طلعت حرب .. لنا فيه النموذج المنشود !!..(2 )

طلعت حرب ..

لنا فيه النموذج المنشود !!..(2 )

التمازج الوطني بين الطوائف :

شملت عضوية مجلس الادارة الخاص ببنك مصر : يوسف أصلان قطاوي ( يهودي مصري ) وعضوية المجلس لعلي ماهر و عبدالعظيم المصري وكلا من : يوسف شيكوريل واسكندر مسيحة...وآخرون , ومحمد طلعت حرب عضو مجلس منتدب ورئاسة المجلس الى السيد/ أحمد مدحت ( باشا )                                                                                                                    

*اهتمامه بالثقافة الاسلامية واللغة العربية :

يقول طلعت حرب في خُطبة الاحتفال بانشاء بنك مصر بعد مرور خمسة عشر عاما  : (( نذكر لحضراتكم بكل سرور أن تجربة اللغة العربية , وهي لغة الدولة الرسمية , بل ولغة كتاب الله العزيز الحكيم – قد نجحت نجاحا باهرا كما

 نجحت في أعمال البنك )) وقد قال هذا الكلام بمناسبة أن البنوك الاجنبية كانت وقتئذ تعتمد اللغات الأجنبية في عمولاتها وحساباتها ويقول أيضا : (( وبهذه المناسبة , يسرنا أن نذكر أيضا – والشيء بالشيء يذكر كما يُقال – أن تقريرا قد قُدِم َ لنا , والبنك يحبو في خطوات من عُمره , يذكر فيه صاحبه , وقد هاله بطء الاكتتاب في رأس المال , وبطء ورود الودائع ,إن اللغة العربية قد فشلت في احتمال أعمال البنك , وأننا اذا لم نستعمل لغة أجنبية , وموظفين أجانب , واذا لم نجعل الأسهم ملكا  لحاملها يتداولها المصريون , وغير المصريين , لأيجاد الثقة , فلامناص من مواجهة الهزيمة .

وقد شاء الله أن نضرب بهذا التقرير اليائس عرض الحائط , وأن نهمله فلانقبله ولانعمل به , وذلك لأن الله يُحب مصر حقا ً , فأراد أن يكون فيها بنك ٌ خالصٌ لمصرَ والمصريين ..

وانظروا أيها السادة , الى كيان البنك الآن , ووازنوا بينه وبين كيانه لو عملنا بالتقرير الذي حدثناكم عنه ..ألا يكون اسمه – لو بقي – على غير مسمى .

وهل كانت تبقى آثاره التي تشهدونها هنا وهناك ؟))

[ م3 طلعت حرب ]

اهتمامه باللغة العربية ومديحهه للبلدان التي حافظت عليها , فيتحدث عن دمشق التي زارها :

(( فكم لمدينتكم من فضل ٍ في صيانة لغة القرآن , والحرص عليها من تلاعب الحدثان , وهاأنتم أولاء قد زدتم فضلاً على سابق أفضالكم فأسستم مجمعا ً لغويا ً يرد اللغة الى أصولها , ويسعى لتجديد حياتها , فيبحث عن تسمية الأشياء بأسمائها أو يشتق للمستحدثات ماتسمح قواعد اللغة باشتقاق كلماتها أو

 تعريب ألفاظها )).

[ م5 : طلعت حرب ]

ويقول أيضا: (( والواقع أن البلاد المتكلمة باللغة العربية مهما ابتعدت مواقعها الجغرافية بعضها عن بعض , ثقافة واحدة مشتركة المظاهر , في كثير من مميزاتها وصفاتها , وواجب هذه الأمم وجماعاتها هو أن يعملوا دائما على تقريب دواعي هذه الثقافة وجعل اللغة الفصحى واسطة نقلها من قُطر الى آخر وأن يعملوا دائما ً على توجيه اتجاهاتها بمجمع علمي مشترك )).

في مقام آخر كان يتحدث طلعت حرب مع بعض الطلبة المصريين في فرنسا عند رحلته ليحمسهم ويربطهم بالثقافة العربية والاسلامية والعادات المصرية ويدعوهم الى الحفاظ على التراث الشرقي فقال:

(( نريد عقلية مصرية متشابهة  في سموها مع أسمى الأمم , ونريدها عقلية مصرية مستقلة , عقلية هي وليدة حاضرنا نسعى الى أن نربطه بماضينا , كما نسعى أن نقوده ونسير الى مستقبل حسن , والمستقبل وإن يكن بيد الله , إلا أنه الى درجة ما , بين القوم , ولايغير الله مابقوم حتى يُغيروا مابأنفسهم ))

ثم قال : (( خُذوا اليابانيين , مثلاً تروا أنهم اقتبسوا من أمم الغرب أشهى ثمرات العلوم والفنون , غير أن عقليتهم بقيت يابانية , وثقافتهم ثقافة يابانية مشتركة مع الأمم الغربية في الأصول الثابتة من رأس مال البشرية العقلي العام .ولكنها عقلية مستقلة وثقافة مستقلة . واذا وجدت مثل هذه العقلية الممتازة في أقلية ممتازة هي ذخر التقدم في كل عصر , وفي كل بلد , فإن ضوءها يمتد كضوء الفنار على سواد المجموع فتصبغ عقلية الأغلبية بصبغتها متخذة الجامعة وسبيلها .

هذه العقلية الممتزجة المتشابهة , هذه العقلية المستمدة من تهذيبات الشعوب المختلفة , هذه العقلية القائمة على الملكة العلمية المشتركة بين البلاد , دون أن تكون متأثرة بالبلدة التي تم تكوينها فيها , هذه العقلية التي يجب أن تكون مشتركة في طرق العلم الثابتة مع أسمى الأمم الغربية دون أن تصبغ بمميزات هذه الأمم وخواصها , هذه العقلية التي نريدها في شبابنا المتعلمين ومتخرجي الجامعات سامية عالية تناطح العقليات في سمو ادراكها .

هذه العقلية ينبغي أن تكون بجهود المتعلمين أنفسهم حتى تكون مصرية لاعقلية ألمانية , ولا عقلية انجليزية , ولا عقلية فرنسية ولا عقلية أجنبية أخرى , وهذه العقلية يجب أن تكون مصبوغة بخواص الذكاء المصري ومرآة صادقة للحسن من الطبع المصري , فلا يفيد تعلم ولاتعليم , مالم يكن منطبقا على طبيعة الانسان وطبيعة تكوينه العقلي والخُلُقي , في زمان ومكان محدودين )) .

اهتمامه بالفن الاسلامي حتى في معمار وزخرفة البنك الذي أسسه بأموال المصريين ( بنك مصر ) فكان تعبيرا عن الأصالة واعتزازه بهذه الحضارة الراقية , كمحافظة على الطابع الحضاري المصري .