مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الثلاثاء، 13 مارس 2012

البحـث عـن نظام سياسى جـديد 

 

13/03/2012

بقلم: رفيق حبيب
 يبدو أن أفضل وسيلة لتحقيق النظام السياسى المنشود تبدأ بتحديد خصائصه المناسبة للمجتمع، ثم وضع دستور يسمح مباشرة بالتحول التدريجى نحو النظام المنشود، دون أى تعديلات دستورية فى المستقبل
يبدو أن القوى السياسية تحاول التوصل إلى تصور عن النظام السياسى الجديد، يختلف نوعيا عن النظام السابق، ويحول دون إعادة إنتاج النظام السابق مرة أخرى، ولكنها فى الوقت نفسه تشعر أن عملية التغيير صعبة ولا بد أن تكون متدرجة، لذا نجد مختلف القوى السياسية تختار النظام البرلمانى الرئاسى المختلط، بوصفه مختلفا عن النظام الرئاسى القديم الذى تحول إلى نظام مستبد، وفى نفس الوقت يمثل حالة بينية أو مرحلية، حتى لا يكون التغيير كبيرا وجذريا.
وترى غالب القوى السياسية أن التحول إلى نظام برلمانى كامل أمر صعب فى المرحلة الحالية، ويمثل تغييرا كبيرا لا يمكن تحقيقه إلا بعد تقوية الأحزاب السياسية وتراكم الممارسة السياسية، مما يساعد فى المستقبل على تطبيق النظام البرلمانى. والتحدى الذى يواجه القوى السياسية الآن، يتمثل فى اللجوء للمرحلية، فقد تكون مراحل التغيير ضرورية أحيانا، ولكنها قد تكون نتاجا لغياب الحل البديل. فيصبح الحل المرحلى هو تحقيق لما هو متاح أو معروف، لحين التوصل إلى حل جديد آخر، قد لا يكون مطروحا الآن. لذا أصبحت القوى السياسية فى أغلبها تتوافق على النظام المختلط، ويبدو أن توافقها ناتج من أنها لم تصل إلى بدائل أخرى، فلم يعد هناك خيارات غير نظام يختلف عن النظام الرئاسى؛ لأنه ارتبط بالاستبداد، وفى نفس الوقت لا يمثل تحولا كبيرا قد يصعب تحقيقه وإنجاحه.
والحقيقة أن المشكلة الراهنة تجعلنا بين خيارات مرحلية قد تكون ضرورية، وخيارات مستقبلية قد لا يمكن تحقيقها الآن، ولكن يجب العمل على تحقيقها فى المستقبل. والمشكلة تحدث إذا لجأنا إلى حل مرحلى دون ضرورة حقيقية، أو لجأنا إلى حل مرحلى قد يعرقل أو يؤخر الوصول إلى الحل المستقبلى المنشود. كما أن الحلول المرحلية قد تكون جزءا من منهجية التجربة والخطأ، والتى يمكن أن تهدر بعض الفرص وجزءا من الوقت.
لذا يدور السؤال المحورى حول أنسب النظم السياسية التى تناسب المجتمع، والتى يمكن أن تحقق له النظام الذى يريده، وتحقق له المستقبل الذى ينشده. وعندما نبحث عن أفضل النظم، نبحث فى الواقع عن أنسب النظم التى تتناسب بشكل جيد مع السلوك السياسى والاجتماعى لعامة الناس، وفى نفس الوقت يكون نظاما يساعد عامة الناس على التفاعل الجيد معه، والمشاركة فيه، وأيضا يكون نظاما يساعد على تنظيم جميع الجهود، ويحقق التوازن بين المؤسسات، ويحقق الشكل الأنسب للعلاقة بين الدولة والمجتمع، بالصورة التى ترضى المجتمع عن دور الدولة، وتحقق تصور عامة الناس عن دور المجتمع.
لهذا يفترض أن النظام السياسى الأنسب ينبع أساسا من طبيعة المجتمع ويعبر عنه، كما يعد انعكاسا لسلوك عامة الناس فى المجال العام، حتى يأتى النظام السياسى بصورة تناسب الناس، ولا يكون نظاما مفروضا عليهم، وعليهم أن يتكيفوا معه. وبهذا يكون النظام الناجح هو النظام المعبر عن الطبيعة الثقافية والاجتماعية لعامة الناس فى المجتمع. وإذا كان هذا النظام غير قابل للتحقق مرة واحدة، فيمكن تحقيقه على مراحل، ولكن دون أن تعيق هذه المراحل الوصول إلى التصور النهائى. مع الوضع فى الاعتبار تحد آخر مهم، وهو وجود قوى فى الداخل والخارج، ترفض الوصول إلى أفضل نظام يعبر عن المجتمع؛ لأن لها تصورات تريد فرضها على المجتمع، مما يعنى أن بعض الحلول المرحلية قد تستخدم من بعض القوى لعرقلة الوصول إلى النظام السياسى المناسب لعموم الناس، وهو ما قد يؤدى إلى محاولة تثبيط النظام المرحلى، وعرقلة أى تغيير له فى المستقبل. وهذا التحدى لا يقل بالطبع عن تحدى الدخول فى نظام سياسى يعبر عن خيارات عموم الناس، دون أن تكون الدولة والمجتمع بالجاهزية المناسبة.
لذا يبدو أن أفضل وسيلة لتحقيق النظام السياسى المنشود تبدأ بتحديد خصائصه المناسبة للمجتمع، ثم وضع دستور يسمح مباشرة بالتحول التدريجى نحو النظام المنشود، دون أى تعديلات دستورية فى المستقبل، حتى يمكن التحول إلى التصور المنشود تدريجيا وفى الوقت المناسب، ودون تأخير. مما يمكن من التجاوب المباشر مع سلوك عموم الناس، وعدم التأخر عن تحقيق ما يريده الناس. فيصبح البناء الدستورى مناسبا للنظام السياسى المنشود، ويفتح الباب أمام الوصول إلى هذا النظام على عدة مراحل يحددها القانون.
فإذا كان التصور الغالب لدى القوى السياسية أن النظام البرلمانى هو أنسب نظام، لذا يجب وضع دستور يفتح الباب أمام النظام المختلط، إذا كان ذلك يمثل ضرورة مرحلية، وفى نفس الوقت يتيح التحول إلى النظام البرلمانى دون تعديلات دستورية ومن خلال تعديل القوانين فقط، بحيث يكون النظام المختلط مرحليا بالفعل، ولا يطول بأكثر مما ينبغى. وهى مهمة صعبة، ولكنها تختصر الوقت والجهد، وتختصر الهدر الناتج من منهجية التجربة والخطأ، والتى لم تعد تتحملها ظروف المجتمع والتحديات التى تواجهه.

 

ليست هناك تعليقات: