مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الاثنين، 29 أكتوبر 2012

الفكر الأمريكي يقود المعارضة المصرية! 

 

29-10-2012


بقلم: م. محمد كمال

انتظم المشهد السياسي في الآونة الأخيرة بشكل ينبهنا إلى أن ثمة "فكرًا سياسيًّا" بدأ يظهر من وراء حركة الفرقاء السياسيين.

 

فهناك الجانب الواضح من البداية وهو "الإخوان"، والذي يستطيع كل سياسي في مصر أن يقرأ أفكارهم بسهولة، ويتوقع مواقفهم بلا تعقيد، لأن القواعد التي تحكم سلوكهم في العملية السياسية باتت ساطعة، لذا يسهل على "المعارضة" أن تحدد منطلقات "عكسية" واضحة أيضًا لمواجهة "الإخوان".

 

غير أن الجديد الذي يلفت النظر هو هذا السلوك السياسي للمعارضة…. والذي أصبح له مذاق يُمكّننا من قراءته في ظل الأنساق الفكرية السياسية السائدة في العالم الآن، لنرى كيف تفكر هذه"المعارضة"وتتحرك.

 

فلقد لاحظنا عدة محاور تنطلق منها "المعارضة" وهي:

 

1- تجميع الأشتات المتفرقين فكرًا وتاريخًا حول حزمة أفكار تعارض النظام القائم، ويكون التجمع بقيادة رأس المال وجماعات المصالح.

2- التناغم مع المؤسسات القضائية ومحاولة تجاوز أي خلاف أو صدام معها.

3- تثبيت نسق معارضة يعتمد على ثلاثية (التشويه/الإسقاط/الحلول).

 

والحقيقة أن الباحث السياسى سيقرأ المشهد بابتسامة عريضة!… ذلك لأن هذه المحاور الثلاثة هي ذاتها المحاور الكلاسيكية التي تقود العملية السياسية الأمريكية!!

 

فلقد لاحظ المفكر السياسي الأمريكي "د. ألن هايز" أن السياسة الأمريكية لا يحركها الالتزام الحزبي، ولكن المحرك الأساسي هو تلك الجمعيات الأهلية التى نشأ منها تنوع كبير من مجموعات أصحاب المصالح، ثم تطور الوضع ليصبح "الحزبان الكبيران" تابعين لأصحاب المصالح، وجعل الانضباط الحزبي صعب التحقيق؛ لأن الذي يريد أن يفوز بمقاعد السلطة التنفيذية أوالتشريعية عليه أن يتماهى مع اتجاهات "أصحاب المصالح" , وليس مع نصائح حزبه.

 

والحراك السياسي الأمريكى قد نشأ كنتيجة للنظام السياسي القائم هناك…. والذي لا يعتمد فيه المرشح على "فكر" أو "برنامج" حزبه وإنما يعتمد على صناعة "تحالف" معقد لضمان الوثوب إلى "المقعد"، كذلك فإن القاعدة السياسية التي سادت هناك هي: "إن رجل الشارع دائما يخذلك"، ومن هنا وجب التعامل (الواقعي) مع فروض هذا النظام، والذي أصبح معه أن الانتماء لحزب كبير هو مجرد وعاء لممارسة العمل السياسي، وإبراز المواهب، ثم لتيسير التكتل مع أصحاب المصالح لتحقيق أهداف التميز والغلبة، وليس لتحقيق "غايات فكرية" أو حتى"أيديولوجيا" اقتصادية، وقد اختارأصدقاؤنا من اليسار والعلمانيين ومعهم الفلول أن "يديروا" أو "يُداروا" بنفس هذا النسق.

 

وينبغى ملاحظة أن هذا النسق السياسي يجعلهم في حاجة إلى "قوة فاعلة" تحسم انتصارهم، وهذه القوة– بالطبع- لن تأتيهم من "الشعب" كما علمتهم (التجربة الأمريكية)، ومن هنا كان (القضاء) هو "الفاعل" الحاسم لتغنم"الأقلية" مقاعد الأغلبية.

 

ولقد لاحظ "د. هايز" أن "القضاء الأمريكي" هو الذي ساعد مجموعات المصالح في الوصول لأهدافها؛ إذ كثيرًا ما أصدرت المحاكم العادية قرارات هي من صميم عمل الهيئات التشريعية في النظم الديمقراطية، ومن هنا كان "القضاء" هو الساحة التي يبلغون بها أهدافًا لا يستطيعون بلوغها عبر الهيئة التشريعية، وإذا كانت جماعات المصالح الأمريكية قد نشأت بشكل طبيعي من "رجال الأعمال" و "الإتحادات العمالية" و "الجمعيات المهنية" و "الجمعيات المطلبية" وغيرها, إلا أن جماعات المصالح في مصر ما زالت نتاجًا للنظام البائد، إلا قليلاً، وبالتالي فإن هذه الجماعات قد أحدثت تطورًا إيجابيًّا في بدايتها بالمجتمع الأمريكي.

 

أما عندنا فإن التلاقي بين الأحزاب السياسية الضعيفة وجماعات المصالح سينتهي بهذه الأحزاب إلى حتفها، أو إلى الانسلاخ تمامًا من عقائدها السياسية، لتتحول من مؤسسات سياسية تدافع عن شرائح شعبية إلى "تابع سياسي" ينفذ تعليمات "رجال المال".

 

جماعات المصالح الأمريكية نجحت في تصديع نظام "التمييز العنصري" قبل أن يقوم "الكونجرس" بهذا ؛ أي أنهم في البداية دافعوا عن أهداف أمريكية وطنية مثالية… أما عندنا فإن الطروحات التي تدافع عنها الجماعات السياسية المعارضة هي أفكار مثالية…. أمريكية أيضًا !… وهذا هو الخطأ الفادح الذي يقعون فيه.

 

وستلاحظ أيضًا سعيهم للوفاق مع مؤسسة "القضاء"، وحثها وتشجيعها على التناقض مع "الرئاسة"، هذا من جهة… ومن جهة أخرى يلجئون إليها بشكل مكثف في مسائل سياسية لمحاولة حسم قضايا مفصلية يعلمون أنهم سيفشلون في حسمها إذا احتكموا للشعب أو لهيئته التشريعية.

 

كما ستلاحظ أخيرًا محاولات صارمة لإحلال (نموذج المعارضة الأمريكي)؛ وهو ثلاثية (تشويه الحاكم، والسعي إلى إسقاطه، والحلول محله)، أما الالتقاء على مشروع قومي، والتوحد من أجل الوطن، والتنادي لإنجاح الثورة بعد إسقاط الحكم العسكري…. فكل هذه أناشيد تركوها ليرددها البلهاء… بزعمهم !!.

 

ذًا.. يولد في المشهد السياسي نسقٌ أمريكي خالص؛ لذا…. إذا قرأنا المشهد بتؤدة فلا نشغل أنفسنا بتصالحهم الدرامي مع "النائب العام"، أو بتأييدهم المدهش لتسييس "المحكمة الدستورية"، كما لا ينبغي أن ننشغل بسقوط مهنيتهم الإعلامية، ولا نستغرب من توحد الفلول مع اليسار , ولا الثوري مع المباركي؛ فكل ما سبق مجتمعا هو العناصر الموضوعية التي تؤسس لمشهد يتم بناؤه بيد مدربة و(فكر أمريكي) راديكالي، لذا علينا قراءة الحدث (كما هو) وليس (كما يراد لنا) أن نتفاعل معه, فهو خريطة كاملة وليست أحداثًا متناثرة.

 

ومعلوم أن كثيرين من عناصر المشهد المعارض يدخلون في اللعبة بإخلاص وطني، ويحسبون أنهم يعارضون في إطار منظومة ديمقراطية، ولا يحبون كما لا يدرون أنهم (قطع شطرنج) تحركها أصابع تعلم تمامًا أهدافها, المتناقضة تمامًا مع هدفهم الوطني.

 

كما ينبغي أن نقرأ المشهد بلا ضغوط من نوع (التأثر بنظرية المؤامرة) أو (عدم التخوين), وأمثالها من الشعارات التي تنتشر للمداراة على الحقائق المريرة التي اخترقت واقعنا السياسي، وما زالت.

 

ومن هنا وجب على الوطنيين (عمومًا)، و"الإخوان" منهم خصوصًا، أن يدركوا حقائق اللحظة الراهنة، والتي تؤكد على وجوب الخروج من حالة السيولة إلى وضع الاستقرار، لتمتين جدار البيت السياسي "بدستور" و"هيئات تنفيذية وتشريعية وقضائية" مستقلة، حتى لا نترك الفرصة لوضع بصمات أمريكية نهائية في أوراقنا السياسية، وحتى يصب الحراك السياسي مياهه في (نهر النيل) وليس في نهر (المسيسيبي).

———————-

Mohamedkamal62@ymail.com


 

ليست هناك تعليقات: