مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

حسن القبانى يكتب: القاتل قام بانقلاب والقصاص غاب!

حسن القبانى يكتب: القاتل قام بانقلاب والقصاص غاب!
حسن القباني
2013-12-10 07:48:23
ليس غريبا أن تكتشف بسهولة عدم حسم القضاء المصرى لأى قضية من قضايا القصاص لشهداء ثورة 25 يناير وما بعدها من موجات ثورية فى مواجهة الموجات الانقلابية، أو بعد الانقلاب العسكرى فى 3 يوليو وما حدث من مجازر ومحارق، ذلك أن من قتل قام بانقلاب على ثورة 25 يناير ومتكسباتها وفى مقدمتها الشرعية الدستورية المنتخبة بإرادة حرة وصناديق شفافة، وتعمد تحصين نفسه.
ولذلك كان شعار "القاتل قام بانقلاب والقصاص غاب" الذى رفعه مؤتمر رابطة أسر شهداء الاتحادية فى بيت الأمة "حزب الاستقلال/العمل سابقا" ملهما، وداحضا لكثير من الاتهامات المعجونة بالمناكفات السياسية، فى أن القاتل واحد، وأن عدو ثورة 25 يناير واضح ومحدد، وأن القرار واضح بعدم التمكين للقصاص، وإطلاق العنان لكل مخططات الوقيعة وكسر الصف الثورى، بمشاركة بعض العناصر القضائية.
والمفارقة الفاضحة، أن القضاء الذى فشل فى القصاص من مبارك وعصابته على مدار ما يقرب من 3 أعوام، حسم عددا ليس بقليل من قضايا معارضى الانقلاب العسكرى ومؤيدى الشرعية بسرعة البرق؛ منها قضايا بتهم ملفقة ضد حرائر مصر، بل حسم تحركات قضائية مدهشة ضد بعض من مؤيدى الانقلاب الذين قرروا الانفصال عنه لسبب أو لآخر.
إن تحديد القاتل، يصحح مسار الكثيرين، من الذين أتعبتهم السياسية الحزبية، وانحرفت بهم عن المسار الثورى، وجعلتهم أسرى تحت يد انقلاب عسكرى غاشم، أو من الذين وقعوا ضحايا تضليل إعلامى وفكرى، وباعوا الثورة والثوار، فى مواقع عدة؛ من بينها رابعة العدوية ونهضة مصر، أو حتى من الذين ارتضوا بـ"الكنبة" حزبا، ذلك أن القصاص مطلب لا يختلف عليه اثنين، وفاء للشهداء وتجاوبا مع تطلعات أمهاتهم فى حسم حق الدماء.
لقد جذبت عدالة قضية الشهداء -ولا تزال- ملايين المصريين لطريق الثورة المجيد، بعد أن انهار النظام القضائى فى مصر، وباتت الثورة هى الطريق السلمى الوحيد لإقرار القصاص لكل الشهداء، بالتوزاى مع تحركات فرسان العدالة فى الخارج بملاحقة قضائية دولية لقادة الانقلاب العسكرى المتورطين فى جرائم إبادة بشرية.
وحسنا فعلت رابطة أسر شهداء الاتحادية فى مؤتمرها الأول، بإمهال ممثلى السلطة القضائية شهرا لتصحيح مسار قضية الاتحادية، ووقف العوار الفاضح للدعوى المهزلة التى أقحم فيها رئيس البلاد الشرعى المختطف، وإلا فالتصعيد القضائى الدولى وفقا للمواثيق التى وقعت عليها مصر، وبعد أن تفككت السلطة القضائية فعليا.
إن الوقت متاح كذلك لملاحقة مبارك وعصابته دوليا، كذلك بعد فشل داخلى لمدة 3 سنوات، فى انتظار حسم الثورة لكافة مطالبها، وإسقاط الانقلاب العسكرى الغاشم الممثل الرسمى لبقايا مبارك فى السلطة، وإعادة الشرعية الدستورية، وإنقاذ القضاء واسترداد استقلاله الكامل لبدء قصاص عاجل يحمل فى يديه المشانق لكل من طغى وتجبر وأراق الدم المصرى.
إن من قتل خالد سعيد ومصطفى الصاوى ورفقاءهما فى 25 يناير، هو من قتل مينا دانيال والشيخ عماد عفت فى حكم العسكر الأول، وهو من قتل محمد خلاف وياسر إبراهيم والحسينى أبو ضيف أمام الاتحادية فى محاولة الانقلاب الأولى، وهو من قتل إسلام مسعود وحسام شوقى قبيل الانقلاب الغاشم، وهو كذلك من قتل أحمد عبد الجواد وحبيبة عبد العزيز وتامر عبد الرءوف وهالة أبو شعيع وغيرهم فى جرائم الإبادة البشرية بعد الانقلاب.
_______________________
منسق حركة "صحفيون من أجل الإصلاح"

محمد عبد القدوس يكتب: تخاريف المتهم الأول!

محمد عبد القدوس يكتب: تخاريف المتهم الأول!
محمد عبد القدوس
2013-12-10 07:44:35
ليس معنى الدفاع عن الشرعية والرئيس المنتخب أنهم كانوا بلا أخطاء، فالمطلوب من جماعة الإخوان دراسة السلبيات التى وقعوا فيها خلال الفترة القصيرة التى تولوا فيها الحكم قبل الانقلاب وسيطرة العسكر على السلطة.
وفى يقينى أن هناك أخطاء واضحة زى الشمس؛ من أهمها سوء اختيار بعض المسئولين ووضعهم فى مراكز قيادية، فلم يكن هؤلاء مخلصين أبدا لمن قام باختيارهم بل تآمروا ضده، ومن أبرز الوجوه التى أساءت كثيرا إلى بلادى وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسى الذى قاد الانقلاب على الشرعية، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق المتهم الأول فى أحداث الاتحادية، حيث أدى تقاعسه فى حماية القصر الرئاسى وإصدار أوامره بسحب قوات الأمن التى كانت تقف حارسة له إلى وقوع ما يشبه الحرب الأهلية المصغرة بين أنصار الرئيس وخصومه.
ولفت نظرى أن المتهم الأول صوته عال هذه الأيام، وهو من أشد الكارهين لثورة يناير والإخوان، وآخر "تخاريفه" أن الإخوان رصدوا ثلاثة مليارات جنيه للفوز بمقاعد البرلمان القادم، ومن حقى بناء على كلامه هذا اتهامه بالكذب والغباء كذلك، فهذا التصريح لا سند له من الواقع على الإطلاق، أما غباؤه فمفاده أن الرقم الذى ذكره (3 مليارات جنيه) عالٍ جدا ويدل على جهل بالتصريحات السياسية.. وهذا طبيعى، فهو طوال عمره ضابط شرطة ولم يعمل يوما بالسياسة، وفجأة رأيناه يحشر نفسه حشرا فى هذا المجال، وحاليا المنسق العام لجبهة مصر بلدى، وهو تنظيم مشبوه يضم أعداء ثورتنا على رأسهم المفتى السابق الدكتور على جمعة، والفريق أحمد شفيق وغيرهما، وأنصح المتهم الأول فى أحداث الاتحادية أن تكون الأرقام التى يذكرها معقولة فى المرة القادمة حتى يصدقها السذج! فلا يطلق تخاريف لا تدخل العقل!!

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

محمد جمال عرفة يكتب: "الشائعات".. سلاح تفتيت الثورات

شوية عقل
محمد جمال عرفة يكتب: "الشائعات".. سلاح تفتيت الثورات
محمد جمال عرفة
2013-12-09 08:23:22
ماذا فعل مبارك عندما اشتد عليه خناق الثورة؟! أقال حكومة أحمد نظيف وشغّل أسطوانة الإعلام المشروخة باللعب على وتر: "مبارك طيب وغلبان ومن حوله هم الفاسدون وهم من ورطوه" و"سيبوه فى حاله وهو هيصلح البلد"، وحرّض الإعلام ضد الإخوان والإسلاميين بمزاعم انتشار العنف والإرهاب.
طيب: ماذا يفعل قادة الانقلاب حاليا بعدما اشتد الزخم الثورى وأصبحوا متخبطين فى إدارة الدولة ويعانون من غول المظاهرات والاحتجاجات المستمرة رغم القتل والعنف والاعتقال اليومى الذى لم تسلم منه حتى النساء؟ نفس الشىء.. سلطوا إعلامهم على حكومة الببلاوى واتهموها بالفشل لتكون كبش الفداء هى والرئيس المؤقت عدلى منصور، بعدما كانوا يقولون إن وزراء هذه الحكومة -الذين جاءوا من زمن ثورة سعد زغلول 1919- هم "شباب الثورة".. ويستعدون حاليا لتغيير الببلاوى بعد تحميله مسئولية ما جرى، واختفى الفريق السيسى من الصورة مع استمرار حملة تلميعه ليعاد تقديمه كزعيم أو رئيس منقذ للبلاد من الفوضى!.
ماذا يعنى هذا؟ وكيف نقرأ ما يجرى على الساحة؟ تقديرى أنه لكى نقرأ الصورة صح علينا أن نتذكر ونقرأ الأحداث التالية:
1-   سلاح الشائعات هو سلاح قديم تستخدمه كل الأنظمة الديكتاتورية وأهل الباطل عندما يخسرون فى المعارك لشق الصف وإضعاف القوة وتفريق الشمل وثنى الناس عن اتباع الحق، واليوم أصبح له قنوات وصحف تروج للشائعات.. وطبيعى مع تصاعد المد الثورى أن يحاول أهل الباطل أن يفتوا فى عضض الثورة بتكثيف الشائعات لتبريد الثورة بوهم أنها انتصرت ولا داعى للاستمرار، عبر بث شائعات عن انكسارات وهمية فى صفوف الديكتاتوريين أو عبر قرارات تهدئة مؤقتة بإطلاق سراح معتقلين ومعتقلات أو تخفيف احتقان قضايا بعينها (إطلاق فتيات الإسكندرية– إطلاق سراح بعض المعتقلين- حكم قضائى بسجن وزير الداخلية فى قضية هامشية.. إلخ) للإيحاء بانهزام الانقلابيين بينما هى مجرد انحناءة مقصودة لتمرير رياح الثورة العاتية!
2-     تمهيد نيرانى وتهدئة بالتصريحات الكاذبة والشائعات أيضا لتمرير دستورهم الانقلابى عبر تسريب كمّ كبير من الشائعات التى تصب فى خانة تخدير المتظاهرين.. مثل أنباء اغتيال الفريق السيسى، والصراع بين الانقلابيين، وترشيح الفريق صبحى نفسه للرئاسة (بوابة الوفد)، وقبول المحكمة الجنائية لطلب محاكمة الانقلابيين (لم يحدث)، إضافة إلى كمّ من الأخبار المبشرة بانفراجة أمنية واقتصادية (شائعة ضخ الكويت 150 مليار جنيه استثمارات فى مصر وعودة السياحة)، وكل هذا لتمرير الدستور.
3-   وزير خارجية الانقلاب يحاول إقناع الدول الرافضة للانقلاب بتغيير مواقفها عبر بث الرعب فى نفوسها من خطر الإسلاميين الوهمى والإرهاب عليهم فيقول فى الهند -أبرز الدول الرافضة للانقلاب- إن الإسلاميين خطر على مصر والهند وعودتهم خطر على مصالح الهند (!)، وإسرائيل تساعده بإعلان دعمها اللامحدود للدستور لأنه يقصى الإسلاميين ويقضى على نفوذهم، واللوبى المسيحى اليمينى المتطرف فى الكونجرس الأمريكى يدعم الدستور ويدعو العالم لدعمه.
4-   عدم حسم الدستور لمسائل حيوية مثل الانتخابات البرلمانية أولا أم الرئاسية؟، والنظام الفردى أم القوائم للانتخابات؟ ونفى هيكل أن السيسى سيرشح نفسه ثم نفيه أنه قال هذا، وتسريب أتباع حمدين صباحى أخبارا عن اتفاق مع السيسى على ترشيح صباحى مؤقتا كى لا يخسر السيسى ولا يقال إنه انقلب على مرسى ليجلس مكانه.. كل هذا يظهر التضارب والبلبلة التى يعيش فيها النظام وعدم وضوح الخطوة التالية، ومعناه أن هناك ارتباكا وأن الثورة تزعجهم وأنها مؤثرة.
5-   الحملة التى بدأت فضائيات وصحف تشنها على ما تسميه "عنف مظاهرات الإخوان" وتخريبها لاقتصاد البلاد، برغم أنهم يقولون يوميا إنها "مظاهرات محدودة" وأن المليونيات "فشلت"، يؤكد حالة التخبط والقلق من استمرار التظاهر والعصيان المدنى خصوصا فى الجامعات والمصانع.. الهدف منه التغطية على أنباء خلو خزينة الدولة من الأرصدة والتخوف من مزيد من التدهور الاقتصادى نتيجة استمرار الاعتماد على طبع البنكنوت بدون رصيد من تجارة أو استثمار (مسئول بالبنك المركزى أكد طبع بنكنوت خلال الشهرين الماضيين بما يقرب من 2 مليار جنيه لتلبية احتياجات الحكومة والاستعداد لطبع مبالغ أخرى، ما أدى لارتفاع الأسعار والتضخم!).
6-   نشر الشائعات وترديد هذه الحملات المشبوهة على صفحات الإنترنت من قبل بعض حسنى النية، يخدم من حيث لا يدرى حملة تخدير الشباب، وفتح باب المعارك الجانبية أيضا يشتت الثورة، ولا يخدم المعركة الأهم وهى رفض الانقلاب وضرورة عودة الشرعية بمعنى عودة ثورة 25 يناير لمسارها.. أى عودة الحرية والكرامة الإنسانية التى أهدروها ومنع الفساد ومحاسبة المجرمين على كل نقطة دم.
7-   هناك محاولة لخلق معركة بين الإسلاميين عبر الانجرار لمعارك وهمية بين تحالف الشرعية أو الإخوان وحزب النور أو الدعوة السلفية بهدف ضرب الاثنين وإظهار الصورة صراع على الكراسى لا العقيدة، دون أن ننسى الدور الخفى الذى يلعبه بعض قادة حزب النور فى المساهمة فى التفرقة بين الإسلاميين فالمهم هو تماسك الكتلة الإسلامية الأكبر.

الخميس، 5 ديسمبر 2013

حازم غراب يكتب: قالوا عن التنظيم السرى "الطليعى"

حازم غراب يكتب: قالوا عن التنظيم السرى "الطليعى"
حازم غراب
2013-12-05 09:05:54
فرض التنظيم الطليعى الخوف والقلق على الناس، وزرع الشكوك وعدم الثقة بين الأب وابنه والرجل وزوجته والأخ وشقيقه والموظف ورئيسه. يؤكد عبد الغفار شكر أن "التنظيم الطليعى كان خادماً للسلطة". ويقول مؤلف كتاب التنظيم الطليعى حمادة حسنى عنه فى كتابه: "إن تفكير جمال عبد الناصر وراء إنشاء تنظيماته السلطوية، كان دافعه الحشد التعبوى لأكبر عدد ممكن، وتهيئتهم للدفاع عن السلطة الناصرية، وإلزام المنتمين بتبرير قراراتها. وقد فعلت تنظيمات عبد الناصر السياسية ما أريد منها، وتم احتواء المعارضين لبعض خطوات السلطة من مؤيدى التحول الثوري، فقد كانوا ينتقدونها داخل التنظيم، فى حين جرى استبعاد وترويع من يعارضون علنا، حتى وإن كانوا من المخلصين، الذين أرادوا أن "يأخذوها جد". وهكذا نخلص إلى أن عبد الناصر لم يكن يرى أن تنظيماته كانت فاشلة، ونخلص إلى الأهم وهو أن تنظيمات عبد الناصر لم تكن حقيقية أو طبيعية". انتهى الاقتباس.
ويحكى الروائى علاء الديب بسخرية تجربته الشخصية فى عضوية ذلك التنظيم السرى فيقول:
كانت تجربة دخلها المرء غصباً وخرج منها غصباً. فقد قالوا لى فى مؤسسة روزاليوسف إن أحد رؤساء مجلس الإدارة يريدك. ذهبت إليه فقال لى إن هناك طلبا من الرئاسة باختيارك لتكون ضمن أعضاء التنظيم الطليعى قلت له: وماذا يعنى التنظيم الطليعى؟ قال لى: قيادة الاتحاد الاشتراكى. قلت له هذا شرف كبير لى وكانت المسألة كلها متمثلة فى 23 يوليو وفى عبدالناصر. وحين تكون الدعوة من عبدالناصر فكيف ترفض؟! وبعد أن دارت عجلة الزمن فوجئت أن التنظيم الطليعى ما هو إلا مجموعة من الانتهازيين الذين يحاولون امتصاص نتائج ما حققته الثورة. كنا فى مؤسسة روزااليوسف كتنظيم طليعى 2 أو 3 من الإدارة و2 أو3 من العمال و2 أو3 من الفراشين و2 أو3 من الصحفيين. كنا نحكم المؤسسة، وكنا نتخذ القرارات سواء فى العلاوة منحها أو منعها، وكذلك فى السفر. أما مقالات التنظيم الطليعى فكانت عبارة عن مقالات الأستاذ هيكل التى يكتبها يوم الجمعة تأتى لنا بعدها بأسبوع ومكتوبا عليها سرى.
إذن لم يجرؤ عضو من أعضاء ذلك التنظيم السرى السلطوى أن يتطرق إلى سلوكيات منحرفة للقادة الكبار وأنصاف الكبار، وإذا حدث على سبيل الاستثناء سرعان ما أطاحت هذه القيادة أو تلك بمن يتجرأ ويفضحهم. استخدمت تلك القيادات للتخلص ممن يكتشفون الانحرافات العديد من التهم الجاهزة، كانتماء الشخص إلى الرجعية أو الإقطاع أو أعداء الثورة والاشتراكية. وكان هذا سببا رئيسيا من أسباب هزيمة يونيو ١٩٦٧ التى ضلل هيكل الشعب بالتهوين منها معتبراً إياها مجرد "نكسة".
ونقل بعض من درسوا طبيعة تركيبة ذلك التنظيم ومآسيه فى حق مصر عن عبد الناصر قوله: الكثيرون يتقدمون إليه، يمكن للواحد منهم أن ينقلب ضد الثورة بين يوم وليلة". إلى هذه الدرجة كان ناصر يشك فيمن قرر هو بنفسه تجنيدهم لخدمة نظامه الديكتاتورى.
وقد صدقت الأيام شكوكه عندما سارع كثيرون من نجوم بل مؤسسى التنظيم وعلى رأسهم محمد حسنين هيكل بالانضمام إلى عدو التنظيم أنور السادات فيما سماها ثورة ١٥ مايو ١٩٧١.
وسرعان ما التحقت البقية بحكم مبارك وباعوا فى سبيل "الاستوزار" شرفهم الأيديولوجى والأخلاقى. لم يعترضوا قط على فساد ولا تزوير الانتخابات، ولا على بيع القطاع العام ركيزة فلسفتهم الاقتصادية الغابرة .

عزة مختار تكتب: الخطوط الحمراء

عزة مختار تكتب: الخطوط الحمراء
عزة مختار
2013-12-05 09:12:18
لم تكن من بين اهتماماتى اليومية مسألة الانشغال بما يدور حولى من أحداث يومية، سواء كانت تلك الأحداث تخص الشأن العام أو حتى الخاص.
كل ما همنى فى الحياة كان لا يتعدى غرفتى الخاصة، تلك الغرفة التى رسمت بداخلها طموحات لا حدود لها، طموحات تتسع لها الكرة الأرضية بأكملها لكنها مع ذلك سطحية لا تترك أثرا تتركه نملة تسير على الأرض.
لم يكن لى صديقات بالمعنى المعروف، ما يربطنى بالأخريات هو منافسة على المراكز الأولى فى الدراسة، أو منافسة على المظهر العام، هى صديقة واحدة، درجنا متجاورين، لم تكن لنا أى اهتمامات مشتركة غير الدراسة، كانت تأخذنى منها الغيرة فى كثير من الأحيان، وذلك للباقتها وحسن مظهرها وإجبارها الجميع على احترامها، لكن تلك الغيرة سرعان ما تجبرنى هى على تحويلها لمشاعر حب رغما عنى، أجدنى أسرع إليها فى وقت الحاجة ولا أفتح صدرى لغيرها، كل البنات تحذرنى أمى منهن إلا تلك الفتاة الخلوقة التى لا نتفق معها فى مظهر أو حتى جوهر، إنها الفتاة التى طالما أطلقنا عليها إرهابية فلا نجد منها سوى ابتسامة وحب ودفء وطلاقة وجه وروح لم نعهدها فى زماننا.
لم تكن مجرد جارة أو زميلة دراسة، أو مجرد صديقة عابرة، بل كانت روحا أهرع إليها كلما ضاق بى الأمر وعجزت أن أجد قلبا يضمنى وسط هجير الحياة، لم أكن آمن فى حياتى كلها إلا لتلك الإرهابية الحبيبة.
اليوم صباحا تلقيت اتصالا من إحدى الزميلات أنهم قرروا إضرابا عن الدراسة اليوم وذلك بسبب تعرض مجموعة من الزميلات فى الكليات المختلفة للاعتقال، وأنه قد حكم عليهن حكما مشددا لا لشيء إلا لاشتراكهن فى المسيرات المؤيدة لما يدعونه الشرعية، لم يشغلنى الأمر، مالى أنا والإضرابات والاعتصامات والمظاهرات، ثم ما الذى خرج بهن لتلك الفعاليات، إن ما يشغلنى أكثر هو الدراسة والحفاظ على تفوقي، أما هؤلاء فلهن شأن غير شأني.
فى محطة الانتظار اختلط غضب الذاهبين لعملهم من الموظفين والذاهبين لجامعاتهم ومدارسهم من تأخر الترام، بازدحام غير معتاد فى مثل هذا الوقت من اليوم فى الصباح الباكر, كان كل منهم فى كل لحظة يلملم حاجياته استعدادا لمجىء الترام الذى أزف موعده. ثم لا يأتى.
لست أدرى ما الذى يحدث، فلنتحمل قليلا حتى يتبين لنا الخبر ونعرف سبب عدم مرور أية حافلة من هذا الطريق وهو ما يحدث لأول مرة منذ وعيت على الخروج إلى المدرسة ثم إلى الجامعة ذهابا وإيابا كل يوم.
صحيح أننا اعتدنا الزحام، وتأخر المواصلات بلا داع، لكن ألا تأتى نهائيا فذلك هو الجديد، لم نتعود الشكوى، كل من أعرفهم يبتلعون شكاواهم داخل أجوافهم ويذهبون فى صمت ويعودون بنفس الصمت، حتى أنا لم يهمنى الأمر كثيرا ولم يثر لدى رغبة فى التغيير للأفضل، فقد تعلمت من والدى فى البيت، ومعلمى فى المدرسة أنه ليس فى الإمكان أفضل مما كان، وأن الحكومة تبذل كل ما فى وسعها، وأن السبب فى الأزمة هو نحن المواطنين الجهلاء الذين ينجبون فوق طاقة الحكومة، فنتجت عنها مشكلة الانفجار السكانى مما نتج عنها عجزهم عن إطعام ذلك الشعب الكسول.
نعم يجب أن نلتمس ألف عذر لتلك الحكومة، رغم تكدس المشكلات، فلا أمن , ولا نظافة، ولا مواصلات، ولا شيء على الإطلاق، لكنهم يفعلون كل ما هو عليهم عمله. يكفى أنهم خلصوا مصر من حكم الإرهاب الفاشل الذى حكم مصر لمدة عام فأثبت فشله، صحيح أنه لم تحل تلك المشكلات بعد، ربما تكون قد تفاقمت وتضاعفت، لكنهم خلصونا من الإرهاب وأهله، فلماذا لا يهدأ هؤلاء الطلاب حتى تستطيع الحكومة أن تقدم شيئا؟ وصحيح أيضا أن حكومتهم لم تأخذ فرصتها كاملة كما يقولون، لكن لا يجب أن نشكك فى جيش مصر، فمهما حدث فهو الجيش الذى يحمينا ويحمى حدودنا ويحافظ على مدنية دولتنا.
ما تلك المهاترات التى تدور برأسى، مالى أنا والسياسة وأهلها، الجيش والمدنية؟ كيف يجتمعان؟ الجيش فى الشارع فكيف يحمى الحدود؟
الجيش من يقتل فكيف يكونون هم الإرهابيين؟، قتلوا منهم بالآلاف وأعرف منهم البعض، لكن يبقى السؤال: ما الذى ذهب بهم إلى هناك؟
الأمر محير لكنى لن أشغل بالى سوى بدراستى وتفوقي، سألتقى بصديقتى الحبيبة اليوم وألقى عليها بعض تلك التساؤلات إن كانت قد أتت، فبالتأكيد هى مع إضراب اليوم إن لم تكن من الداعيات إليه.
يا لهذا الملل، ماذا أفعل؟ هل أعود إلى البيت وأستثمر ذلك الوقت فى المذاكرة أفضل؟ سأصبر قليلا أطلع على بعض الأخبار فى صحف الصباح ربما يتضح الأمر فأعود أو أواصل الطريق للجامعة.
ولكن أى جريدة أختار، إننى لم أهتم يوما بتلك الصحف ولم تغرينى قراءتها، العناوين كلها حمراء
الخطوط كلها حمراء
الجيش خط أحمر
القانون خط أحمر
الشرطة خط أحمر
الاقتصاد خط أحمر
الشوارع خط أحمر
كل الخطوط حمراء، إلا الشعب لا ذكر له هنا.. ولا إرادة.
لم أسمع عبارة الشعب خط أحمر تلك إلا من صديقتي، كم أنا فى حاجة إليها الآن، تلك الهادئة بطباعها وابتسامتها وصبرها عليها.
كم قالت لى: "إرادة الشعب خط أحمر، يجب أن نموت دونها" يا لتلك المسكينة، يبدو أنها لم تطلع على تلك الصحف أبدا وتلك العناوين الحمراء التى تحذر وتبشر بمستقبل مشرق، بل تتحدث عن الإنجازات غير المسبوقة، والتقدم الكبير والجهد غير العادى التى تقوم به الحكومة فى سبيل رفاهية المواطن البسيط.
بعض الناس ازداد قلقه وفكر فى أن يترك المحطة عائدا من حيث أتى، انصرف البعض وبقى البعض ليتساءل ويعرف، بينما أتى الكثيرون فى أجوافهم ملايين التساؤلات، يحجبها الصمت والخوف والترقب.
بينما الجميع كذلك جاء صوت سيارات هادر، من بعيد يقترب الصوت شيئا فشيئا بينما يقترب الجميع من قارعة الطريق حتى كادت الأرجل تختلط من شدة التزاحم، كل منهم يكاد يقتله فضوله لمعرفة السر. يقترب صوت السيارات أكثر. بينما يستمع الجميع لأصوات هتافات قادمة من بعيد مختلطة بصوتها. لا أحد يستطيع أن يعرف أهى قادمة مع السيارة القادمة أم هى من مكان قريب من المحطة.
يزداد الجميع ترقبا وانتباها، يقترب الصوت أكثر، وتتضح الهتافات أكثر وأكثر وقد ظهر الآن أن مصدرها السيارة القادمة، إنها تلك السيارة التى يطلقون عليها ترحيلات، تصحبها مجموعة من المدرعات وسيارات الشرطة المعتادة، إنهم يهتفون بصوت هادر: "الله أكبر ولله الحمد الله غايتنا، القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا" "يسقط يسقط حكم العسكر".
اقتربت السيارة وقد خرجت من نوافذها أياد ملوحة بعلامة "رابعة".
رابعة التى طالما اتهمت من ذهبوا إليها بالتفاهة والسطحية والإرهاب، أياد صغيرة تلوح ووجوه بريئة مبتسمة تطل بثقة وبنفس الابتسامة الوضيئة التى اعتدتها دوما، إنها صديقتى الحبيبة تطل من بين حديد النافذة الصغيرة، بكل ثقتها، وبكل حبها، وبكل اطمئنانها.
 اختلطت دهشة الحضور بدموع بعض الأمهات اللاتى كن ينتظرن على الأرصفة ولم يشعر بهن أحد بأنين بعض من تعبوا من طول الوقوف، بصوت واهن لرجل هرم قائلا: "مساكين، بنات زى الورد.. خسارة والله يتحكم عليهم بالحكم ده".
اختلطت الأصوات بالهتافات بالتعليقات عندما علموا أن هذه السيارة متوجهة إلى أحد السجون بعد الحكم عليهن بأحد عشر عاما جزاء حملهن "بالونة صفراء". إنها صديقتى من بينهن، حبست الغالية فى جريمة "حمل بالونة".
بعد دقائق معدودة، خلت المحطة من كل روادها، منهم من انصرف بغضبه الصامت، ومنهم من حمله غضبه إلى أن يخرج صوته بالشكوى ومنهم من تحول للصياح هاتفا: "يسقط يسقط حكم العسكر، فيتبعه الكثيرون وينصرفوا، فى أى اتجاه لست أدرى..
الآن لم يعد هناك وقت للتفكير أو الاختيار، أين سأذهب، فى أى اتجاه سأسير؟
اليوم هو أول يوم إضراب لى عن الدراسة ولن أعود حتى أعلم من صديقتى كل أجوبة التساؤلات التى حيرتنى، ولتسقط كل الخطوط الحمراء.

الاثنين، 2 ديسمبر 2013

محمود الصيفى يكتب: مواقف عمرو خالد.. بين تصنيف الـTime وواجب الـ"تايم"

محمود الصيفى يكتب: مواقف عمرو خالد.. بين تصنيف الـTime وواجب الـ"تايم"
2013-12-02 13:14:47
توقفت عن متابعته منذ أزمة رسوم الدانمارك وزيارته غير المفهومة -وقتها- حين خالفت مواقف علماء الأمة ومفكريها، شىء ما تغير داخلى تجاه الرجل، ليس لهذا السبب فحسب لكنها عدة مواقف، وسبحان مقلب القلوب.
عند الحب أو الكره غالبا ما تزّل الأقدام وتتغير المواقف من النقيض إلى النقيض، وقلّ بين الناس من لا ينحى لشخصنة الأمور ويحاول تحرى الموضوعية ما وجد لها سبيلًا، أقول ذلك لأن تغير نظرتى "الشخصية" للرجل لا يجعلنى أقبل كل نقد وجّه له منصفًا كان أو متجنيًا، كما لا ينفى بالتأكيد تميّزه ونجاحه الدعوى فى سنواته الأولى ووصوله لشرائح من المجتمع لم يسبق إليها إلا قليلًا.. شهدت ذلك منذ بداياته فى مسجد الحصرى بالعجوزة مع سلسلة إصلاح القلوب.. ثم مسجد المغفرة فى أول جامعة الدول العربية وبعدها فى مركز الحصرى 6 أكتوبر.
هذا عن عمرو الداعية فى أوجّ عطائه حتى خروجه من مصر، أما ما تلا ذلك فأعتبره طورًا آخر للشخصية ربما مرّت بعده بأطوار أخرى لكنى زهدت فى قراءتها وتحليلها، ولم أستطع أبدًا أن أسحب عليها انطباعى الإيجابى الأول الذى توقف عند درجة معينة.. يشمل ذلك مشاريع صناع الحياة وإنسان ومجددون و.. و.. مع اللاءات الثلاث التى خالفها بالجملة، ثم موقفه فى ثورة يناير، وبعدها فى تأسيس حزبه الذى ضم فلولًا لا يخفى فسادها بحجة الخبرة السياسية! ثم فى انتخابات الرئاسة وخاصة جولة الإعادة تحديدًا التى ساوى فيها بين مرشح العسكر ومرشح الثورة، إلى آخر سلسلة المواقف المتناقضة مع أبجديات تصوّر الناس عنه وما يفترض من مثله.
ربما -مع كثير من التعجب- نجد لما سبق عذارًا أو تخريجًا على نحو ما فى إطار اختلاف المواقف السياسية فى بيئة استقطابية بعد ثورة، أقول ربما.. لكن حين ختمها بتسجيله الذى ظهر أو أظهر إبان مذابح رابعة والنهضة وهو يبرر فيها لجند الانقلاب سفك الدم باعتباره واجبا مقدسا! فثمة طور آخر هنا يستدعى وقفة فاحصة. فى الحقيقة لم يسعفنى الوقت حينها للتعليق، وقام الغير بالواجب فى تفنيد موقفه وبيان عواره وبطلانه إن من الناحية الشرعية أو السياسية أو الأخلاقية.
لكنى قرأت اليوم خبرا عن دعوة مؤسسته لقائد الانقلاب إلى عشاء خيرى بعنوان (حق أهل سينا علينا)! ليقفز إلى ذهنى مباشرة موقف قد يعدّ علامة فارقة فى تسلسل تطوراته، وقع تحديدًا عام 2007 حين اختارته مجلة التايم ضمن أكثر 100 شخصية عالمية مؤثرة للعام 2006، تلك القائمة المعروفة باسم (The people who shape our world)، وكان معيار الاختيار حسب تصريح اللجنة القائمة عليه هو تأثيره المجتمعى ودعوته المستمرة لنبذ العنف والطائفية ليتم تصنيفه فى المركز الثالث عشر ضمن مجموعة رواد الأفكار الجديدة المؤثرة عالميا (Heroes and pioneers). ويذكر أن القائمة حينها ضمت الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. وتم تكريم عمرو مع المائة شخصية فى حفل أقيم لهذا الغرض بحضور 600 شخصية عالمية كان منهم هنرى كيسنجر وآخرون!.
اليوم وفى هذه المواقف الفاصلة التى تمر بها مصر والأمة ومواقفه منها يبدو لى أن التكريم يؤتى أكله ولم يكن أبدًا عشوائيًا حين تمّ.. فهؤلاء يتقنون صناعة الزعماء والرموز.
لكن عفوًا أيها الـ... هناك متغير جديد فى المعادلة.. فتراكم المواقف والتجارب كوّن عند شباب تلك المرحلة ومن يجيدون قراءة الواقع وربط أحداثه رصيدًا معقولًا من "الوعى" لن يسمح بالانخداع مجددًا مهما كان إتقان التزييف وحبكة الحيل. فمرحلة بناء "وطن" لا يصلح فيها من مسهم دخن.
- لقاء عمرو مع أديب حول التكريم:
- مقال عنه فى مجلة التايم ضمن المائة:
_________________________________
باحث فى شئون الأقليات والإسلام فى الغرب

الأحد، 1 ديسمبر 2013

د. حامد عبد الماجد يكتب: بين "كربلاء" و"رابعة".. دروس فى الطغيان والاستبداد

د. حامد عبد الماجد يكتب: بين "كربلاء" و"رابعة".. دروس فى الطغيان والاستبداد
د. حامد عبد الماجد
2013-12-01 08:58:05
تناول الأستاذ عباس محمود العقَّاد فى كتابه "أبو الشهداء الحسين بن على" فاجعة كربلاء بمنطق أخلاقى رصين، وتحليل نفسى عميق، وركز على المدلول الأخلاقى الكبير لهذه الفاجعة، وقدم الدكتور محمد الشنقيطى فى مقالة مهمة له رصد ثلاثة من أوجه الشبه بين فاجعة كربلاء -كما قدَّمها قلمُ العقاد- وفاجعة رابعة التى عشناها منذ ثلاثة أشهر، لنرى بعض ما تحمله كلتا الفاجعتين من دلالة أخلاقية ومعنى تاريخى.
أول أوجه الشبه بين كربلاء ورابعة هو طبيعة الصراع فى الحالتين:
حيث يرى العقاد أن كربلاء كانت من أعظم مشاهد الصراع فى التاريخ الإنسانى بين فكرتين، أو مزاجيْن بتعبيره هو، وهما مزاج الأرْيحية ومزاج النَّفْعية. فقد "كانت المعركة كلها هى معركة الأرْيحية والنفعية" (العقاد: أبو الشهداء الحسين بن على، ص 29) و"حياة الحسين رضى الله عنه كانت صفحة، لا صفحة تماثلها، فى التمييز بين هذين المزاجين" (ص 12).
ويشدد العقاد على ضرورة وضوح الرؤية فى هذا المضمار، لأن الصراع بين الحسين ويزيد فى كربلاء كان صراعا بين "موقف الأريحية الصُّراح فى مواجهة موقف المنفعة الصُّراح، وقد بلغ كلاهما من موقفه أقصى طرفيْه وأبْعدَ غايتيْه. فانتصر الحسين بأشرف ما فى النفس الإنسانية من غيرة على الحق وكراهة للنفاق والمداراة، وانتصر يزيدُ بأرذل ما فى النفس الإنسانية من جشع ومراء وخنوع لصغار المُتَع والأهواء" (ص 9).
ويدل النظر المتبصر على أن الصراع بين أنصار الثورة والشرعية وبين أنصار الاستبداد والثورة المضادة فى مصر اليوم لا يخرج عن هذه المعادلة، معادلة الصراع بين النفعية والغرائز المنحطة وبين النبل والدوافع الكريمة.
فرابعة هى كربلاء عصرنا، إذ فيها وقف الحق الناصع المجرَّد من كل قوة سوى قوة الإيمان والمبدأ، فى مواجهة الباطل الصُّراح المتسلح بكثافة القوة المادية والبطش الدموى والمال الحرام والتواطؤ المخزى. وإذا كان صحيحا ما لاحظه العقاد أنه "ما مِن رجل فاز حيث ينبغى أن يخيب كما فاز يزيد بن معاوية فى حربه للحسين، وما اختصم رجلان كان أحدهما أوضحَ حقا وأظهرَ فضلاً من الحسين فى خصومته ليزيد بن معاوية" (ص 23)، فما من فائز فى عصرنا فاز حيث كان ينبغى أن يخيب مثل قادة الانقلاب الدموى فى خصومتهم مع السلطة الشرعية فى مصر، ولا كان رجلٌ فى عصرنا أوضح حقا من مرسى فى خصومته مع الانقلابيين.
والوجه الثانى من أوجه الشبه بين كربلاء ورابعة وجود بعض الأخطاء السياسية فى الطرف المُحقِّ، مقابل وجود الخطايا الجسام فى الطرف المُبْطل.
لكن المفاصلة بين النُّبْل والنذالة التى حكمت الموقف ابتداء وانتهاء تجعل الحديث عن أخطاء التقدير السياسى والعسكرى أمرا ثانويا، بل تجعل خطأ المُحق أصْوبَ من صواب المُبطل.
وقد عبَّر العقاد عن ذلك ببلاغته الآسرة، فلاحظ أن بعض الصواب السياسى والعسكرى فى معسكر يزيد "صوابٌ سهلٌ يستطيعه كثيرون" (ص 11) ومنه استباحة الدماء الزكيَّة، وشراءُ ضمائر من لا ضمائر لهم، ومنع الأطفال والنساء العطشَى من الوصول إلى الماء.
كما لاحظ أن بعض الخطأ السياسى والعسكرى الذى ظهر فى معسكر الحسين من "الخطأ الصَّعْب الذى لا يستطيعه إلا القليلون" (ص 11).
ومنه مواجهة جيش من أربعة آلاف مقاتل ببضع عشرات من المقاتلين، والتشبث بالحق والعدل مع تحقُّق الموت فى سبيلهما.
فإذا أنت رأيْت اليوم منشغلا بأخطاء المظلوم عن خطايا الظالم فى مصر، فاعلم أنه جاهل لا يفقه ما يقول، أو طامع باع ضميره بثمن بخس، أو جبانٌ يتستَّـر وراء التفلسف وطول اللسان.
أما الوجه الثالث من أوجه الشبه بين كربلاء ورابعة فهو ما لاحظه العقاد من فرْق بين جيل معاوية من بُناة الدولة الأموية، وجيل يزيد من الجلاَّدين الذين لا يحملون -وراء أطماعهم الوضيعة- أى مشروع سياسى يستحق هذا الوصف.
لقد كتب العقاد عن ذلك يقول: "كان لمعاوية مُشيرون من ذوى الرأى، كعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد بن أبيه، وأضرابِهم من أولئك الدُّهاة الذين يُسمِّيهم التاريخُ أنصارَ دولٍ وبُناةَ عروشٍ، وكان لهم من سمعة معاوية شعارٌ يُدارون به المطامع، ويتحللون من التأثيم.
لكن هؤلاء بادُوا جميعا فى حياة معاوية، ولم يبق ليزيد مشيرٌ واحدٌ ممن نسمِّيهم بأنصار وبُناة العروش، وإنما بقيتْ له شرذمة على غِراره، أصدقُ ما توصف به أنها شرذمة جلاَّدين، يقتُلون من أُمِروا بقتله ويقبضون الأجر فَرِحين.
فكان أعوانُ معاوية ساسةً وذوى مشورةٍ، وكان أعوانُ يزيد جلادين.. أولئك الذين تمتلئ صدورُهم بالحقد على أبناء آدم، ولا سيما من كان منهم على سواء الخُلُق وحُسْن الأحدوثة، فإذا بهم يُفرغون حقدهم فى عدائه.. وشرُّ هؤلاء جميعا هم شمَّر بن ذى الجوشن، ومسلم بن عقبة، وعبيد الله بن زياد، ويلحق بزمرتهم على مثال قريب من مثالهم عمر بن سعد بن أبى وقاص" (ص 44-45).
والذى يقارن السيسى مع سلفه من حكام مصر العسكريين خلال العقود الستة الماضية سيجد فرقا بين جيليْن يشبه الفرق بين الجيلين الذى شرَّحه العقاد.
لقد تمكَّن العساكر منذ العام 1952 من اغتيال التطور الديمقراطى المصرى، وفرْض منطق الاستبداد والفساد الذى أنهك هذه الدولة العظيمة وأخرجها من التاريخ، وبناء "جمهورية الضباط فى مصر" التى وصف الباحث يزيد الصايغ فى دراسته المعنونة بهذا العنوان عمقَ فسادها وترهُّلها، لكنَّ أيًّا منهم لم يظهر منه من الجدْب فى كفاءة القيادة ومنطق الدولة مثلما ظهر من السيسي.
فعبد الناصر على نرجسيته وتهوُّره، والسادات على تعلُّقه الوثنى بأمريكا، ومبارك على بلادة حِسِّه وفساده، لم يصلْ أى منهم مستوى من الحضيض الأخلاقى والغباء السياسى جعله يقتل آلاف المصريين المدنيِّين بدم بارد، فى يوم واحد، وفى قلب القاهرة، وتحت سمع وبصر العالم.
لكن قائد الانقلابيين الجاثمين على صدْر مصر اليوم فعل ذلك، لأنه يتصرف بمنطق الجلاَّد الذى لا يحمل مشروعا سياسيا، بقدر ما يحمل حقدا على كل روح نبيلة وكل نزوع إلى الحرية والكرامة الإنسانية فى مصر.
فهؤلاء الانقلابيون يدركون جدْبهم الأخلاقى، وهم يمقتون كل من يبدو منه موقفٌ مبدئى لصالح الحق والعدل والحرية.
وقد وجدوا فى ميدانى رابعة والنهضة رجالا ونساء من أبناء وبنات مصر يؤمنون بحق شعبهم فى الحرية والعدل والكرامة الإنسانية، وهم مستعدُّون لبذل المُهَج، والتضحية بالأنفس وبفلذات الأكباد فى سبيل تحقيق هذه الرسالة النبيلة.
لذلك كان الحقدُ لدى الجلادين عميقا، والبطشُ بأيديهم رهيبا، يُعبِّر عن أنْفُس سادية إجرامية، وعن ذات مهزوزة فقدت الثقة بذاتها.
وحينما تواجه الشعوب الحرة جلادين، فلا وجود لمنطق السياسة وفقه الدولة، فالجلاد لا يعرف التفكير السياسى ولا الموازنات السياسية.
ولم تغبْ تلك الحقيقة عن قلم المراقب الذكى عباس محمود العقاد، فكتب: "منذ قُضى على يزيد أن يكون هؤلاء وأمثالُهم أعوانا له فى ملكه، قُضى من ساعتها أن يكون علاجُه لمسألة الحسين علاجَ الجلادين الذى لا يعرفون غير سفك الدماء.. وهكذا كان ليزيد أعوانٌ إذا بلغ أحدهم حدَّه فى معونته فهو جلادٌ مبذول السيف والسوط فى سبيل المال، وكان للحسين أعوانٌ إذا بلغ أحدهم حدَّه فى معونته فهو شهيدٌ يبذل الدنيا كلها فى سبيل الروح. وهى إذنْ حربُ جلاَّدين وشهداء" (ص 48).
وفى ضوء أوْجه الشَّبَه الثلاثة بين كربلاء ورابعة، لن يكون من المستحيل التنبُّؤ بمصير السلطة الانقلابية الدموية فى مصر.
لقد حاق بمرتكبى مذبحة كربلاء ما حدَّثنا عنه التاريخ: هلك يزيدُ بعد المذبحة بثلاثة أعوام، وهلك قائدُه مسلم بن عقبة بعد استباحته المدينة المنوَّرة بثلاثة أيام، "ولم تنقض ستُّ سنوات على مصرع الحسين حتى حاق الجزاء بكل رجل أصابه فى كربلاء، فلم يكدْ يَسْلمُ منهم أحدٌ من القتل والتنكيل، مع سوء السُّمعة ووسواس الضمير" (ص 71).
وظلت لعنة كربلاء تلاحق الدولة الأموية حتى هدَّتْ أركانها، "وكان مصرع الحسين هو الداء القاتل الذى سكن فى جثمانها حتى قضى عليها" (ص 71) فقُتل الأمويون أحياء، وحُرِّقوا أمواتا.
وإذا كان لدى جلادى الماضى مهلة أحيانا يستمتعون فيها بثمرات إجرامهم بضعَ سنين، فإن عمْق وعْى الشعوب بحقوقها اليوم، وتسارُعَ حركة التاريخ فى عصرنا، لا يُمهلان الجلادين كثيرا.
فلا تسألْ عن مصير سلطةٍ تحوَّل قادتُها إلى حفنة من الجلادين غلاظِ الأكباد.
حقا إنها حرب الجلادين والشهداء، كما وصفها العقَّاد، بدأتْ فى كربلاء، ولم تنته فى رابعة.. ولن تكون لها نهاية إلا نهاية الاستبداد والهمجية التى تُساسُ به أمَّتُنا اليوم.