مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




السبت، 22 سبتمبر 2012

إكرام اللئيم.. واستدراج الجمعية التأسيسية إلى المحظور 

 

 

السبت 22 سبتمبر 2012
كتبت: د. صلاح عـز
هى فريضة علينا أن نقوّم الرئيس مرسى، ونلفت انتباهه إلى أخطائه وأخطاء من حوله، وفريضة علينا ألّا نتركه هو وإخواننا فى مجلس الشورى والجمعية التأسيسية فريسة لضغوط علمانية شرسة تستهدف علمنة مصر ودستورها وتحويل المادة الثانية إلى ديكور، والوجود الإسلامى السياسى إلى شكل بلا مضمون.
وفريضة علينا أن ندفع فى الاتجاه المضاد لما يدفع إليه الغوغاء الأفاقون المنتشرون فى الصحف والفضائيات والأحزاب العلمانية والناصرية؛ لأننا إن لم نفعل فإن النتيجة حتما ستكون وقوع إخواننا المسئولين فى المحظور، لقد حاولت خلال الأسبوع الماضى الوصول إلى ثلاثة من كبار الشخصيات الإسلامية فى مواقع السلطة لإسداء النصح لهم على المستوى الشخصى، وباءت محاولاتى بالفشل؛ لأن الاتصالات لا يرد عليها أحد، والرسائل (SMS) أيضا لا يرد عليها أحد. لقد كتبت من قبل مرارا (لمن يقرأ) محذرا من الترويع الإعلامى الذى يمارسه العلمانيون، وحذرت من أننا بصدد استبداد من نوع جديد؛ نخبة "على راسها ريشة" تستخدم الصحافة والإعلام كأداة للترويع والابتزاز والبلطجة، كما كان مبارك أيضا "على راسه ريشة" وهو يستخدم جهاز أمن الدولة للأسباب نفسها. ولا جدال فى أن نخبة الريشة حققت نجاحات مشهودة فى هذا الصدد، أذكر منها ما يلى:
أولا: حالة الصحفى خالد صلاح الذى تحول إلى مركز قوة نتيجة سيطرته على صحيفة ذائعة الانتشار وبرنامج تليفزيونى على فضائية مشهورة، فقد تم إدراجه عضوا فى المجلس الأعلى للصحافة، وهناك من هم أكثر استحقاقا منه لهذا الموقع، كما أنه تلقى رسالة ترضية من الرئيس مرسى إثر حادث الاعتداء على سيارته، وكأنه حالة خاصة تتميز عن غيره من المصريين الذين يتعرضون لحوادث مشابهة، وعلى الرغم من اتهامه للدكتور عصام العريان بتدبير هذا الاعتداء، وسكوت العريان على هذا الاتهام المشين، وكأنه يريد أن يتجنب إثارة المزيد من سخط خالد صلاح.
ثانيا: اجتماع الرئيس فور توليه السلطة برؤساء تحرير الصحف والفضائيات (وجلهم من العلمانيين)، وهو ما لم يفعله مع غيرهم من المهنيين، وكأنه يريد أن يتـقى شرهم. ثم اجتماعه الشهير مع مجموعة من الفنانين ومثـقفى "حظيرة فاروق حسنى"، وهو الاجتماع الذى أقصى الإسلاميين عنه بالكامل، وهم الأكثر تعبيرا عن ثقافة وهوية شعب مصر، وكأننا ما زلنا فى زمن مبارك. وكان تأثير هذا الاجتماع واضحا فى ستة مقالات بـ(المصرى اليوم) تحدث فيها محمد سلماوى عن الرئيس مرسى بكل توقير واحترام، عكس حديثه المعتاد عنه قبل هذا اللقاء، فلماذا انقلب حال سلماوى تجاه مرسى؟ هل لأنه رأى فى إقصاء الإسلاميين إقرارا من الرئيس بأنه لا مثـقفين فى مصر إلا مثـقفو الحظيرة، وأنه بالتالى يستحق الرضا العلمانى؟ إن الشىء الوحيد المقبول علمانيا من أى مسئول فى مصر هو إعادة الإسلاميين إلى "مكانهم الطبيعى"، مهمشون مغيبون بعيدا عن البرلمان والحكم والسياسة والصحافة و.. إلخ. عندئذ يصبح هذا المسئول "فرخة بكشك".
ثالثا: حالة العلاقة بين الرئيس من جانب، والجماعة والحزب من جانب آخر. فقد أحدثت تهمة "حكم المرشد" الأثر الترويعى نفسه الذى تحدثه تهمة "معاداة السامية" فى الغرب، حتى أصبح كل من الرئيس والجماعة يتجنبان بعضهما البعض، خوفا من أن يتصيد الإعلام مكالمة أو لقاء ينصبّ عليه السيرك الإعلامى. ومع ذلك يبقى الاتهام مرفوعا فوق الرقاب، لأن الخصم لا يرحم ولا يرضى بأقل من اختفاء الإسلاميين عن جميع الساحات. وقد وصل الابتزاز إلى درجة أن طالب أحدهم الرئيس بأن "يعلن طلاقا بائنا لتوجهاته وانتماءاته للجماعة أولا حتى نقول إنه رئيس لكل المصريين". بتعبير آخر، على الرئيس أن يعتبر الإسلاميين شبهة ويتجنب الالتقاء بهم وإلا.. وعلى هذا الأساس يمكن أن نفهم ما تحدث عنه مؤخرا د. عبد المنعم أبو الفتوح الذى بذل جهدا كبيرا لصالح حملة د. مرسى خلال جولة الإعادة، وكان يتلقى يوميا اتصالات منه. ثم بعد دخول مرسى مقر الرئاسة، فإن أبو الفتوح لم يتلقّ مكالمة واحدة لا من الرئيس ولا من أى من مسئولى مؤسسة الرئاسة.
رابعا: حالة مجلس الشورى الذى كان من المفترض فور انتخابه أن يعلن تعييناته لمناصب الصحافة القومية، ثم تراجع ورضخ لحملة ترويع ضخمة شنها عليه الإعلام الغوغائى. وكنت قد كتبت مقالا (17 مارس) انتقـدت فيه هذا التراجع، محذرا من عواقبه. وتم تصوير الأمر لقيادات الشورى بأن الجماعة الصحفية ستهدأ وترضى إذا تم وضع معايير لاختيار القيادات. كان الهدف هو تضييع الوقت، والحيلولة دون تعيين قيادات إسلامية، حتى تصدر أحكام بحل مجلسى الشعب والشورى، وتبقى الأوضاع فى الصحف القومية على ما هى عليه. ولكن بعد التوصل للمعايير، ثار الغوغاء ثورة أخرى رفضا لها، وضغطوا من أجل أن تكون القيادة الجديدة من داخل المؤسسة الصحفية، وذلك حتى تعجز هذه القيادة، تحت تأثير الزمالة والعلاقات الشخصية، عن إجراء أى تغيير ذى قيمة. وبالفعل أدت الغوغائية هذه المرة ليس فقط إلى الاستجابة للشرط المفروض، وإنما أيضا إلى ردع الإخوان عن التقدم بمرشح إخوانى واحد. ولهذا كتبت مقالا (7 يوليو) طالبت فيه بالتوقف عن مزحة المعايير تلك، وممارسة مجلس الشورى للمهمة التى انتخب من أجلها، وهى أسلمة (أى إصلاح وتطهير) الصحف القومية. وقلت إنه لن يستطيع تطهير هذه الصحف إلا صحفيون من خارج المؤسسة لا يتأثرون بأهواء وضغوط وابتزازات الزملاء، ولا يضعون فى منظورهم إلا الصالح العام وليس المصالح والمنافع الشخصية. لم يلتـفت أحد للنصيحة، وظل الإخوان محصورين فى زاوية الدفاع عن النفس والامتناع عن ممارسة حق أصيل لهم، على أمل أن يرضى ذلك الغوغاء والأفاقين فى الصحف والفضائيات. ولكن هل يرضون؟ هيهات. إن إكرام اللئيم والاستسلام لترويعه، يزيد نهمه ويفاقم جشعه، ويشجعه على الانتقال إلى الضحية التالية لإرهابها، وهى الجمعية التأسيسية للدستور.
لقد صدرت تصريحات خطيرة عن عدد من أعضاء الجمعية بشأن حرية الصحافة، لا يجوز السكوت عنها، فقد قال الدكتور وحيد عبد المجيد -المتحدث باسم الجمعية-: إنه سيتم إلغاء عقوبة الحبس فى المواد المتعلقة بقضايا النشر، وجارٍ العمل على إغلاق الباب أمام إمكان وقف الصحف أو تعطيلها بالطريق القضائى، وضمان استقلال الصحف ووسائل الإعلام القومية عن جميع السلطات، ما قاله د. وحيد لا معنى له سوى أن غوغاء الصحافة والإعلام نجحوا فيما فشل فيه المجلس العسكرى، وهو أن تتحول هذه المؤسسة العلمانية المتطرفة إلى دولة فوق الدولة، ويتميز العاملون فيها عن جميع المصريين، بعد أن منحهم الدستور هم ومنابرهم حصانة تضعهم فوق رقاب الجميع.
كلام مشابه صدر عن د. محمد محسوب ود. منار الشوربجى التى قالت إنه تم إلغاء مادة حبس الصحفيين فى الدستور الجديد والنص على فرض غرامة مالية، لأن "فلسفة الدستور الجديد يجب أن تكون قائمة على إطلاق الحريات وأهمها الصحافة". ولكن يبدو لى كأن الفلسفة التى تحكم عمل الجمعية التأسيسية لا تتجاوز مراعاة خاطر اللئيم ومصالح نخبة تملك من وسائل الضغط والترويع ما لا يملكه غيرها من المصريين. لقد نجح الصحفيون والإعلاميون فى فرض أجندتهم الخاصة على الجمعية التأسيسية بما يملكونه من أدوات تثير الصخب والضوضاء، تماما كما يفعل الإعلام الصهيونى فى الولايات المتحدة، حتى أصبحت حرياتهم "أهم الحريات". وهم، بذلك التدخل السافر فى عمل الجمعية، يستحقون العقاب والتعنيف وليس الانصياع والرضوخ. لو أن مصلحة مصر هى الفيصل، لشددت الجمعية العقوبات على كل من يخون أمانة الكلمة، ولما سمحت الجمعية بترك مستقبل مصر وسلامها الاجتماعى تحت رحمة جماعة من الأفاقين لا تـفهم معنى الشرف حتى نتوقع منها أن تلتزم بـ"ميثاق شرف إعلامى". إن "إطلاق الحريات" مسألة نسبية؛ لأن كل حرية تنتهى عند الحد الذى تبدأ عنده حريات الآخرين وحقوقهم وأعراضهم، أما أن نطلق الحريات بلا رابط أو ضابط ونحصن ذلك دستوريا، فلا أرى تعبيرا يصف هذا الأمر أدق من خيانة الأمانة التى ائتمن الشعب أعضاء الجمعية عليها.
إن إلغاء الحبس فى جرائم النشر فى الدستور إجراء تمييزى ليس فقط لأن من يرتكب الجرائم نفسها فى غير قضايا النشر سيتعرض للحبس، ولكن أيضا لأن قصر العقوبة على الغرامة يميز صاحب الصحيفة الملياردير عن صاحب الصحيفة الذى لا تكفيه موارده المحدودة للإنفاق عليها، ولا يستطيع تسديد الغرامة نفسها للمخالفة نفسها، بينما بالنسبة للملياردير فإن الغرامة هى مجرد "فكة".
إن استرضاء العلمانيين تجنبا لصخبهم وضوضائهم هو تكرار لما كان يفعله مبارك مع "إسرائيل"، تجنبا لصخب وضوضاء الإعلام الأمريكى، والنتيجة ستكون واحدة.. عبيد وكنوز كامنة لنخبة الريشة..
وللحديث بقية، غدًا إن شاء الله تعالى.
————————

 

ليست هناك تعليقات: