مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الثلاثاء، 5 يوليو 2011

في محنة فلسطين.. أيها المسلمون! للأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي يرحمه الله المتوفى سنة 1937م




 

نهضت فلسطين تحل العقدة التي عُقدت لها بين السيف، والمكر، والذهب، عقدة سياسية خبيثة، فيها لذلك الشعب الحر: قتل، وتخريب، وفقر. عقدة الحكم الذي يحكم بثلاثة أساليب: الوعد الكذب، والفناء البطيء، ومطامع اليهود المتوحشة. أيها المسلمون، ليست هذه محنة فلسطين، ولكنها محنة الإسلام، يريدون ألا يثبت شخصيته العزيزة الحرة.. كل قرش يدفع الآن لفلسطين، يذهب إلى هناك ليجاهد هو أيضاً. أولئك إخواننا المضطهدون؛ ومعنى ذلك أن السياسة التي أذلتهم تسألنا نحن: هل عندنا إقرار للذل؟ ماذا تكون نكبة الأخ إلا أن تكون اسماً آخر لمروءة سائر إخوته أو مذلتهم؟ أيها المسلمون، كل قرش يدفع لفلسطين، يذهب إلى هناك ليفرض على السياسة احترام الشعور الإسلامي. ابتلوهم باليهود يحملون في دمائهم حقيقتين ثابتتين: من ذل الماضي، وتشريد الحاضر. ويحملون في قلوبهم نقمتين طاغيتين: إحداهما من ذهبهم، والأخرى من رذائلهم. ويخبئون في أدمغتهم فكرتين خبيثتين: أن يكون العرب أقلية، ثم أن يكونوا بعد ذلك خدم اليهود. في أنفسهم الحقد، وفي خيالهم الجنون، وفي عقولهم المكر، وفي أيديهم الذهب الذي أصبح لئيماً لأنه في أيديهم. أيها المسلمون، كل قرش يدفع لفلسطين، يذهب إلى هناك ليثبِّت الحقيقة التي يريدون طردها. يقول اليهود: إنهم شعب مضطهد في جميع بلاد العالم، ويزعمون: أن من حقهم أن يعيشوا أحراراً في فلسطين، كأنها ليست من جميع بلاد العالم. وقد صنعوا للإنجليز أسطولاً عظيماً لا يسبح في البحار، ولكن في الخزائن. وأراد الإنجليز أن يطمئنوا في فلسطين إلى شعب لم يتعود قط أن يقول: أنا. ولكن لماذا كنستكم كل أمة من أرضها بمكنسة أيها اليهود؟ أجهلتم الإسلام؟ الإسلامُ قوة كتلك التي تُوجِد الأنياب والمخالب في كل أسد. قوة تخرج سلاحها بنفسها؛ لأن مخلوقها عزيز لم يوجد ليؤكل، ولم يُخلق ليذل. قوة تجعل الصوت نفسه حين يزمجر، كأنه يعلن الأسدية العزيزة إلى الجهات الأربع. قوة وراءها قلب مشتعل كالبركان، تتحول فيه كل قطرة دم إلى شرارة دم. ولئن كانت الحوافر تهيئ مخلوقاتها ليركبها الراكب، إن المخالب والأنياب تهيئ مخلوقاتها لمعنى آخر. لو سُئلتُ: ما الإسلام في معناه الاجتماعي؟ لسألتُ: كم عدد المسلمين؟ فإن قيل: ثلاثمائة مليون. قلت: فالإسلام هو الفكرة التي يجب أن يكون لها ثلاثمائة مليون قوة. أيجوع إخوانكم أيها المسلمون وتشبعون؟ إن هذا الشِّبَع ذنبٌ يعاقِبُ اللهُ عليه(1). كان أسلافكم أيها المسلمون يفتحون الممالك.. فافتحوا أنتم أيديكم. كانوا يرمون بأنفسهم في سبيل الله غير مكترثين، فارموا أنتم في سبيل الحق بالدنانير والدراهم. لماذا كانت القبلة في الإسلام إلا لتعتاد الوجوه كلها أن تتحول إلى الجهة الواحدة؟ لماذا ارتفعت المآذن إلا ليعتاد المسلمون رفع الصوت في الحق؟ أيها المسلمون، كونوا هناك، كونوا هناك مع إخوانكم بمعنى من المعاني. لو صام العالم الإسلامي كله يوماً واحداً، وبذل نفقات هذا اليوم الواحد لفلسطين، لأغناها. لو صام المسلمون كلهم يوماً واحداً لإعانة فلسطين، لقال النبيُّ [ مفاخراً الأنبياء: هذه أمتي! لو صام المسلمون جميعاًً يوماً واحداً لفلسطين، لقال اليهودُ اليوم ما قاله آباؤهم من قبل: إن فيها قوماً جبارين.> الهامش (1) روى البخاري في كتاب «الأدب المفرد»، ص111، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد أتى علينا زمان وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم! سمعت رسول الله [ يقول: «كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه». ثم روى البخاري، ص112، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله [ يقول: «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع».
 

ليست هناك تعليقات: