مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




السبت، 4 فبراير 2012

Sabotage

 

 

 

السبت 12 ربيع الأول 1433 هــ 4 فبراير 2012

د. صلاح عز
العنوان يعني "تخريب مخابراتي" ، وهو التخريب الذي تخطط له أجهزة مخابرات كبيرة ومعروفة ، وتجند له أبناء الوطن المستهدف. هو تخريب ممنهج هدفه إحداث إنهيار إقتصادي ومؤسسي وحرب أهلية. والـ "سابوتاج" هو أهم أفرع الجاسوسية في أجهزة المخابرات المحترفة ، لأنه يتطلب درجة عالية من المهارة تتجلى في إحداث إختراقات مجتمعية وسياسية وثقافية ، تصل أحيانا إلى مستويات مذهلة. وتتم الاختراقات في قطاعات المجتمع التي تتصف بقلة الوعي والغباء وسهولة الانقياد ، وفي القطاعات المثـقفة والمسيسة التي تتصف بالغرور والنرجسية ، والمستسلمة لأحقادها وتحيزاتها. هذه الاختراقات تعتمد أساسا على الكراهيات والعداوات المتبادلة بين أبناء البلد ، وتركز أهدافها على الطرف الأقل وعيا والأكثر سفها. وفي مصر فإن هذا الطرف هو في الأساس الجناح الغوغائي في التيار العلماني ، والذي يتمتع بقابلية عالية للتجنيد.

إن ما جرى في مصر منذ 25 يناير يثبت بوضوح أن كل ما تردد عن مخطط موضوع لحرق مصر لم يكن مبالغة أو كلاما في الهواء كما كنت وكثيرين مثلي نعتقد. كما يضع ألف علامة إستفهام أمام أسباب تواجد المعهدين الجمهوري والديمقراطي و"فريدوم هاوس" على أرض مصر، ولماذا يحتمي موظفوهم الآن في السفارة الأمريكية. هل كان هؤلاء "خلايا نائمة" زرعها مبارك عن سبق إصرار وترصد لخلق الفوضى التي هددنا بها إذا ما تمردنا على حكمه ؟ إن حجم ما جرى ويجري يثبت أنه لا يمكن حصر الأحداث داخل دائرة الفلول. فالموضوع أكبر من قدراتهم. إنه المستوى نفسه من الاختراق والتخريب الذي نراه في العراق منذ سنوات بين السنة والشيعة. الفارق هو في درجة الجنون لدى المجندين الغوغاء في البلدين.. فبدلا من الأحزمة الناسفة في العراق ، عندنا في مصر صحف وفضائيات ناسفة.

عندما تقع مجزرة في بورسعيد بعد مباراة إنتهت بفوز الفريق البورسعيدي ، ما يعني أن المتوقع كان الاحتفال وليس الثأر، فإن الأمر يتجاوز نطاق أي عقل أو منطق ، ولا يحتمل إلا أن يكون مؤامرة شيطانية. عندما تتكرر أحداث السطو على البنوك والمصارف وعربات نقل الأموال بمعدل يومي وفي أماكن متفرقة بالجمهورية ، فهذا أمر لا تقدر عليه سوى أجهزة مخابرات محترفة. عندما يصل الأمر إلى إغلاق هويس إسنا ، ووقف حال 80 باخرة سياحية في أهم بقع مصر السياحية ، وعودة آلاف السياح إلى بلادهم وإعلان كبرى شركات السياحة العالمية إلغاء سفر أفواجها إلى مصر، فنحن بصدد ضربة للسياحة لا مثيل لها منذ حادث الدير البحري 1997. عندما نشاهد الغوغاء في ميدان التحرير وأمام مجلس الشعب يقذفون شباب الإخوان بالحجارة وزجاجات الماء ويرفعون لهم الأحذية ، ويهتفون بسقوط وخيانة الإخوان ، تدرك أنك أمام مشهد غير مسبوق في حمقه. عندما تشاهد الغوغاء أمام ماسبيرو يوجهون أفظع الشتائم لجنود الجيش ويبصقون عليهم ويلقون عليهم الزجاجات ويتهمونهم بالخيانة والعمالة ، تدرك مدى النجاح الذي حققه ليس فقط الجهد المخابراتي ، وإنما أيضا الغوغاء المحتكرين للصحف والفضائيات العلمانية ، وكتاب الأعمدة والمقالات الذين لا يتوقفون ، بكتاباتهم العنصرية المسمومة ، عن تحريض غوغاء الشارع على  التحرش بـ ، وممارسة العنف ضد الإخوان والجيش ، على أمل إستفزازهم لتكرار أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء ، ولكن هذه المرة بدرجة أكبر مأساوية.

من الذي مارس الشحن قبل مباراة الكرة بأيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشحن الغوغاء ، وخلق الخلفية الملائمة لإيقاع مجزرة؟ من الذي حرض أهالي وأصدقاء السائق المقتول في المهندسين على قطع شارع جامعة الدول العربية وتحطيم سيارات الأبرياء؟ من الذي نشر شائعة إطلاق سراح القاتل لإعادة إشعال الحريق في المهندسين؟ من الذي حرض عمال هويس إسنا على قتل الموسم السياحي؟ .. إلخ. هذه الأسئلة لن نصل إلى إجابات لها لأن من شروط العمل المخابراتي المحترف أن يتركك بلا إجابات.

كل ما يمكن التيقن منه هو أن ما جرى منذ 25 يناير هو ببساطة عقاب لشعب مصر على إنتخاب الإسلاميين. عندما فازت حماس في أكثر إنتخابات العرب نزاهة 2006 ، عوقب شعب غزة على انتخاب حماس بالحصار المستمر حتى اليوم. وكما كانت جماعة فتح هي أداة أميركا وإسرائيل في التواطؤ على تطبيق الحصار، أصبح العلمانيون في مصر هم أداة أميركا وإسرائيل في معاقبة شعب مصر. وهم يـُستخدمون بلا وعي منهم ، لأن هوسهم بالإسلاميين ، والذي تحول إلى هستيريا بعد الانتخابات ، وأحقادهم وخيالاتهم المريضة ، كل ذلك وضع غشاوة أمام أعينهم فأصبحوا يساقون كالغنم على طريق تخريب مصر. يزعم الغوغاء في الصحف والفضائيات أن الثورة سُرقت ، وأن الإسلاميين قفزوا عليها ، فيصدق الغوغاء في الشوارع والميادين أن الثورة ثورتهم ، وطالما أنهم لم يستفيدوا منها ، وذهبت الأغلبية للإسلاميين ، فلتذهب الثورة إلى الجحيم. ومن هنا محاولات إستدراج الإخوان إلى حرب شوارع لإشعال حريق لا يجد أمامه المجلس العسكري إلا الانقلاب على الثورة. وهم في ذلك يقـتدون بكبرائهم في الصحف والفضائيات الذين حاولوا حض المجلس على إقصاء الإسلاميين ، بذريعة "رفض الأحزاب الدينية" ، ودأبوا على الاستقواء به لفرض دستورهم على مصر، ولفرض معايير لجنة تأسيسية ، وحاولوا دفعه للتصادم مع الإخوان . فلما فشلت كل مساعيهم الشيطانية ، أعلنوا الحرب على المجلس ، وأرسلوا أتباعهم في الشارع للتحرش بالجنود.

ولكن كيف يمكن للإسلاميين ، وهم الطرف الأكثر عقلانية ووطنية في مصر، أن يتعاملوا مع هذا الموقف العصيب؟ هذا ما أتناوله الأسبوع القادم بإذن الله.
 
 

ليست هناك تعليقات: