مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




السبت، 20 أكتوبر 2012

كشف «التُّقْية» الإيرانية!


20 / 10 / 2012

 
كشف «التُّقْية» الإيرانية!
من سوء حظ إيران أن الثورة السورية كشفت «تُقية» السياسة الخارجية الإيرانية.. فصانع القرار الخارجي في إيران يتذاكى منذ زمن طويل في التعامل مع المحيط العربي تحديداً، وقد حققت سياسة التذاكي بعض النجاحات في إخفاء الوجه الطائفي على صعيد التعامل مع القضايا العربية وبالذات الفلسطينية. ترى.. هل هناك بصيص أمل في أن تتغير سياسة التذاكي وتتوقف إيران عن دعمها للدكتاتور «بشار الأسد» وعصابته الحاكمة؟ الرئيس المصري المنتخب «محمد مرسي» قدَّم حبل الإنقاذ إلى «الأسد» في شكل «المبادرة الرباعية»، ومع ذلك فلا يزال يرفضها، والسبب هو استمرار الدعم الإيراني المالي والعسكري، أما على المستوى الدولي فالدكتاتور يعتمد على روسيا والصين. إيران الرسمية الآن على مفترق طرق، إما أن تواصل انحيازها الصريح إلى نظام دموي قاتل لشعبه (معدل الضحايا السوريين على مدار أشهر يقترب من المائتين يومياً)، وهذا الخيار يجعل إيران تخسر سمعتها ومصالحها عند مئات الملايين من المسلمين السُّنة، أو تنحو نحو الخيار الثاني فتثوب إلى الرشد المذهبي والسياسي، وتتخلى عن السفاح لتكسب رضا أمتها قبل فوات الأوان. إن إيران المحاصرة والمعرضة للهجوم «الصهيو/ أمريكي» في أي لحظة يجب أن تعلم علم اليقين أنها ستُحرم من نجدة نحو مليار وربع مليار مسلم سُني، إذا وقع عليها العدوان، لا قدر الله تعالى.. ومن هنا فإن على صناع القرار في إيران إعادة النظر في عواقب الانحياز لنظام دموي قاتل لا تتجاوز قاعدته البشرية العلوية ملايين قليلة. لست ممن تستهويهم كثيراً «نظرية المؤامرة» بشأن العلاقات الإيرانية الأمريكية أو الصهيونية، لكن الإصرار الإيراني على التحالف مع «الأسد» من شأنه تدعيم نظرية التآمر الإيراني الأمريكي «الإسرائيلي» على ثورة سورية. ولنعد إلى الوراء قليلاً لنجيب عن سؤال: كيف ترى الدولة الإيرانية نفسها في حقبة ما قبل الثورة السورية؟ تعتبر إيران نفسها دولة ذات حضارة فارسية عريقة ممتدة في التاريخ لآلاف السنين، وجاء وقت استطاعت فيه الإمبراطورية الفارسية السيطرة على أجزاء كبيرة في العالم القديم، وتشعر إيران بالفخر والندية في علاقاتها بالحضارات الأخرى غربية كانت أو شرقية، الحضارة الإسلامية اللاحقة مدينة لحضارة الفرس ببعض النظم الإدارية، وبعدد لا بأس به من المفكرين والمفسرين واللغويين. وعلى المستوى الإستراتيجي، تحرص إيران المعاصرة على إظهار نفسها بمظهر الأمة القوية بحكم أن لديها حدوداً قلقة؛ ففي الشمال بحر قزوين الغني بالنفط والغاز (نحو ثلاثين مليار برميل، وقد تصل في بعض التقديرات إلى مائتي مليار)، ومن ثم فهناك أطماع خارجية، وفي الجنوب تقع دول الخليج بحدود يبلغ طولها 1880 كم، حيث الخزان الطبيعي الأكبر للنفط والغاز، وحيث مضيق «هرمز».. التدخلات الأجنبية بأشكالها الصريحة والمتخفية موجودة بالفعل منذ القدم، وعلى الجانب الآخر هناك باكستان التي تمتلك قوة نووية، أما العراق، فالعداوة الإيرانية معه ظلت مستمرة منذ عهد «الشاه»، إلى أن وصل النظام البعثي السابق إلى الحكم فناصب الثورة الإيرانية العداء منذ بدايتها. كان «صدام» قد نجح، بموجب اتفاقية الجزائر، في عقد صفقة مع إيران تخلت فيها عن مناوئيه «الأكراد» مقابل تنازله لإيران عن جزء من «شط العرب»، لكن إيران الثورة بدأت تستخدم بعضاً من شيعة العراق ضد «صدام»، ثم تدهورت الأمور إلى حرب الثماني سنوات، وفي 2003م حط «العم سام» (أمريكا) بترسانته العسكرية الثقيلة في العراق؛ فأصبح الأمريكيون قاب قوسين أو أدنى من الجمهورية الإسلامية الموسومة بـ«محور الشر». وبما أن إيران دولة غنية باحتياطيات النفط والغاز، وبما أن موقعها الجغرافي مهم وإستراتيجي، فمن حقها أن تكون لاعباً إقليمياً له دور كبير في المنطقة، ولكن أمريكا تريد منعها أو منافستها في ذلك.. إيران تخشى أن تُفرض عليها الحرب؛ ولهذا تتعمد من حين لآخر استعراض قوتها العسكرية الصاروخية وتقوم بمناورات برية وبحرية. وقد ظلت الثورة الإيرانية تقدِّم نفسها منذ عام 1979م للشارع العربي «المقموع» كنموذج نجاح أطاح بدكتاتورية «الشاه» المدعوم غربياً، ثم أخذت إيران كدولة تقدِّم نفسها على أنها، ربما أكثر من غيرها، تعيد الاعتبار للإسلام والقضية الفلسطينية، الموقف المناوئ لـ«إسرائيل» يعطي إيران جزءاً من شرعيتها بين دول العالمين العربي والإسلامي. لكن إيران المحاصرة والمعاقبة منذ الثورة وحتى اليوم تشعر أن جيرانها العرب لم ينصفوها، بالطبع تدرك إيران أنها كدولة شيعية المذهب محاطة بأغلبية سُنية، كما تدرك قياداتها الفكرية والسياسية الواعية أن الدولة كلما اتجهت نحو التشدد وسيطر عليها المحافظون، كلما ازداد نفور محيطها العربي السُّني منها. والواجب اليوم هو أن تتزايد ضغوط الداخل الإيراني المعتدل، والضغوط العربية والإسلامية على النظام الإيراني؛ كي ينحو إلى العقلانية، ويحسب حساب الخسائر المترتبة على استمرار الانحياز إلى الجزار «بشار» ونظامه الدموي. ومن حُسن الطالع أن مصر الرسمية في شخص رئيسها «د. مرسي» أوصل بنفسه هذه الرسالة إلى الإيرانيين في عقر دارهم، أما مصر الشعبية فأظن أن التيار الإسلامي المعتدل لا يزال يفتح الباب لعودة إيران إلى رشدها العقيدي في نطاق التعامل الخارجي، وبالذات مع الثورة السورية، ومن تصاريف القدر أن القاهرة شهدت مؤخراً فعاليتين علميتين بحثيتين من شأنهما كشف خطايا التشدد الطائفي الإيراني.. الفعالية الأولى بدأت الأحد 7/10 الشهر الجاري بإشراف د. محمد عمارة في قاعة الإمام محمد عبده بالأزهر الشريف، وكان العنوان هو «التمدد الشيعي في المنطقة»، أما الأخرى فمؤتمر علمي عُقد قبيل منتصف أكتوبر الجاري وشارك فيه عدد من الباحثين المصريين والعرب والإيرانيين، وتناول الدور الإيراني في سورية.. وكل ذلك يمثل رسائل قوية لإيران لتتخلى عن «تُقيتها» وتعيد مراجعة سياساتها.

ليست هناك تعليقات: