مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الأربعاء، 20 يوليو 2011

د. رفيق حبيب يكتب: حُكم الأقلية فى مصر




الأربعاء 20 يوليو2011

مازال الفريق الذي رفض التعديلات الدستورية يحاول فرض رؤيته على المشهد السياسي بطرق مختلفة. فرغم أن الأغلبية اختارت بدء العملية السياسية وانتخاب برلمان جديد، يختار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد، إلا أن الأقلية التي قالت لا للتعديلات الدستورية، تحاول فرض رؤيتها، من خلال فرض مبادئ دستورية معينة تلزم بها اللجنة التأسيسية، وفرض معايير محددة على البرلمان المنتخب، لاختيار اللجنة التأسيسية. فالمطلوب هو فرض قيود على الإرادة الشعبية الحرة، بحيث لا يكون البرلمان المنتخب متمتعا بالصلاحيات التي يمنحها له التفويض الشعبي، ولا تتمتع اللجنة التأسيسية بالصلاحيات التي يمنحها لها اختيار نواب الشعب لها.
المطلوب إذن، هو تقييد الإرادة الشعبية الحرة، ليس فقط في عملية وضع الدستور الجديد، بل المطلوب أيضا تقييد الإرادة الشعبية الحرة، حتى لا تستطيع تغيير بعض مواد الدستور الجديد في المستقبل. والسبب في ذلك، أن الفريق الذي دعا لرفض التعديلات الدستورية، لم يستطع حشد الأغلبية لتأييد رأيه، لهذا اقتنع بأنه غير قادر على حشد الأغلبية في أي اقتراع جديد، لذا يريد فرض رأيه على الأغلبية، من خلال الضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتنفيذ مطالبه، بما يضمن له وضع دستور جديد يتوافق مع مواقفه، رغم عدم تأييد الأغلبية له.
ولقد استخدم هذا الفريق الكثير من الوسائل، منها الإعلام، والذي عمل على رفع درجة التوتر في الشارع، حتى يوسع من المرحلة الانتقالية بقدر ما يستطيع حتى ينفذ ما يريد. وقد عملت وسائل الإعلام على رفع درجة الرفض الشعبي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وحشد الناس ضده، وضد حكومة عصام شرف الذي فرضه نفس الفريق الرافض له الآن، حتى تعاد العجلة من جديد، وتبدأ المرحلة الانتقالية من نقطة الصفر مرة أخرى. وفي مقابل الحشد الإعلامي، تم حشد الناس في الشارع، حول المطالب الشعبية المتفق عليها بين كل التيارات، ومنها محاكمة رموز النظام السابق، والقصاص للشهداء، وهي أهداف توافقت عليها كل القوى، وخرجت في مظاهرات حاشدة يوم 8 يوليو من أجل دفع السلطة للإسراع بتنفيذ هذه المطالب، ولكن الفريق الرافض لخطة الانتقال السلمي للسلطة المدنية وإنهاء الحكم العسكري المؤقت، استخدم هذا الحشد الشعبي للضغط من أجل مطالبه التي لم تخرج الجماهير من أجلها. فقد استخدم الفريق الرافض للتعديلات الدستورية الحشد الشعبي، للضغط على المجلس العسكري حتى يدفعه لوضع إعلان دستوري جديد يقيد البرلمان القادم واللجنة التأسيسية عند وضع دستور جديد. وكأن الشعب خرج من أجل تقييد إرادته الحرة في اختيار من يمثله ومن يتولى عملية اختيار اللجنة التأسيسية. هكذا أصبح الناس تجتمع من أجل مطالب، ويحاول فريق استخدام تجمعهم لتحقيق مطالبه السياسية الخاصة المختلف عليها، والتي رفضتها الأغلبية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
هذا الفريق هو الفريق العلماني، حتى وإن رفض تسمية نفسه بهذا الاسم، خوفا من الرفض الشعبي. وكل مشكلة هذا الفريق، هو خوفه من أن تصبح الدولة لها مرجعية إسلامية فاعلة ومنفذة ووحيدة، ولأنه يعرف أنه لا يمكنه رفض المرجعية الإسلامية، لذا يحاول تقييد تلك المرجعية، بحيث لا تكون المرجعية الوحيدة، حتى يبنى دولة تقوم على مرجعية إسلامية وعلمانية مختلطة، مثل ما كان قائما في عهد الاستبداد، ويمنع الناس من تغيير هذه المرجعية في المستقبل، وهو ما يسمح ضمنا بتنفيذ المرجعية العلمانية وتعطيل المرجعية الإسلامية. ولو علم أغلب الناس التي تخرج للتظاهر، أن خروجها يستخدم في مواجهة المرجعية الإسلامية، لكان لهم موقف آخر.
وهذا الفريق العلماني، هو الذي دفع المجلس العسكري لإصدار إعلان دستوري جديد، بعد تعديل دستور 71 لإرضائهم، بدلا من إعادة دستور 71 بعد التعديل كدستور مؤقت. ولكنهم اعتبروا ذلك خروجا على نتائج التعديلات الدستورية، وكأنهم يحاولون الحفاظ على الإرادة الشعبية الحرة، واستخدموا ذلك حجة للضغط لإلغاء أثر الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وهذا الفريق هو الفريق الذي يختار الوزراء والمسئولين، وهو أيضا الذي يمثل في معظم المؤسسات بصورة أو أخرى، وهو الذي شكل منه المجلس الأعلى لحقوق الإنسان.
ولقد بات واضحا أن الفريق العلماني يريد حكم مصر كجماعة ضغط، تفرض مطالبها على المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة، من خلال الصوت العالي في الإعلام، ومن خلال رفع درجة التوتر في الشارع، والدعوة للتظاهر، ثم الدعوة لتعطيل مرافق الدولة، حتى تصبح البلاد مهددة بالتوقف أو الفوضى، فيتم الاستجابة لمطالبهم. وهدفهم النهائي هو تمرير مطالبهم السياسية المختلف عليها، من خلال المطالب الثورية العامة المتفق عليها.
وهذا معناه أن هذا الفريق العلماني لا يريد إدارة الخلاف السياسي من خلال الاحتكام لصندوق الاقتراع والانتخابات، بل يريد اللجوء لوسائل الضغط والاحتكام للشارع، ولكنه لا يصارح الشارع بحقيقة موقفه. وإذا كان المطلوب هو وضع دستور لا يعكس تركيبة المجتمع وأوزانه النسبية، فإن معنى هذا أننا بصدد محاولة لتقييد إرادة الشعب. وهذه المحاولة تدفع لفكرة اللجوء للشارع لحسم الاختيارات الجماهيرية بدلا من اللجوء لصندوق الاقتراع، وهو ما يعني ضمنا أن ما يحدث يدفع التيار الإسلامي لحسم هذا الخلاف باللجوء للشارع، ولكن من الواضح أن التيار الإسلامي يرفض اللجوء للشارع، ويتصور أن المجلس العسكري لن يخرج عن الإرادة الشعبية الحرة المقررة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية. ولكن إذا اضطر المجلس العسكري للرجوع على هذه الإرادة، وحاول وضع قيود على البرلمان المنتخب واللجنة التأسيسية لإرضاء الفريق العلماني وتجنب ما يحدثه من توتر قد يقود للفوضى، ففي هذه الحالة يتوقع أن يخرج التيار الإسلامي للشارع لحسم الاختيارات الجماهيرية.

ليست هناك تعليقات: