مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الاثنين، 23 أبريل 2012

اعتذارات متبادلة


الإثنين 02 جمادى الثانية 1433هـ - 23 أبريل 2012م


جريدة الحرية والعدالة

بقلم : أنس فودة

كانت المطالبة بالاعتذار هي العنوان الأبرز خلال الأسبوعين الماضيين منذ بدأ الإخوان والإسلاميون الحديث عن العودة إلى الميدان مجدداً لحماية مسار الثورة الذي ظهرت مؤشرات عديدة تدفع إلى القلق بشأنه.
ولأن الاعتذار ليس عيباً بل هو من شيم الكرام، فإنني لا أجد حرجا أن أقدمه مبدئيا عن أي خطأ أو سوء تقدير يمكن أن أكون وقعت فيه أو دافعت عنه، كما لا أجد حرجا أن أدعو إلى ذلك إخواني في التيار الإسلامي العام الذين هم أولى الناس – بما ينتسبون إليه من تراث - أن يكونوا أبعد عن العصبية الذميمة والإصرار على خطأ.
ولكن الاعتذارات من جانب الإسلاميين على ما وقعوا فيه تحتاج في مقابلتها إلى اعتذارات أخرى من شركاء الثورة الذين لم يقصروا في تدعيم الانقسام وشق الصف بممارسات كانت مقصودة أو غير مقصودة.
وحتى لا أفهم خطأ فإنني لا أعتذر عن "نعم" التي صوت لها في الاستفتاء الماضي، ولا عن حماستي لإجراء الانتخابات البرلمانية، ولا عن دعوتي الدائمة لتحديد أهداف الثورة بدقة وتحقيقها هدفاً وراء الآخر بدلا من شن عشرات المعارك في لحظة واحدة بصورة تجعل تحقيق النصر في أحدها مستحيلا.
ما أعتذر عنه - بصورة أساسية - هو قبولي لتباعد تحول سريعاً إلى جفوة وقطيعة بين أبناء الجيش الواحد قبل أن تنتهي المعركة دون أن أبذل جهداً كافياً لمداواة ذلك. هل يمكن أن يحقق جيش نصرا بينما كتيبة الميمنة فيه تهاجم ليل نهار كتيبة الميسرة؟ وهل يمكن أن ينجح جيش إذا كانت كل كتيبة فيه تحمل خطة حرب مختلفة عما تحمله الكتائب الأخرى؟
أعتذر عن تصور البعض أن غنائم الميدان تعني أن المعركة قد انتهت بانتصاره مع أن درس غزوة "أحد" الذي درسه الإسلاميون مطولا يكشف كيف يمكن أن يكون مقتلك وهزيمتك في "الغنيمة" التي تفرح بها قبل أن تؤمن ميدان الحرب وتطمئن إلى هزيمة كل فلول الأعداء.
وأعتذر عن "غرور القوة" الذي أسمع رنينه البغيض أحيانا في خطابات إسلاميين يفاخرون بالعدد والعدة والشعبية، رغم أن القرآن يربيهم على عكس ذلك؛ ألم يفتخر المسلمون يوم حنين بكثرتهم فلم تغن عنهم شيئا؟ ألم يروا مصير الرجل في سورة الكهف الذي قال "أنا أكثر منك مالا وولدا"؟ ألم يسمعوا ما جرى لمن قالوا: لن نهزم اليوم من قلة؟!
وأعتذر عن "المواقف المائعة" في وقت كان يحتاج وضوحا وحسما؛ فلم يكن مطلوبا من الإسلاميين القبول أو المشاركة في معارك قذف الطوب ضد الداخلية في أحداث محمد محمود أو مجلس الوزراء، ولكن كان عليهم المشاركة في نزول سلمي هادر انتصارا لمن تم سحلها أو تعريتها، أو لمن تم سجنه عسكريا حتى لو لم يكن من تيارهم السياسي.

وأعتذر عن التجربة المريرة في تأسيس الجمعية الدستورية التي أدت لمزيد تعكير المزاج الوطني.
وأعتذر بالتأكيد عن القبول بمواد مثل المادة 28 وسط باقة التعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها.
في مقابل ذلك قلت إنني أتمنى أن أسمع اعتذاراً جريئاً من التيارات غير الإسلامية عما فعلوه لشق الصف الثوري.
أتمنى اعتذاراً عن حملات التخوين التي أعقبت التصويت بنعم في الاستفتاء، وعن حملات الأكاذيب الإعلامي التي نسبت لكثير من الإسلاميين أقوالا لم يقولوها ومواقف لم يتخذوها وأفعالا لم يقدموا عليها، ابتداء من أكذوبة قطع أذن قبطي وعمليات هدم الأضرحة وليست انتهاء بالحديث عن صفقة لم يقدموا عليها دليلا أبدا بين الإخوان والعسكر.
واعتذارا عن المرات العديدة التي حاولوا فيها الارتماء في أحضان العسكر والتنسيق معه لكتابة مباديء فوق دستورية لا يشارك الشعب في صياغتها وإقرارها، أو مطالبة بعضهم لهم بتمديد المرحلة الانتقالية.
واعتذارا عن تقلب المزاج وضبابية الرؤية، فمرة هم مع الدستور أولا وأخرى مع "لا دستور تحت حكم العسكر"، ومرة هم مع تسليم السلطة "الآن" إلى البرلمان ثم بعد حين يهاجمون البرلمان ويحاربونه لأنه يسعى لتولي السلطة.
قلت في البداية إنني لن أعتذر عن التصويت "بنعم" في الاستفتاء رغم أنها تكن أبدا خيارا مثاليا، وسبب ذلك أن ما ندفع ضريبته حاليا ليس في الحقيقة ضريبة التصويت بنعم، ولكنه ضريبة رفض نتيجة الاستفتاء، ولو راجعنا ما صوتنا عليه بنعم، سنجد أن معظمه غير مطبق! "نعم" كانت تعني اختفاء العسكر من حياتنا في سبتمبر الماضي، وكانت تعني عودة مقيدة لدستور 71، وكانت تعني الانتهاء من انتخاب رئيس منذ زمن مضى، وكانت تعني منح مهلة عام كامل لكتابة الدستور ولكن شيئا من هذا لم يتحقق..
لماذا؟

لأن من رفضوا نعم، دفعوا العسكر مرة إلى تأجيل الانتخابات وتعطيل الجدول الزمني المقرر، ومرة إلى استبدال دستور 71 بإعلان دستوري يطرح من المشاكل أكثر مما يطرح من الحلول، ولأن منهم من أغروهم بأن يكونوا أوصياء دائمين على مقادير الأمور في مصر.. فاستجابوا.
ما نحن فيه ليست جناية أهل "نعم" على أهل "لا"، ولكنها جناية الاثنين على الوطن.
كنا مختلفين يوم الخامس والعشرين من يناير عندما وقفنا صفا واحدا أمام عدو مشترك ولكننا يومها تحلينا بحكمة البحث عما يجمعنا فانتصرنا، واليوم بعد 15 شهرا من التراجع يجمعنا مجددا شعور أن وحدة صفنا - لا اتفاق أفكارنا - هي السبيل الوحيدة لإتمام المهمة، والأمر يقتضي أن نترك راياتنا الخاصة لنقف صفا واحدة تحت راية الوطن، وأن نعتذر.
تقبلوا اعتذراي!
* نقلا عن "الحرية والعدالة " المصرية.

ليست هناك تعليقات: