلمى المصرى وأدت إلى إحراق نفائسه التى تشكل مساحة كبيرة من الذاكرة المصرية. لكن من حقنا أن نتساءل عن تلك المؤامرة الجهنمية التى فشل المجلس العسكرى فى إحباطها، وعجزت الأجهزة الأمنية فى البلد عن أن تمسك بخيوطها طوال الأشهر العشرة الماضية. من حقنا أن نتعرف على أدلة المؤامرة، وأن نطالب بمحاسبة الذين فشلوا فى وضع حد لها، ثم إننا إذا قبلنا جدلا بقصة المؤامرة، فإن وجودها لا يسوغ ذلك الانقضاض الوحشى على المتظاهرين، وتلك المعاملة غير الإنسانية للذين تطولهم أيدى الجنود الذين تعاملوا مع شباب مصر وبناتها باعتبارهم سبايا و«أعداء» ينبغى إذلالهم وسحقهم. حتى الاعتذار الآن ما عاد مقبولا ما لم يقترن بمحاكمة المسئولين عن قمع المتظاهرين واستباحتهم. بالأخص أولئك الذين أصدروا الأوامر. ولا يكفى ذلك أن تلبس التهمة لجندى أو ضابط صغير، لأن الكبار هم الذين يصدرون مثل هذه التعليمات. لقد كان ملفتا للانتباه أن تفجير الموقف فى ميدان التحرير الذى أدى إلى قتل نحو أربعين مصريا تم متزامنا مع المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية. أما محاولة فض الاعتصام من أمام مجلس الوزراء هذه المرة فقد جاء متزامنا مع المرحلة الثانية، ولا أعرف ما الذى ينتظر المرحلة الثالثة، لكنى صرت أشك فى هذه المصادفة. الأمر الذى دفعنى إلى التساؤل عن هوية ومقاصد الذين يدبرون أو يفتعلون تلك الحوادث. ليس أمامنا الآن سوى أن نطالب بالإسراع بخطى رحيل المجلس العسكرى، الذى طغت مشاعر رفض سياساته فى الوقت الراهن على مشاعر الود والتفاؤل الذى استقبل بها حين أعلن انحيازه إلى مطالب الشعب الثائر. بالتالى فلا مفر من الانتظار لعدة أسابيع حتى تتم المرحلة الثالثة من الانتخابات، لكى يكون بمقدورنا أن نطالب المجلس العسكرى بالرحيل، إذ يصبح لدينا كيان منتخب بديل نستطيع أن نقول اننا اخترناه، وبوسعنا أن نحاسبه، لأننا لا نعرف الآن كيف نحاسب المجلس العسكرى، وان كنا نظن أن حساب التاريخ معه بعد الذى جرى سيكون عسيرا.

السبت، 17 ديسمبر 2011

الآلاف يشيعون جثمان الشيخ عماد عفت


17-12-2011 

اخوان اون لاين
كتب- أسامة عبد السلام:
شيّع الآلاف من علماء ودعاة الأزهر الشريف ونشطاء الحركات الوطنية جثمان الشيخ عماد عفت أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية عقب صلاة العصر من الجامع الأزهر، والذي استشهد إثر طلق ناري في الأحداث الجارية أمام مجلس الوزراء. وأَمَّ المصلين في صلاة الجنازة الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، وسط إجهاش المفتي والمصلين بالبكاء؛ حيث يعد الشيخ عماد عفت أحد تلاميذ المفتي، وكان يثني عليه ثناءً عظيمًا؛ حيث كان يقول له: "يا شيخ عماد أنت معك كنز" يقصد علوم اللغة العربية. وعقب انتهاء الصلاة هتف المصلون: "لا إله إلا الله.. يا نجيب حقهم يا نموت زيهم، حسبنا الله ونعم الوكيل، والله أكبر ولله الحمد"، فيما قرر المشيعون التحرك بالجثمان في مسيرةٍ متجهةٍ إلى السيدة عائشة حيث مثواه الأخير، مرددين هتافات تطالب بالقصاص من قتلة الشيخ عماد عفت وكل الشهداء. ونعت دار الإفتاء المصرية في بيان صادر عنه الشيخ عماد عفت، وتقدمت بخالص العزاء لأسرة الفقيد، مؤكدةً أنها "تعزي نفسها والأمة كلها في فقد عالم فاضل وفقيه متميز من علماء الأزهر الشريف، الذى كان دائمًا يسعى للصلح بين الناس". وأبدت الدار شديد أسفها وحزنها لما آلت إليه الأوضاع في مواجهات الجمعة، مشددةً على أن الإسلام حرَّم سفك الدماء وجعلها أشد حرمةً من بيت الله الحرام، مستشهدةً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لحرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة". ودعت الدار في بيانها الأطراف جميعًا إلى الاحتراز من أن تلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، مشددةً على ضرورة فتح تحقيق فوري لمعرفة ملابسات الحادث الأليم، وتدرس الدار الإجراءات التي تتخذها لضمان ألا يضيع دم فقيدها هدرًا. وُلد الشيخ عفت يوم السبت 15 أغسطس 1959م بمحافظة الجيزة، وحصل على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1991م، وليسانس الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة بتقدير جيد جدًّا مع مرتبة الشرف عام 1997م، ودبلومة الفقه الإسلامي العام من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1999م، ودبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة، ومتزوج ولديه أربعة أولاد؛ ابنان وبنتان، وكانت آخر الوظائف التي عمل بها مديرًا لإدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء المصرية، وعضو لجنة الفتوى وأمينًا لها، بعد أن تولَّى رئيس الفتوى المكتوبة بالدار في بداية تعيينه بأكتوبر 2003م.

السبت، 10 ديسمبر 2011

د. سعيد إسماعيل علي يكتب: حسن البنا يؤكد أن الشرق سيعود له مجده


10-12-2011

كان الجو صيفًا، ترتفع فيه درجة الحرارة في القاهرة، ممتزجةً بالرطوبة العالية، ولم يكن ذلك الجو هو الذي يبعث بالضيق والضجر في نفوس الناس؛ ذلك أن “حرارة” الحرب العالمية الثانية كانت في أقصى درجات ارتفاعها، بعد أن مرَّت عليها سنوات ثلاث، مستمرة في حصد أرواح الآلاف من البشر، ولم تَلُح بعد أمام الناس بوارق أملٍ في انقشاع غمتها.

وعلى الرغم من أن مصر لم يكن لها في هذه الحرب ناقة ولا جمل- كما صرَّح بذلك شيخ الأزهر في هذا الوقت- فإنها كانت تدفع الكثير.

لكن ذلك لم يمنع البعض من التعلق بأهداب هذا الأمل، وأنَّى للحياة أن تستمر بغير هذا الأمل، حتى ولو أطبقت جحافل الظلام بالإنسان من كل جانب.

كانت دار الهلال تصدر مجلة أسبوعية باسم (الإثنين)، وكان رئيس تحريرها في ذلك الوقت هو “مصطفى أمين”، عملاق الصحافة المعروف، قبل أن يؤسس، مع أخيه علي، دار أخبار اليوم عام 1944.

وكان حزب (الوفد) هو الذي شكَّل الوزارة برئاسة زعيمه مصطفى النحاس، خلال الحادث الشهير (4 فبراير 1942م)؛ حيث كانت سلطة الاحتلال البريطاني في مصر قد أدركت حاجتها إلى مساندة حكومة “شعبية”، خاصةً أن طرقات القائد الألماني الشهير “رومل” قد بدأت تطرق أبواب مصر الغربية.

ذهب مندوب المجلة إلى اثنين من أعلام مصر في ذلك الوقت، أحدهما المؤرخ المعروف “عبد الرحمن الرافعي”؛ حيث أجاب عن السؤال الذي وجّه إليه عن الحياة الدستورية بعد الحرب، أما الثاني فهو “حسن البنا” مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان السؤال الموجه إليه يتعلق بمستقبل الدعوة الدينية بعد الحرب.

وحديث البنا هذا، تضمنه عدد مجلة الإثنين رقم 428، الصادر في 24 أغسطس سنة 1942، الموافق 12 شعبان سنة 1361هـ.

وكان مصطلح “الشرق” كثير التداول في الساحة الثقافية المصرية، حيث كان يقصد به الوطن العربي، إلى أن روّج الإنجليز لمصطلح “الشرق الأدنى” عقب الحرب العالمية الثانية، حتى إنهم أنشأوا إذاعة باللغة العربية سُميت “الشرق الأدنى”، ثم سرعان ما اختفت المحطة أثناء عدوان عام 1956، ليظهر مصطلح “الشرق الأوسط”.

والغريب أن مصطلح “الشرق” كانت قد اكتسبته مجموعة الدول التي تظللت بالمظلة الاشتراكية، حيث سميت في مجموعها “المعسكر الشرقي”، على الرغم من أن عددًا منها كان في أوروبا.

فماذا كان تصور حسن البنا؟

أكد أنه “شديد الوثوق بأن الشرق سيعود إليه مجده بعد هذه الحرب الطاحنة التي طغت على كل شيء، ومست أهوالها أكثر سكان المعمورة”.

لكن، ما السند الذي استند إليه شيخنا في هذا التأكيد؟

إنها قوة النزعة الدينية المغروسة في إنسان هذه المنطقة: “ذلك لأن الشرق مبعث الروحية الدينية ومصدر الإلهام والوحي، وقد أضفى على العالم كله مبادئ الحق والعدل والكرامة، ومنح الإنسانية جمعاء روح الفضائل والأخلاق القويمة”.

وإذا كان لهذه الحرب شرورها المعروفة، إلا أن البنا يغلب منطق “رب ضارةٍ نافعة”، أو بمعنى أصح، سعى إلى أن يلتمس، وسط هذا الظلام الدامس بصيصًا من نور.

فهذه الحرب كشفت النزعات المادية البحتة الغالبة على القوى المتصارعة؛ حيث غاب الكثير من الأخلاقيات والروحانيات، وأصبح المعيار متركزًا في المكاسب والخسائر المادية البحتة، ومن هنا قال البنا: “وقد يكون الخير للدين من وراء هذه الحرب موفورًا، فما من شكٍ أننا نشهد اليوم مصارع المدنيات الحديثة المادية والحضارة الآلية، ونرقب متاعب أولئك الذين اصطنعوها بغير روح ولا قلب. وما من شك في أن هذه المدنية تهدم نفسها بنفسها، وتحطم كل ما تبنيه عندما يدخلها شيء من الطمع، ورغبة في التملك والسيادة”.

لكن هذا النقد الحاد للحضارة الغربية، لم يدفع البنا أن ينكر وجوهها الإيجابية فقال: “.. وإنني لموقن بأن هذه المدنية ليست شرًّا خالصًا، ففيها جوانب نفع وفائدة، ولكن الذين صنعوها يعوزهم الإيمان واليقين بالله”.

ووجه الخطأ بالنسبة إلينا نحن أهل الشرق هو الافتتان بالمدنية الغربية، والاندفاع في محاكاتها وتقليدها، دون أن نبذل جهدًا يُذكر في سبيل نفخ روح الإيمان فيها.

وينفي البنا ما قد يتبادر إلى أذهان البعض من أنه يدعو إلى أن يتمسك الشرق بوسائل مدنيته القديمة البالية: “فمن البلاهة أن نقاوم بخنجر طائرة، ونهاجم بالمنجنيق مدفعا رشاشًا، ولكني أقول بوجوب أن يصحب الإيمان العمل”.

وتنبأ البنا بما أحدثته هذه الحرب من انقلاب خطير في المبادئ والآراء والأنظمة، مبديًا أمله بأن “هذه النفوس التي روعت بالأهوال وغصت بالآلام وأحاطت بها الفواجع من كل جانب، ستكون متعطشةً إلى الإيمان الروحي، بعد أن جرَّبت فشل المادية وانهيارها..”، متصورًا أن هذا هو الذي سيخلق مناخًا مناسبًا وأرضًا خصبةً تساعد الدعوة الإسلامية على الذيوع والانتشار، والتمكن من القلوب والعقل.

لكن البنا لا يغيب عنه الواقع، من حيث الاقتناع بفشل المدنية المادية، وأن الجهد الذي يمكن أن يقوم به “العامّة” على هذا الطريق، ضعيف للغاية لأن أمر هذه الطبقة معلق بكل أسفٍ على القابضين على المستويات القيادية للأمة، وبالتالي يشيعون، بما لهم من سلطة وتمكن، استمرار الانبهار بالمدنية المادية.

ويضع البنا يده على أصل الداء، ومفتاح الرجاء..

أصل الداء يرجع “إلى ما استحدثوا من فصل الدين عن الدولة، فلمّا رأى الناس أن الدولة تمنحهم القوة والنفوذ والسلطان، اتبعوا المادة وعبدوها من دون الله، لأن غرائزهم التي نمت ورعت في ظل الحكم المادي أوجبت عليهم الرضوخ لمشيئة المادة”.

أما مفتاح النجاة، فيكمن، كما أكد شيخنا: “أن تقوم الدولة على أساس الدين”..

وكأن بصيرة البنا قد قفزت عشرات السنين من عام 1942، وقت إجراء هذا الحديث، حتى نهاية عام 2011، أي سبعين عامًا، حيث يجتاح التوجه الإسلامي دول المنطقة، كما رأينا في المغرب، وتونس، ومصر، ففي هذا قال الشيخ: “وليس ذلك بمستبعد على الشرق الذي عاش في ظل الدين مرهوب الجانب قوي السلطان”.

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

برنامج صباح الخير ولغة المصاطب


07-12-2011

بقلم: د. جابر قميحة كم كنت سعيدًا وحريصًا- أنا وأسرتي- على مشاهدة برنامج “صباح الخير” الذي كانت تقدمه السيدة الفاضلة “إيمان” وزميلها في قناة (ontv) (وترك زميلها البرنامج فجأة وتفرغ لتقديم برنامج رائع في لغته وأدائه واتزانه، واسمه: وماذا بعد؟). يقدمه هذا الفتى باتزان وأدب ولغة عربية سهلة سليمة، وأداء طيب جدًّا.

وفجأة هبط علينا بديل عجيب اسمه “ي…” فأفسد البرنامج في كل شيء، والمجال لا يتسع لذكر كل المساوئ التي ارتكبها، وما زال يرتكبها ذلك البديل الهابط، ولكني أذكر في إيجاز شديد جدًّا بعض المخجلات التي اتسم بها صاحبنا البديل الهابط. ومنها:

1- أنه يستعمل كفيه وأصابعه ويديه وذراعيه في التعبير عما يقدمه، وكأنه يتحدث في حلقة من حلقات “الصم البكم” الذين يعتمدون على الرؤية لا على السماع ولا على النطق.

2- أنه فقد الاتزان والمنهجية، فمرة يستعمل- في حلقة واحدة- يديه وذراعيه وكل أصابعه، وأحيانًا يحرك جسمه حركات كوميدية على الكرسي الذي يجلس عليه…. طلوعًا ونزولاً، وميلاً إلى الأمام، وإلى اليسار واليمين، في سرعات خاطفة، كأن به عاهة.

3- أنه دائمًا يحك كفيه في سرعة مذهلة كالذي يشكو من برد ويدفئ كفيه على فحم أو على موقد بطريقة هستيرية مرفوضة.

4- ومن لوازمه- بحركات “أرجوزية”- حك ذقنه، ووضع بعض أصابعه على شاربه الخفيف، وقيامه- بسبابة يده وإبهامها- بإزالة ما على مؤخرة شفتيه من زبَد (ريم).

5- من أيام رأيت عجبًا… رأيت زميلته “إيمان” تجيب على أحد أسئلة المشاهدين فيمد إليها يده ويصافحها بطريقة “برافو… برافو”. وفي ذلك استهانة بالسيدة الفاضلة، واستهانة بالمشاهدين.

6- أما لغته فهي “العارُ بنفسه” بل هي مفسدة للخلق والذوق فهو لا يتحدث إلا بالعامية الهابطة… لهجة الأسواق والحواري والمصاطب في سرعة مذهلة. ومن ذلك:

أ- قوله: يعني لما يجي واحد يكلني على قفايا (أي لو جاءني شخص وأكلني على قفاي أي صفعني على القفا)… وينحني صاحبه للمشاهدين وكفه على قفاه ليريهم معنى الأكل على القفا، وكررها عدة مرات.

ب- ومن كلماته: إلخ إلخ إلخ. وأقول “يا محترم جدًّا” إن الخ هذه لا  تكرر، وليست من ألفاظ النطق بل يستغنى عنها بكلمة “إلى آخره”.

ج- ومن تشبيهاته المرفوضة قوله: والإعلام الوقتي زي الست المتطلقة (يقصد المطلقة). ولم يبين أي ست يقصد هل هي من أسرة أصيلة أم أسرة هابطة كعاميته الدميمة.

د- وكثيرًا ما يستعمل عبارات فيها نوع من التوثن الذاتي “النرجسية”.

حتى قال بعض ضيوفه: إن صاحبنا هذا يحرص على أن “يأكل الجو” من زميلته ويتكرر الضمير “أنا” عشرات المرات في كل حلقة من حلقاته.

وأعتقد- حتى يعود للبرنامج مكانته الأولى قبل هبوط صاحبنا “ي” اختيار شخصية جديرة بموقع تلفازي كانت له قيمته ومكانته عند المشاهدين.

هـ- وفي حماسة وتظرف مرفوض يصرخ: وأنا صادق في اللي بقوله، وأقسم بالله على ذلك، وبحياة أولادي. (تصوروا… يحلف بالله وبأولاده!!!!)

ويعلم الله إنني ما أردت تجريح أحد، أو التشهير به، (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود: من الآية 88).
—————-
* gkomeha@gmail.com

الخميس، 1 ديسمبر 2011

مصر ودورها الحضاري في العصر المملوكي (1 / 3)



                    مصر ودورها الحضاري

               في العصر المملوكي (1 / 3)



عند الحديث عن موضوع النظام السياسي ودوره في عهد المماليك في مصر من الجانب السياسي والاقتصادي يجب أن نبتغي الأمانة ونوضح أنه رغم الانجازات التي حققها حكامٌ مماليك لتحرير منطقة الشرق العربي والاسلامي من الزحف الأوروبي الاستعماري الصليبي و( التتار ) على ديار الاسلام ...ورغم البطولات والملاحم التي يحفظها العامة قبل الخاصة عن ظهر قلب الا أنه يجب أن نذكر أن اشكالية الهيكلية للنظام السياسي البعيد عن قيم الشورى والديموقراطية بالمعنى المعاصر ..وقد يظهر رأي قائل : بأنها عصورا وسطى لم يكن قد ظهر فيها الأنظمة المدنية الحديثة والقيم الديموقراطية المعاصرة بعد ,من مثل مايجني ثمارها بعض المجتمعات الحديثة في وقتنا الحاضر ..

ونقول بأن الانظمة الحديثة بكل وسائلها المستحدثة لم تكن حينئذ بالفعل وهذا صحيح , لكن لايوجد مايبرر لعدم تحقيق مبادئ العدالة وتكافؤ الحقوق والفرص والشورى والتي أقامتها الدولة الاسلامية منذ نشأتها في عهد مؤسسها الرسول الأعظم محمد – عليه الصلاة والسلام – والخروج عن هذا الاطار الفكري والتطبيقي ليس له مايبرره على أي عصر من العصور .


كان المماليك هم العسكر الذين حكموا دولة الاسلام وهم في الأصل عبيد أرقاء..جُلِبوا من قارة أوروبا من البلقان وتوالوا على حكم مصر في أغلب الاحيان بالقفز على السلطة .
من الناحية الاقتصادية كان الاقطاع هو سمة لهذا العصر في أواخر عهده ..فكان كثيرٌ من ملكيات الأراضي تحت حوزة بعض المماليك , وقد اشتهر الاقطاع بالمفهوم الغربي أي السيطرة على الأراضي بالملكية المطلقة ..الا أنه كان من بين مظاهره نظام " الالتزام " الذي يختلف عن مفهوم الاقطاع الغربي , فهو أيضا – أي  الالتزام - الذي جعل الفلاحين المصريين أرقاء على أرض وطنهم .

ويقصد بالإلتزام : هو أن الأراضي التي تحت حوزة الملتزمين , والتي كان الفلاحون يزرعونها ويدفعون ضريبتها لأولئك الملتزمين ويكون تملكهم لتلك الأراضي ملكية انتفاع وليس ملكية خاصة ..وكان الملتزمون يقدمون ضرائبهم من الأرباح حسب أهوائهم ومايجودون به الى الحكومة ..وفي هذا تتنازع الأهواء والأطماع .

ويعد العصر المملوكي هو عصر الاستبداد السياسي من الدرجة الأولى , وذلك النمط الاستبدادي العسكري الذي يعد ماثلا في عصرنا الحاضر بدءا من أواسط القرن العشرين والحادي والعشرين في كثير ٍ من بلدان العالم العربي من خلال الأنظمة العسكرية أو مايطلق عليها بالشمولية , والتي هي بدورها تلك الأخيرة تحتذي بذاك النمط المملوكي ..وكما يطلق عليهم المؤرخون " المماليك الجدد " .


* منجزات العصر المملوكي الحضارية :

يدّعي بعض المستشرقين من من أمثال( بروكلمان ) انحدار مستوى التأليف والفنون ويغلب عليه العقم والتقليد والتخلف بشكل ٍ مطلق – أي على العصر المملوكي , ولهذا سنقدم بعض المعلومات لنتبين تلك الرؤية ومدى مصداقيتها .

·  نجد في عصر صلاح الدين الأيوبي الذي قهر الصليبيين في حطين أنه قد اشتهرت الحركة العلمية والأدبية بإنشاء صلاح الدين للمدارس ورعايته للدراسات الدينية مثل المدرسة القمحية والناصرية لتدريس فقه المذاهب الٌّسنية . وظهور أدب الحروب الصليبية , وكان من كبار شعراء  ذلك العصر
 [ ابن سناء المُلك ] الشاعر المصري الكبير وكان أغلب ديوانه يشمل كثير من موضوعات : "الغزل والمدح وبعض الرثاء والحكمة والوصف والزهد والشكوى" . وتميز شعر ابن سناء الملك كغيره من شعراء ذلك العصر بفنون ٍ أدبية :" كالزجل والقوما والكان وكان والمواليا والدوبيت والبليق والموشَّح "
؛ فأظهرت ظاهرة فنية راقية فريدة تختلف عما في الأذهان .

·  وقد زار ابن بطوطة مصر سنة 726 هجرية – 1325 ميلادية في العهد المملوكي وذكر أن المدارس لايحيط أحد بحصرها لكثرتها .

·  لقد واكب هذه النهضة الفكرية والعلمية والفنية والأدبية بشكل ٍ عام حكام وسلاطين من المماليك خاصة ً " الظاهر بيبرس " مؤسس الدولة المملوكية وغيره سُّنة الحكام السابقين لهم : " كالأيوبيين " في الاهتمام بالعلم والعلماء , وإنشاء المساجد وعمارتها , وبناء المكتبات الكبيرة , والمدارس  والمنشآت الخيرية ودر الشفاء . وظهرت اهتماماتهم بحركة العمران وتميز الفن الاسلامي والعِمارة والزخرفة  , مثل : قبة قلاوون " التي شُيِّدت في عصر السلطان الناصر محمد بن السلطان قلاوون , وذلك الأخير الذي ترك بدوره آثارا ً معمارية وقباب وقناطر ومساجد , وهو الذي حفر الخليج سنة 724 هجرية – 1323 م .

·  ومن المنجزات الحضارية أيضا في هذا العصر مسجد السلطان حسن ابن الناصر محمد , والذي يدل على الروعة في البناء والهندسة المعمارية وعلى عظمة ذلك الفن الاسلامي وخصوصيته .

·      مسجد السلطان برقوق من التحف المعمارية الفخمة بامتياز .

·      قلعة قايتباي الشهيرة في الاسكندرية .

·      وكالة الغوري كانت ولاتزال مصدرا ً للثقافة والفن .