مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




السبت، 15 ديسمبر 2012

الهوية الإسلامية‏..‏ ومميزات الدستور الجديد - د. محمد عمارة


د. م�مد عمارة

15 ديسمبر 2012


بقلم : أ.د / محمد عمارة - المفكر الاسلامي الكبير وعضو مجمع البحوث الاسلامية وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وعضو الجمعية التأسيسية المنتخبة لأنشاء دستور مصر الثورة 2012


 
كانت الدساتير ـ في بلادنا ـ توضع بإرادة الحاكم الفرد ـ محمد علي باشا
في قانون السياستنامة سنة‏1837‏ م‏..‏ والخديو إسماعيل في دستور سنة‏1879‏ م
والخديو توفيق في دستور سنة‏1882‏ م ـ والملك فؤاد في دستور سنة‏1923‏ م‏..‏
وقائد ثورة يوليو في دساتير سنة1954 م و سنة1958 م وسنة1964 م ـ وقائد حركة التصحيح ـ أنور السادات ـ في دستور سنة1971 م..
لكن هذا الدستور ـ الذي يستفتي عليه الشعب اليوم ـ قد تميز وامتاز بأن الشعب هو الذي قرر وضعه, ورسم طريقة صياغته في استفتاء شعبي في مارس سنة2011 م, عقب ثورة شعبية فريدة شارك فيها عشرات الملايين من المصريين.
> وكانت كل الدساتير تضعها لجنة يعينها الحاكم.. لكن هذا الدستور الجديد قد امتاز بأن الجمعية التي وضعته قد تم انتخابها من المجالس التشريعية المنتخبة من قبل عشرات الملايين في أول انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في تاريخ هذا الشعب العظيم.
> وكانت الدساتير يضعها فرد ـ شريف باشا في دستور سنة1879 م ـ أو لجنة متخصصة من فقهاء القانون والدستور.. أما هذا الدستور الجديد فلقد وضعته جمعية ضمت ـ إلي جانب فقهاء القانون والدستور ـ ممثلين لمختلف طبقات الشعب وفئاته.. من العلماء والمفكرين والمهنيين ورجال الدين والعمال والفلاحين والطلاب.. الخ.. الخ..
> وكانت الدساتير السابقة توضع في غرف مغلقة.. أما هذا الدستور الجديد فلقد أذيعت مداولات وضعه علي التلفاز.. وذهب أعضاء جمعيته إلي كل محافظات مصر, وإلي الجاليات المصرية في الخارج, لاستطلاع الآراء فيه, ولإدارة أوسع الحوارات المجتمعية حول مبادئه وأهدافه.
> وفوق ذلك.. فإن هذا الدستور الجديد هو أول دستور ينص ـ صراحة علي انتماء مصر إلي أمتها الاسلامية ـ بالاضافة إلي انتمائها لأمتها العربية, ومحيطها الإفريقي, وامتدادها الأسيوي ـ كما ينص علي خصوصية الانتماء إلي حوض النيل.
> وهو أول دستور تشارك فيه هيئة كبار العلماء ـ بالأزهر الشريف ـ عندما وضعت تفسير مبادئ الشريعة الاسلامية, لإزالة اللبس ومنع الخلاف, وتوسيع مجالات الاختيار أمام المشرع, لتشمل هذه المبادئ أدلة الشريعة الكلية, وقواعدها الأصولية والفقهية, ومصادرها المعتمدة في مذاهب أهل السنة والجماعة ـ كي يختار المشرع ما يناسب العصر ويواكب المستجدات ـ
> وهو أول دستور ينص علي استقلال الأزهر الشريف ـ مؤسسة مصرية, عالمية الرسالة ـ وعلي أخذ رأي هيئة كبار العلماء في كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية.. بل ويضع ذلك في باب المقومات الأساسية للدولة والمجتمع.
> وهو أول دستور يعطي لشركاء الوطن ـ من المسيحيين واليهود ـ الحق في الاحتكام إلي مبادئ شرائعهم في أحوالهم الشخصية, وشئونهم الدينية, واختيار قياداتهم الروحية.. فيفصح عن الموقف الإسلامي الثابت: يتركون وما يدينون ويضع ذلك ضمن المقومات الأساسية للدولة والمجتمع.
> وهو أول دستور يضيف الشوري إلي الديمقراطية كمبادئ للنظام السياسي.. هذه الشوري التي قال عنها فقهاؤنا: إنها من قواعد الشريعة, وعزائم الأحكام. وأن من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب, وهذا مما لا خلاف فيه.
> وهو أول دستور يحدد معني المواطنة ـ التي تسوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات فيزيل اللبس الذي جعل البعض يريدها مواطنة علي النمط الغربي, تقوم علي نفي الشريعة والدين!.
> وهو الدستور الذي منع قيام الأحزاب التي تفرق بين المواطنين بسبب الدين.. ولم يمنع المرجعية الدينية في العمل السياسي والحياة الحزبية ـ كما كان الحال في تعديلات سنة2007 م لدستور سنة1971 م.
> وهو الدستور الذي أعاد نظام الوقف ـ كشكل من أشكال الملكية ـ وكمؤسسة تمويلية أسهمت في إقامة العدل الاجتماعي ـ في تاريخنا ـ ومولت صناعة الحضارة الإسلامية.. وذلك بعد أن أجهز حكم العسكر علي هذا النظام منذ ستين عاما.
> وهو أول دستور ينص علي ضرورة تعريب التعليم والعلوم والمعارف, فينتصر للغة القرآن, التي ظلت لغة العلم العالمي لأكثر من عشرة قرون, والتي لم تعزل عن تدريس العلوم إلا تحت حراب الاستعمار!.
> وهو أول دستور ينص علي وجوب محو عار الأمية عن شعبنا في مدة أقصاها عشر سنوات.
> وهو أول دستور ينص علي اعتماد نسبة من الدخل القومي للتعليم, وللبحث العلمي, بعد أن انهار تعليمنا, وتخلفنا في البحث العلمي تخلفا تضرب به الأمثال!.
> وهو الدستور الذي تظلل قيم العدالة الاجتماعية العديد من مواده.. فيجعل للعاملين نصيبا في إدارة المشروعات وفي أرباحها ويجعل لممثليهم50% من الأعضاء المنتخبين لإدارة هذه المشروعات.. كما يجعل لصغار الفلاحين وصغار الحرفيين نسبة لا تقل عن80% من عضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية.. و50% علي الأقل من عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يرسم سياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية.. كما يلزم الدولة ـ ولأول مرة ـ بتوفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة, ولكل من لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي.. كما يقرر ـ هذا الدستور ـ حقوق المواطنين ـ علي الدولة في مقومات الحياة الكريمة: المسكن, والغذاء الصحي, والماء النظيف, والبيئة الصالحة, والتعليم عالي الجودة.
> وهو الدستور الذي انتصر للحريات ـ الفردية والاجتماعية ـ لإزالة آثار عدوان الدولة البوليسية علي هذه الحريات ـ فنص علي صيانة حريات الأفراد والأسرة والأحزاب والجمعيات والصحف والمظاهرات والاجتماعات, التي تقوم وتمارس عملها الحر بمجرد الإخطار.
> وهو أول دستور يضمن حدا أدني للأجور.. ويضع حدا أقصي للمرتبات في أجهزة الدولة.
> كما يقلص سلطات رئيس الدولة ومدة ولايته, ويضع القيود علي الذمم المالية والأنشطة الاقتصادية والتجارية لمن يتولي العمل العام في سلطات التشريع والتنفيذ..
> إنه الدستور الأفضل في تاريخ هذا البلد الأمين, سواء في أسلوب وضعه, أو فيما تضمنه من مميزات وامتيازات.   

ليست هناك تعليقات: