مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الأحد، 23 أكتوبر 2011

انتهى القذافى ولكن من يتعظ ؟!

الأحد, 23 أكتوبر 2011
جريدة الشعب الجديد
بقلم: مجدي أحمد حسين
كنت أريد الكتابة عن حركة احتلال وول ستريت، وعن انتصار حماس فى فك الأسرى الفلسطينيين، وعن الانتخابات المصرية، ولكن القلم (أو اللابتوب) لم يطاوعنى، فحدث القبض على القذافى ومقتله أكبر من أن يتم تجاوزه.
وعندما سقطت طرابلس فى يد الثوار كتبت مؤكدا نهاية القصة، وأن المصائر الشخصية للقذافى ليست مهما بلغت أهميتها، إلا تفاصيل. ورفضت فى تحليلات متوالية قبل سقوط طرابلس التحليلات التى ركزت على مخاطر تقسيم ليبيا والحرب الأهلية بين القبائل، ورفضت اتخاذ موقف من ثورة ليبيا الأصيلة ضد الديكتاتور غير المسبوق فى التاريخ، لأنها اضطرت إلى الاستعانة بالناتو فى الضربات الجوية، رغم عدم ترحيبى إطلاقا بالناتو، ذلك أن العرب حكاما ومحكومين هم الذين أجبروا الثوار على ذلك بتخليهم عن الشعب الليبى وتحويل ملفه للأمم المتحدة.
ورغم أن القذافى وأبناءه ومن تبقى من أتباعه تحصّنوا فى سرت وبنى الوليد واستطاعوا الصمود لفترة ما، إلا أن الإجماع الليبى على الخلاص من حكم القذافى كان أقوى مما تبقى لديه من مليارات وراجمات صواريخ ومرتزقة وأقوى من محاولة إثارة النعرات القبلية.
أما لماذا توقفت أمام حدث اغتيال القذافى رغم ثقتى من أنه انتهى يوم سقوط طرابلس؟ توقفت لأنها صورة تحمل العديد من المعانى المكثفة، والعبر الإلهية والتاريخية. ورغم أننى لا أتفرد بإدراك هذه المعانى بل بالعكس فإن الجميع يدركها الآن فى ليبيا وخارج ليبيا، ولكن لا بد لكل منا أن ينضم لهذا المشهد المهيب، وأن يقول كلمته رغم أنها أشبه بكلمات المجموع، وفى هذا دليل على أن الحدث أكبر وأوضح من أن لا يعى أحد مغزاه. فهذه نهاية الطغيان، مهما طال الأمد إلى اثنين وأربعين عاما لم يكن فى ليبيا خلالها إلا شخصا واحدا!
تتنوع نهاية الطغاة ولكن العبرة واحدة. فطاغية تونس هرب بطائرة دون حتى أن يحمل معه حقيبته الخاصة، وهو مختبىء فى قصر بالسعودية لا يراه أحد، وأسرته تحاكم فى تونس. ومبارك فى قفص الاتهام مهما كان مدللا من المجلس العسكرى حيث يدخل نائما فى القفص ويعيش فى قصر رئاسى (جناح رئاسى فى أفخم مستشفى عسكرى) ومع ذلك فهو مسجون ومهان ومذلول، وأبناؤه فى السجن، ومزقته ألسن 85 مليون مصرى..
هذا العقاب المعنوى الذى يتعرض له الطغاة، ولكنهم أحيانا لا يدركونه لغلاظة جلودهم وتبلدهم، ولأنهم لا يعلمون معنى الكرامة. أما طاغية اليمن الذى نجا من الموت بأعجوبة وتم ترميمه فى مستشفيات السعودية فلا يزال يقاتل بلا حياء من أجل السلطة!!
وهذا ما قصدته من العنوان: من يتعظ؟ إن الطغاة لا يتعظون. ولذلك كان القرآن الكريم دقيقا فى تعبيراته (وهذه الدقة فى التعبير من علامات الإعجاز) عندما وجّه حديثه فى العبرة إلى أولى الألباب، فالمؤمنون بالله العارفون بعلمه وأصحاب العقول الراجحة هم الذين يتعين عليهم أخذ العبرة من هذه الأحداث الجسام. قال القرآن عن فرعون بعد غرقه: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً).
فنحن ما نزال نرى نفس المشهد، فقد كان من الضرورى أن ترى الملايين والمليارات جسد القذافى حتى يتأكدوا أنه مات وأنه لا يوجد إله لليبيا!! وحتى لا يظل شبح وجوده مؤرقا للشعب الليبى. فإلى أمد طويل لن يتمكن أحد من التجبر على الشعب الليبى.
ونفس المشهد بصور متنوعة رأيناه فى الآخرين؛ فمبارك لم يعد سوى مجرد جسد يظهر فى محاكمة صورية حقا ولكنها مذلة وتعنى نهايته فى كل الأحوال. وزين العابدين الذى كان يخافه الناس فى تونس أصبح مجرد جسد هارب فى مبنى ما بالسعودية.. ولكن العبرة لأولى الألباب، أما  الحكام الطغاة فلم ولن يتعظوا، وسيظلون يقاتلون حتى النفس الأخير للدفاع عن كرسى الحكم. لذلك فإن المعارك ستظل مستمرة فى ربوع الوطن العربى لتحرير ما تبقى منه من نظم الاستبداد الملكية والجمهورية.
إن مشهد القذافى وهو حى وينزف دما فى يد الثوار سيظل يلهم المظلومين فى الوطن العربى وفى كل مكان فى العالم، ولكن هذا المشهد الرهيب وإن أرهب الطغاة فإنه لن يدفعهم للتنازل أبدا عن سلطانهم، إلا بقوة انتفاضة الجماهير، وقدرتها على انتزاعهم من سدة الحكم.
magdyahmedhussein@gmail.com

ليست هناك تعليقات: