مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الأربعاء، 10 أغسطس 2011

الشهيد علي زهران.. عزم على الشهادة قبل الخروج



 


10-08-2011
موقع اخوان اون لاين


حوار: سماح إبراهيم


صنع من ثوبه كفنًا له، وبنظرة الشهيد ودَّع زوجته ووالدته، قائلاً: "إن لم أعد يا أمي لا تحزني، وإن اشتقت لرؤيتي تأملي قسمات وجه أبنائي الثلاثة وستجديني في وجوههم، استحلفته زوجته بدموعها أن يظل إلى جوارها؛ فمولودها الثالث في شهره الرابع وأوشك على القدوم للدنيا، فربت على ظهرها قائلاً: "لأن يولد في نور الحرية بدوني.. أحب إليَّ أن يولد في ظلمات الظلم وأنا إلى جواره".

خرج علي حسن زهران "32 سنة- محامٍ- من شباب الإخوان المسلمين" لإنهاء مشاهد الظلم وقول كلمة حق في وجه سلطان جائر، فترك مسقط رأسه بمركز ملوي بالمنيا وأمواله ومشاريعه؛ وعلى الرغم من أنه العائل الوحيد لنحو عشرة أفراد بعد وفاة والده، ولديه طفلان في عمر الزهور وزوجته حامل، فإنه إحساس المسئولية والوطنية دفعه أن يكون من أوائل الثوار المشاركين بميدان التحرير.

في الميدان
(إخوان أون لاين) حاور أسرة الشهيد التي تقطن بالمنيا، وكانت البداية مع محمد حكيم عم الشهيد الذي أوضح أن علي كان شعله من الوطنية والحماس لم يرها تهدأ يومًا قط، فكان يقوم بتدريب المتظاهرين على ألعاب القوى والدفاع عن النفس داخل الميدان لحصوله على بطولات في رفع الأثقال، كما أنه حاصل على المركز الأول في "البوكس" على مستوى شمال الصعيد، وكان حريصًا على تفقد أصدقاء دفعته بجامعة حلوان الموجودين بالميدان، بالإضافة إلى مشاركته باللجان الشعبية، فتارة يجده عمه يقف كأسد يتوسط الميدان ويردد الهتافات وتارة أخرى يجده ينصب المخيمات للمغتربين، وثالثة يجده يبكي ويتضرع في الدعاء لإصلاح حال البلاد والعباد، إلى أن فارقت روحه جسده.

رصاصة غادرة
يوم الخميس الثالث من فبراير وتحديدًا في الساعة الثالثة والنصف عصرًا أجرى مكالمة هاتفية  للاطمئنان على والدته كعادته فهو حنون عليها دائمًا، وقال لها "انتظريني سأعود يا أمي قريبًا"، وبعدها بنصف ساعة أو أقل فوجئ الجميع عبر شاشات الفضائيات بقوات من الأمن المركزي تشن هجومًا على المتظاهرين فوق كوبري عبد المنعم رياض لاقتحامه، وكان علي ضمن أحد الطلائع التي رفضت أن تغادر الكوبري إلا بعد أن يتم تطهيره، وإذا بطلقة غادرة صوبها أحد القناصة المتربصين نحوه ليلقى علي إثرها مصرعه لينال الشهادة التي صدق الله في طلبها وسرعان ما قام عمه بإبلاغ أهله بالمنيا؛ لاستلام جثته من أمام مستشفى قصر العيني.

شارع الشهيد
وبصوت متقطع من البكاء قالت الحاجة زينب أم الشهيد "قبل وفاته بساعة أو أقل حدثني عبر الهاتف وقال لي إنه سيعود وقمت بقراءة سورة يس ثم دعوت له، وفجاءة وجدت رقمه يتصل بي مجددًا، لأجد من يقول لي "ابنك استشهد  يا حاجه"، القرية جميعها انتفضت لوفاة علي، فهو كان يعكف على خدمة أهالي ملوي، وتقديم الأعمال الخيرية فكان يستثمر ميراثه في إقامة مشاريع لتشغيل شباب القرية، فجميع أهل بلدته يشهدون بأخلاقه الطيبة وحسن معاملته وكرهه للظلم، مؤكدة أن سبب مشاركته في الثورة جاء بعد أن رأى تزوير انتخابات مجلس الشعب 2010م، ورفضه لحالات التزوير التي كانت ترتكب.

وذكرت أنه تخليدًا لدوره وتضحيته قام المحافظ وأهالي مدينة ملوي بتسمية شارع الجلاء باسم الشهيد، كما قام الإخوان المسلمون بتكريمه، وأعلن الدكتور نبيل جميل أحد قيادات الإخوان بملوي عن قيام الجماعة بتبني أبنائه الثلاثة تعليميًّا، وتوفير جميع المستلزمات الدراسية لهم، وذلك على نفقة الجماعة الخاصة إلى إتمام المرحلة الجامعية لهم.

الابن البار
إلى الآن لم أتخيل أن يمر عليَّ أول يوم في رمضان بدون أن أجده أمامي، يطرق حجرتي كعادته ويناديني "انهضي يا أمي واجلسي معي، كم أشتاق للحديث إليك أيتها الشابة العجوز".. هكذا واصلت أم الشهيد علي الحديث عنه، قائلةً إنه كان في رمضان يقوم بتجميع الأسرة بكاملها لنقضي شهر رمضان معًا، ويتولى هو مسئولية الإنفاق طوال الشهر، وحينما كنت أتضرر من إزعاج أبنائه كان يطلب من زوجته أن يتركوا المنزل على الفور ليعودوا صباح اليوم التالي، وكانت لا تغمض له عين إلا بعد أن يشرف بنفسه على مواعيد الدواء الخاصة بي، وعمل الفحوصات اللازمة لإتمام علاجي في مستشفى قصر العيني بالقاهرة.

وعلى الرغم ضيق وقته خلال شهر رمضان؛ فإنه كان يفرغ نفسه للاعتناء بأمري وشراء أجهزة لقياس الضغط والسكر، وكان يهاتفني في اليوم الواحد ما يزيد عن عشر مرات.

رمضان والطاهرة
وتستطرد: أما عن الصلاة والقرآن فقد كان قرة عيني "علي" يحرص على أداء الصلوات في  أوقاتها بالمسجد، ويهتم بكثرة تلاوة القرآن والاستماع إليه، ويقوم بتجميع أهل القرية على الطاعات من خلال "الطاهرة"، وهي عبارة عن مائدة رحمن يومية، وبعد الإفطار يتوجه أهالي القرية إلى المسجد لأداء صلاة التراويح ثم يعودون مرة أخرى لتناول الفواكه والحلويات، ليقوم باستئجار المقرئ بكر زهران لتلاوة القرآن من بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر لختام القرآن تلاوة أكثر من 10 مرات خلال شهر رمضان.

تاج من نور
فيما ذكرت سلوى حسن، أخت الشهيد، بصوت باكٍ: "أجد لساني عاجزًا عن وصف أخي فهو متواضع أمام غيره، منكسر أمام ربه، طموح أمام نفسه، أحن ما يكون على أمه، أكثر انشغالاً بهموم بلده".

فكان حقًّا بمثابة أخ وأب وابن يتصدر مشكلاتنا منذ الصغر ويسعى لحلها، وهو السبب في حفظي لكتاب الله، فقد كان يقول لي دوما "أريدك أن تحفظي كتاب الله في قلبك"، فلو أراد الله لي أن ألبس تاج القرآن في الجنة سأهديه إلى أخي فهو أحق به.

وأضافت أن علي كان أكثر ما يكون تصدقًا وإشفاقًا على المساكين والفقراء خلال شهر رمضان، وكنَّا نجد أهل القرية يشكرون لنا حسن صنيع أخي وأفضاله، ولم ندر علام يشكروننا؟!، هكذا كان أخي لا يتحدث عن خير يفعله في الخفاء.

وقال جمال عزت "محامٍ في الهيئة العامة للبترول وأحد الأصدقاء المقربين للشهيد": إنهم يلقبون علي بـ"تلميذ الشيخ كشك" فهو تربَّى على محاضراته وكتاباته وكان من الحريصين على إنصاف المظلوم وقول الحق مهما كلفه الثمن، ومن أبرز الصفات المعروف بها أيضًا الشهامة والبر بالآخرين.

وكان الشهيد بحسب رواية صديقه قليل الكلام كثير الفعل، لا يتحدث عن أهل بيته إلا بالخير ومن أشهر المقولات له "الساكت عن الحق شيطان أخرس"، كما أنه كان يهتم بمشاريع الصدقة الجارية فشارك في بناء مسجد بعزبة أولاد زهران.

بعد وفاته
وذكرت والدة الشهيد أن بعد وفاته اكتشفنا أنه كان يخصص جزءًا من ماله شهريًّا لأعمال البر وإمداد جمعيات تحفيظ القرآن، وسنسعى لاستمرار عطائه بعد وفاته ولن تغلق مشاريعه أو تتوقف "الطاهرة" في رمضان، فكلنا ثقة بأنه بيننا وسيشعر بافتقادنا له كما نفتقده.

ليست هناك تعليقات: