مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الجمعة، 12 أكتوبر 2012

  فهمي هويدي يكتب: المجتمع سقط من الحسبان


الجمعة 12 اكتوبر 2012




شىء جيد أن تخاطبنا الحكومة فى مصر، لكننا لا نرد منها أن تكتفى بأن تبثنا همها، لأن المجتمع بدوره لديه همومه الذى يريد أن يوصلها إلى مسامع الحكومة. صحيح أن التشخيص مهم للغاية، لكنه يظل منقوصا إذا لم يستتبع بالبحث عن سبل العلاج. أقول ذلك بعدما تابعت فى الصحف المصرية أمس عروضا لما تحدث به رئيس الوزراء ووزير التخطيط فى لقائهما مع رؤساء تحرير الصحف. وكان أهم ما فى ذلك اللقاء أن الدكتور هشام قنديل صرح فى الاجتماع بأن عجز الموازنة بلغ حتى نهاية شهر يونيو الماضى 170 مليار جنيه، وإن ذلك رقم كبير ينذر بالخطر. والمطلوب الآن هو البحث عن إجراءات تتخذها الحكومة لمواجهة العجز. إضافة إلى البحث عن استثمارات جديدة. فى هذا السياق قال أن الزيارات التى قام بها إلى الخارج وكذلك زيارات رئيس الجمهورية أكدت أن هناك دولا جادة فى مسألة الاستثمار.

ما قاله رئيس الوزراء أيده فيه وزير التخطيط، واستفاض فى شرح تفصيلات الأزمة، حين تحدث عن معدلات الفقر والبطالة ومشكلات الدعم وما إلى ذلك. وإذ أكرر أن مخاطبة الحكومة للرأى العام تعد خطوة جيدة أرجو أن تصبح سياسة متبعة وليست مجرد إجراءً استثنائيا، إلا أنه لى ثلاث ملاحظات على ما نشر فى اللقاء أوجزها فيما يلى:

إن اللقاء لم يتسم بالصراحة الكافية، وبدا فيه التردد واضحا فى عدة نقاط. فرئيس الوزراء تحدث مثلا عن أنه تم إنشاء 703 شركات جديدة، لكنه لم يذكر أن 1500 مصنع أغلقت منذ قامت الثورة، وهو ما يتجاوز ضعف الشركات الجديدة التى لا جدال فى أنها تستحق الترحيب والتشجيع. إلا أن التصدى لملف المصانع التى أغلقت لا يقل عن ذلك أهمية بل قد يزيد. قال رئيس الوزراء أيضا إن الطريق البرى بين مصر والسودان سوف يفتح قريبا، وهو ما ستكون له آثاره الاقتصادية الكبيرة فما خص علاقات البلدين، إلا أن مبلغ علمى أن الطريق جاهز منذ مدة، ولكن ما يعطل افتتاحه هو الاتفاق على حل مشكلة مثلث حلايب الذى هو محل تنازع بين القاهرة والخرطوم، وقد اقترح السودانيون له أن تحول إلى منطقة تجارة مشتركة بين البلدين، ولم يعرف بعد مصير الاقتراح.

إن رئيس الحكومة عوَّل على أمرين لمواجهة الأزمة الاقتصادية، أولهما إجراءات الحكومة وثانيهما الاستثمارات الخارجية، وأسقط من الحسبان دور المجتمع ومسئوليته، الذى أتصور أنه لا يقل أهمية عن إجراءات الحكومة وأكثر أهمية من الاستثمارات الخارجية. حتى أزعم أنه إذا لم تستنهض همة المجتمع وتدور عجلة الإنتاج فى الداخل فإن الاستثمارات الخارجية لن تأتى. والمشكلة هنا ليست فى أن رئيس الوزراء أغفل هذا العنصر، ولكنها أكبر من ذلك بكثير، لأن ذلك الاغفال يكشف عن الكيفية التى تفكر بها الحكومة فى التعامل مع الأزمة الاقتصادية، والتى تقوم على فكرة إجراءات السلطة مع مد اليد إلى الخارج، ولا تراهن على قدرات الداخل بخبراته وإمكانياته وإبداعاته.

إن رئيس الحكومة لم يقدم لنا تصورا لإجراءات الحكومية، وهل ستكون مقصورة على رفع الدعم على بعض السلع وزيادة أسعار المياه والكهرباء والمكالمات الهاتفية، أم أن لديها تصورا لإجراءات خفض نفقاتها، واستعادة الأموال المنهوبة واستحقاقات الضرائب المتأخرة (هذه الموارد قدرها الرئيس مرسى بمبلغ 100 مليار جنيه فى خطبة يوم 6 أكتوبر)، وإعادة النظر فى الحد الأقصى للدخول وفى مصير أموال الصناديق الخاصة، وهى موارد هائلة ينبغى الاستعانة بها قبل الإقدام على زيادة الأسعار ومضاعفة الأعباء المالية التى يتحملها الفقراء.

قرأت قبل أيام أن الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند وضع خطة لتقليل نفقات القصر الرئاسى بنحو 5 ملايين يورو، تخصم من مخصصات العاملين ونفقات تنقلات الرئيس ومصروفات القصر، كما سيتم خصم مليون يورو من نفقات التجهيزات والترميمات التى تجرى سنويا للقصر (لدينا 53 قصرا تابعة للرئاسة وسمعت من الدكتور كمال الجنزورى أنه حين كان رئيسا للوزراء فى عهد مبارك رفض التوقيع على مذكرة لرئيس الديوان زكريا عزمى طلب فيها اعتماد 60 مليون جنيه لترميم أحد تلك القصور).

هذا الذى ذكرته مجرد نموذج للكيفية التى تخاطب به السلطة المجتمع حين تدعوه إلى الاقتصاد والتقشف فى مواجهة الأزمة الاقتصادية. وما أعلمه أن الدكتور محمد مرسى أعلن حالة التقشف فى الرئاسة وفى السفر، ولكن هذه الصورة لم تقدم إلى الناس، كما أنها لم تعمم على بقية مؤسسات الدولة فيما نعلم، الأمر الذى يعنى أن الجهات المعنية فى محيط السلطة العليا لم تتمكن بعد من خبرة التواصل مع الرأى العام، حتى تركته فى مناسبة عدة فريسة للبلبلة والحيرة. إننا نرجو ألا يطول انتظارنا للوقت الذى تعتنى فيه الحكومة بافهامنا واقناعنا، علما بأن الذى سينقذ مصر من الأزمة هو همَّة المصريين وعزائمهم، وليس صندوق النقد الدولى أو حماس المستثمرين.

ليست هناك تعليقات: