مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الثلاثاء، 16 أبريل 2013

رؤية الغزالي للاعتدال الاسلامي ..بين الشيوعية والرأسمالية 4



رؤية الغزالي للاعتدال الاسلامي ..بين الشيوعية والرأسمالية 4

الوقف الإسلامي ودوره :

يتحدث الامام الغزالي عن مفهوم الوقف في الاسلام وإلى أنواعه وإلى أبواب البِّر التي تصرف فيه .

" نظام الوقف : يعني إبقاء عين الأرض محبوسة على الجهة المعينة لها إلى قيام الساعة . فلايمسها تصرف ما , وتصرف غلتها في المصارف التي حُددت لها , من نواحي الخير الموجودة أو التي ستوجد !

والوقف نوعان خيري وأهلي :

الوقف الخيري فجائز باتفاق الفقهاء , وقد أقره الرسول , ولم ير به بأسا , ( فقد أصاب عمر أرضا بخيبر , فأتى النبي صلوات الله عليه وسلامه وقال : يارسول الله : أصبت أرضا بخيبر , لم أصب مالا ً قط أنفس عندي منه , فكيف تأمرني به ؟

فقال : (( إن شئت َ حبست أصلها وتصدقت بها ))
فتصدق بها عمر , إنه لايباع أصلها ولايورَّث . للفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف ..ثم اتفقوا أنه لاجناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف , ويطعم صديقا غير متأثل مالا ً))

[ حديث صحيح : رواه البخاري – أحمد ابن حنبل – الترمذي – النسائي – ابن ماجة عن ابن عمرو ]

ويقول الغزالي : لقد عرف المسلمون أن الاسلام دعا إلى الوقف الخيري من حيث كان دين فطرة , فمضوا بهدى الفطرة وآداب الدين يقفون أموالهم على المستشفيات وعلى المساجد وعلى  التكايا والأسبلة وعلى دفن الموتى وختان الأطفال وعلى إعانة الفتيات على الزواج وعلى التعليم والسياحة في الأرض والرحلة لأداء فريضة الحج وعلى كفالة الفقير واليتيم المحروم وعلى كل غرض إنساني شريف , بل لقد أشركوا في برهم الحيوان مع الانسان . ولقد تأخذ أحدنا الدهشة وهو يستعرض حجج الواقفين ليرى القوم في نبل نفوسهم ويقظة ضمائرهم وعلو إنسانيتهم , بل في سلطان دينهم عليهم وهم يتخيرون الأغراض الشريفة التي يقفون لها أموالهم ويرجون أن تنفق في سبيل تحقيقها هذه الأموال .

ويأتي بعد ذلك يستعرض بعض مصارف تلك الأوقاف الخيرية منها :

1 – وقف الزبادي :
يشترى منه صِحاف الخزف الصيني , فكل خادم كُسِرت آنيته وتعرض لغضب مخدومه له أن يذهب إلى إدارة الوقف فيترك الإناء المكسور ويأخذ إناء صحيحا بدلاً منه .

2 – وقف الكلاب الضالة :
وهو وقف ينفق من ريعه على إطعام الكلاب التي ليس لها صاحب .

3 – وقف الأعراس :
وهو وقف لإعارة الحُليّ والزينة في الأعراس والأفراح يستعير الفقراء منه مايلزمهم في أفراحهم وأعراسهم ثم يعيدون ما استعادوه إلى مكانه , وبهذا يتيسر للفقير أن يبرز يوم عرسه بحله لائقة ولعروسه أن تُحلى في حُلة رائقة .

4 – وقف المغاضبات :
وقف يؤسس من ريعه بيت ويُعد فيه الطعام والشراب وما يحتاج إليه الساكنون تذهب إليه الزوجة التي يقع بينها وبين زوجها نفور وتظل آكلة شاربة إلى أن يذهب مابينهما من الجفاء وتصفو النفوس فتعود .

5 – وقف مؤنس المرضى والغرباء :

وقف ينفق منه على عدة مؤذنين من كل رخيم الصوت حسن الأداء فيرتلون القصائد الدينية طول الليل بحيث يرتل كل منهم ساعة حتى مطلع الفجر سعيا وراء التخفيف عن المريض الذي ليس له من يخفف عنه .

6 – وقف خداع المريض :

فيه وظيفة من وظائف معالجة المرضى في المستشفيات وهي تكليف الممرضين أن يقفا من المريض بحيث يسمعهما ولايراهما فيقول أحدهما لصاحبه : ماذا قال الطبيب عن هذا المريض ؟ فيرد عليه الآخر : إن الطبيب يقول إنه لابأس به مرجو البرء .

ثم يتحدث الغزالي عن ثمار هذا النظام الإسلامي من الناحية الاجتماعية والاقتصادية فيقول : ((إن بذور الخير التي كمنت دهرا ً في أطواء هذا الوقف , تفتحت أزهارها ونضجت ثمارها في القرون العجاف التي عاشت فقط أمجاد الماضين وبِرَهم الباقي !

أجل , فقد جاء العصر الأخير وهذه الأوقافتجبر المكسورين , وتنقذ الغارمين , وتكفل الأرامل واليتامى , وتصل بأولاد الفقراء إلى المراحل العليا من التعليم , وتسد حاجات للمجتمع الإسلامي لم يستطع المعاصرون الوفاء بها أو القيام عليها !.

أما الوقف الأهلي , فقد رفضه فريق من الفقهاء – فيهم الامام العظيم أبو حنيفة – بحجة أنه يحبس الأموال عن التداول العام مما يضر بالحالة الاقتصدية !

غير أن كثيرين من الفقهاء أقروه , ويقوم هذا الوقف على حبس العين بين طبفات من الورثة حتى إذا انقرضوا عادت إلى جهات الخير المعيِّنة لها . وقد غالى الفقهاء بهذا النوع من الوقف حتى جعلوا شرط الواقف كنص الشارع ( المشرِّع )  !!

فجاء من الواقفين من مزَّق أحكام الشريعة الاسلامية , فأعطى الأبناء وحرَمَ البنات , والفقهاء ساكنون في انتظار فناء الجميع , لتظفر جهات الخير بالتركة المرتقبة !
وينتظر أن يتخلص المسلمون من هذا النوع من الوقف ..."

وفي هذا يوضح لنا الامام الغزالي أن كثيرا في عصور التراجع السياسي والاقتصادي ولاسيما العصر المملوكي والعثماني وعصور الاستعمار قد أفاد الوقف في رعاية كثير من المحتاجين وكثير من المجالات التي أفادت منه كدور اقتصادي للأمة .

ليست هناك تعليقات: