مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الجمعة، 26 أغسطس 2011

يوسف مكاوي.. شهيد في عمر الزهور

26-08-2011
حوار: إسلام عادل
كان عاديًّا جدًّا، أقرب للالتزام بطريق الله، أراد أن يحيا بحرية وكرامة وأن يطمئن على مستقبله حينما يكبر ويشعر بالانتماء إلى هذا الوطن، ويعيد له كرامته وكبرياءه بعد أن أهدرها النظام البائد طوال 30 عامًا مضت، خرج ليكون إنسانًا حرًّا له كرامة وليس مجرد شخص له ورقة تسمى "شهادة ميلاد" هي التي تثبت وجوده فقط، فما كان إلا أن قابل ربه في سبيل هذه المطالب التي خرج من أجلها.

هو "الشهيد يوسف أنور مكاوي" ابن مركز كرداسة، الطالب بالصف الثالث الإعدادي بمدرسة فاطمة الزهراء الإعدادية، استشهد يوم جمعة الغضب 28 يناير، وهو يهتف ضد الظلم والتعذيب والقهر أمام مركز شرطة كرداسة إثر إصابته برصاصة من أحد المخبرين من سلاحه الآلي، والتي اخترقت كتفه من أعلى ومرت بقلبه فهتكته وقطعت أمعاءه واستقرت بالحوض في أسفل جسمه وعلى الفور قابل الله سبحانه وتعالى شهيدًا.

(إخوان أون لاين) التقى أسرة الشهيد، ولم يكن حوارنا معهم كأي حوار، فالشهيد في عمر الزهور لم يتخطَّ الـ15 عامًا، بدأ والده الحديث عنه بتنهيدة حارة واسترسل في الحديث عن أخلاقه قائلاً: "مفيش حد مات في الثورة دي أخلاقه وحشة، وكل من ماتوا في فيها كل من يذكرهم يذكرهم بالخير".

ولكن يضيف الحاج أنور أن ولده يوسف كان شخصًا لن يتكرر مرةً أخرى، فقد كان متين الخلق، وكان يسمع كلام والديه ومطيعًا لهما، كما كان يساعد والده في أعمال الحقل فكان يقود الجرار الذي يحرث أرض والده حينما يشعر والده بالتعب والإجهاد بعد عودته من المدرسة، كما كان بشوش الوجه، يعامل كل الناس بالكلمة الطيبة والوجه الحسن، وبكل ذوق وأدب، وهو ما جعله محبوبًا بين كل الناس من أهالي قريته، وكان مواظبًا على الصلاة، وكان في رمضان يخرج مع والده إلى العمل بعد الفجر ليعودا معًا ليجلسوا معًا، وحتى موعد الإفطار، ليذهب بعدها إلى جده ويجلس معه بعد صلاة العشاء والتراويح.

وبفخر الأم التي ربَّت وتعبت، تقول السيدة عايدة، والدة الشهيد: إن يوسف كان مثالاً للأدب والأخلاق، مثله مثل كل شهداء الثورة؛ حيث كان بارًّا بها وبوالده وكلما رآها- سواء كان في بداية استيقاظه أو قبل نومه- كان يقوم بتقبيل يديها ورأسها، ولم يقم في يوم من الأيام بإعلاء صوته عليها، أو حتى النظر إليها بوجه غاضب، بل بالعكس كان ينظر إليها والبسمة الحنونة تملأ عينيه.

وتضيف: إن ولدها كان بارًّا بوالده أيضًا، وليس بها فقط، فكان يقوم منذ البكور ليقوم محل والده ليأخذ المحراث (الجرار الزراعي) ليعمل محل والده المصاب بمرض كبدي ويعمل على إزاحة الجهد والتعب من على كاهله.

وفي رمضان كان ككل الشباب يستعد له بروحانياته المعهودة، كما كان يعمل مع أصدقائه لتهيئة القرية وشوارعها لهذا الشهر عن طريق تزيين الشوارع وإنارتها لاستقبال الشهر الكريم، ولم يكن عناء الصيام يلهي يوسف عن واجباته نحو والده، فيظل يذهب إلى العمل بعد المدرسة، وهو عائد يقوم بشراء العصائر المرطبة للعائلة من ماله الخاص بالرغم من أن عائلته ميسورة الحال جدًّا ولكنه آثر أن يكون "رجلاً للمنزل" بجانب والده وفي السحور بعد زيارة جده يعود حاملاً السحور إلى البيت أيضًا.

وعن واجباته الدينية تقول إن ولدها كان منتظمًا في الصلاة، خاصةً في أواخر أيامه والتي شعرنا بعد استشهاده أن الله سبحانه وتعالى كان يعده حتى يذهب إليه بلا ذنوب، ففي الفترة الأخيرة التزم بشدة بالصلاة، وأخذ يستمع بكثرة إلى القرآن الكريم، حتى إنه كان لا يستطيع النوم إلا على صوت القرآن الكريم وأصبح شبيهًا بالإدمان عنده.

ويقول أحمد عبد الرحمن "عم الشهيد": إن أكثر ما كان يتميز به ابن شقيقه هما صفتان أساسيتان؛ الشجاعة وحب خدمة الناس، فكان في مظاهرات الجمعة متصدرًا المشهد مقبلاً لم يخف الطلقات الطائشة التي أطلقت، كما كان يحاول بشتى الطرق خدمة الناس، فحينما كان عائدًا في إحدى المرات بجرار والده من الحقل رأى سيارة تحتاج إلى القطر فنزل وهو لم يكن يعلم صاحب هذه السيارة وهو ما يشكَّل خطورة؛ لأنه من الممكن أن يكون هذا فخًّا له، ولكنه كان شجاعًا وخدومًا للجميع ولم يعبأ بأي شيء.

ويضيف أحمد: إنه كان يسعى دائمًا إلى صلة الرحم خاصة في رمضان، فبعد أن يعود من عمله مع والده ويفطر ويقوم ليصلي العشاء والتراويح يذهب إلى بيت جده وجدته ليجلس معهم ويودهم ويجلس مع أولاد أعمامه وبعدها يذهب لبعض الوقت مع أصدقائه، ولم يُعرف عنه قط قيامه بعمل شائن أو شيء يخدش الحياء أو ينمُّ عن سوء خلق، بل بالعكس كان نعم الشاب بين أقرانه ليختاره الله من أجل لقائه شهيدًا.

ليست هناك تعليقات: