مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الخميس، 19 أبريل 2012

عسكرـ فلول ـ ثورجية : التحالف العلماني وعمر سليمان

19 ابريل 2012

د. صلاح عز

أكدت في مقالي السابق أن هناك أخطاء وقعت في تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وأنه في ظل ظروف عادية ، لكنت أول من تـفهم دواعي المطالبين بالتراجع عنها. ولكن حيث أن الظروف غير عادية ، وحيث أن المناخ السياسي أصبح مسموما بفضل الكتابات والتصريحات السامة التي ظلت تنبعث طوال عام من الصحف والفضائيات العلمانية ، فإن الأمر لا يتحمل التأخر في وضع الدستور. لقد صدر حكم محكمة القضاء الاداري بحل الجمعية التأسيسية لأن المحكمة لا شأن لها بالمناخ السياسي ، ولهذا أصدرت حكمها بناء على أحد الأخطاء المذكورة . كانت المشكلة الأساسية في تشكيل الجمعية هو عدم التعامل مع هذا الأمر بدرجة كافية من الذكاء. فعندما يكون خصومك شياطين ــ وأنا لا أستخدم هذا اللفظ جزافا ــ يجب أن تواجههم بأعلى درجة ممكنة من الذكاء ، لأنهم يتربصون بك ، ولهم حسابات وثارات معك لابد من تصفيتها ، وبالتالي لن يتركـوا أي خطأ يمر. إن استـقرار الأمر للإسلاميين يؤجج القلوب المحروقة حقدا .. والجمعية التأسيسية هي إحدى أدواتهم لمنع الوصول إلى هذا الاستـقرار.

بترشح اللواء عمر سليمان ، إتضحت أبعاد الطبخة التي كان يجري إعدادها على نار مستعرة منذ خلع مبارك. هذا الترشح أسعد كثيرين في الصحف الخاصة قبل القومية ، فقد أعاد إليهم الأمل في إمكانية التخلص من الإخوان وإعادتهم إلى المعتـقلات "مكانهم الطبيعي" ، كما يرى غلاة العلمانيين . عمر سليمان هو المنقذ الذي سيسلمهم حكم مصر.. الهدف الذي شاركوا في الثورة من أجله . فلم يكن الانفلات الأمني وما صاحبه من كوارث (وآخرها مذبحة بور سعيد) سوى ضلع واحد من أضلاع المخطط الذي يستهدف في جانب منه تكفير الشعب بالثورة . أما الضلع الثاني الذي يستهدف تكفير الشعب بالإخوان ، فقد رأيناه في الانفلات الإعلامي ، والتنسيق المشين بين الصحافتين القومية و الخاصة في حرب الشيطنة والتخوين التي أطلقوها ضد الإخوان بعد أسبوع واحد من خلع مبارك ، ولم تهدأ على مدار عام ونيف. ثم ظهر الضلع الثالث في صورة عمر سليمان ليحصد ثمرة الانفلاتين الأمني والاقتصادي ، ويسلم العلمانيين ثمرة الانفلاتين الصحفي والإعلامي.. أو هكذا صورت لهم شياطينهم.

منطق الثورجية العلمانيين ، الذين يرفضون أصلا تواجد الإخوان على الساحة ، والذين يتاجرون بالثورة وشهدائها في الصحف والفضائيات ، هو ببساطة "يا فيها لاخفيها". وطالما أن الشعب نبذهم في الانتخابات ، وأنه لا توجد أدنى فرصة في الرئاسة لأحد مرشحيهم ، وأن الوحيد الذي يستـطيع التصدي للمرشحين الإسلاميين هو عمر سليمان ، فالخيار بالنسبة إليهم واضح. عمر سليمان هو فرصتهم الأخيرة ــ بعد تنفيذ المجلس العسكري تهديده بحل البرلمان ــ لدحر الإخوان. ومن أجل إنقاذ هذه الفرصة  لابد من أن تستوي الطبخة .. أي لابد من المزيد من المعاناة للشعب عقابا له على ثورته من ناحية ، وعلى إنتخابه للإسلاميين من ناحية أخرى .. ولابد من المزيد من الشيطنة والاغتيال المعنوي للإخوان لتأمين البرلمان للعلمانيين في أية إنتخابات قريبة قادمة. تحت عنوان "الغول والغولة" ، حذر الكاتب إبراهيم عيسى "قوى الثورة" من مواجهة عمر سليمان و"العمل لحساب خيرت الشاطر، لأنه لا يوجد ثورى واحد يمكن أن ينتصر لقوى ظلامية متشددة تريد تحويل مصر إلى إمارة أفغانية". ويستطرد عيسى فيقول "ليست مهمة الثوار وتيار الدولة المدنية الهجوم على عمر سليمان ، لأنهم فى هذه الحرب يخوضون معركة الإخوان المسلمين ويحاربون بالنيابة عنهم ، وكأننا نمنح مكافأة أخرى لهذه الجماعة التى لم تـفعل إلا خيانة فاضحة للثورة والثوار." أما الحل الذي يقترحه عيسى فهو يكشف حقيقة الاتجاه الذي يدفع القارئ إليه عندما يقول "دعوهم يصطفيوا مع بعض". ولكن هذه الدعوة للوقوف على الحياد بين الإخوان ، الذين لم يُختبروا بعد في الحكم ، وسليمان ، الذي خرب علاقتنا بدول حوض النيل ، والذي هو كنز بديل لإسرائيل ، والذي تعاون مع إدارة بوش في تعذيب السجناء المصريين .. هذه الدعوة للحياد تغطي على ما هو أبعد من ذلك ، حيث يقول عيسى أن مشكلة عمر سليمان ونظامه هي "أنهم تركوا الإخوان قوة اقتصادية ومالية هائلة ، وصعودهم بعد الثورة دليل حى على فشل عمر سليمان ونظامه وأجهزته ورجاله فى وقف أو تحجيم قوة الإخوان ، فكانت لديها القدرة على النط على الثورة. ثم كيف يقدر سليمان على مواجهتهم الآن ، وقد تمكن الإخوان من البرلمان والدستور وسيطروا على المجلس العسكرى وقراراته؟" بتعبير آخر، فإن سليمان بحاجة إلى مساعدة في المواجهة القادمة مع الإخوان لكي ينجز ما عجز عنه من قبل .

سار آخرون على خطى إبراهيم عيسى بالدرجة نفسها من البجاحة (التي هي نقيض الحياء) ، فكتبوا ، بدون ذكر أسماء : "خيرت الشاطر لا يفترق عن أحمد شفيق أو عمر سليمان، سينحاز لرجال الأعمال ويمنحهم ما بقى من مصر بالمجان، و يبقى على جهاز أمن الدولة وتفاهماته مع الأمريكان وطمأنته للإسرائيليين تجعله المرشح المفضل لديهم".. "جاء الشاطر بسليمان كوجهان لعملة واحدة. سليمان تفاهم مع الإخوان من قبل على إجهاض الثورة".."الشاطر والجنرال انقلاب على الثورة" .. "عمر سليمان مرشح الإسلام السياسى".. "عمر سليمان يهزم الثورة وخيرت الشاطر يحتويها . والقمع والاحتواء منهجان استعماريان معروفان." النغمة واحدة كما كان الحال عندما كان مبارك يغضب على أحد كالبرادعي أو حماس أو حزب الله ، فيطلق مهرجيه وأفّاكيه عليه في الصحافة القومية لكي يرقصوا على نغمة واحدة. هذه النغمة نفسها رددها عدد من ضيوف الفضائيات ، ومنهم أحد الشخصيات من جماعة عيسى ، الذي كلما حدثوه عن عمر سليمان ، حذرهم من "الاستبداد الإخواني".وحيث أن العملة العلمانية أيضا واحدة ، وأن الثورجية بالبديهة هم الوجه الآخر منها ، وأنهم يشاركون سليمان العداء والكراهية للإخوان وللشعب الذي إنتخبهم ، فإنضرب النغمة الواحدة على وتر التساوي بين سليمان العلماني والشاطر الإسلامي ، يعني أن الخيار واضح أمام "قوى الثورة".

الأدوار المرتبطة بعناصر الطبخة العلمانية ، هي إذن كالتالي : قيام الثورجية عن طريق الجمعية التأسيسية ، بالتسويف لإطالة أمد وضع الدستور .. تراجع المجلس العسكري عن تسليم السلطة بذريعة تأخر الدستور، لإطالة الفترة الانتقالية ، وما يصاحبها من معاناة واضطرابات .. تحريك الفلول للبلطجية لزيادة معدل الجريمة .. وفي هذه الأثناء تعمل الصحف والفضائيات على مدار الساعة في اختلاق الروايات والأكاذيب التي تحمل الإخوان وزر كل ما يجري .. وفي النهاية يتصاعد التهييج الإعلامي ولا يتوقف حتى تخرج المظاهرات تنادي بسقوط الإخوان وصعود عمر سليمان .. أو هكذا تصور لهم شياطينهم.

في تقديري فإنه بدلا من تضييع الوقت في الطعن على الحكم ، ينبغي أن يعاد تشكيل الجمعية التأسيسية على الأسس التالية : أولا أن ندع الأقلية تـقترح المعايير التي تراها مناسبة ، وتتساهل الأغلبية في التوافق عليها في أسرع وقت. ثانيا أن تنتخب الأغلبية من الخبرات والكفاءات الإسلامية ، قانونية وسياسية ، المنتشرة في كافة القطاعات والمجالات ، أغلبية مساوية لها في الجمعية ، وذلك لضمان عدم المماطلة والتسويف من جانب العلمانيين. ثالثا أن تنتخب ما يكفي من الإحتياطيين تحسبا لإنسحابات بالجملة كما جرى من قبل. وأحذر من أن الأغـلبية إذا تنازلت للعلمانيين عن أغـلبيتها ، أو منحتهم "الثلث المعطل" ، فلن تجد منهم سوى العنت والقرف ، و كأنها تسلمهم رقبة الشعب للانتـقام منه . وأحذر أيضا ومجددا من أن العلمانيين لن يتوافقوا ، ليس فقط لأن نظرتهم للتوافق عنصرية إستعلائية كنظرة إسرائيل للسلام ، وإنما أيضا لأنهم عاجزون عن التوافق حتى فيما بينهم .. كل منهم يريد أن يكون زعيما لائتلاف أو كتلة أو حزب .. حتى حركة 6 إبريل عجزت عن التوافق داخليا ، فكيف يتوافقون معنا؟ رابعا أن يأتي على رأس المعايير الخاصة بالتشكيل الجديد للجمعية ، شرطان :  ألا يكون العضو من كبار الفلول مثل مفيد شهاب أو علي الدين هلال ، وألا يكون من كبار الثورجية من "الفقهاء" الذين دأبوا طوال العام الماضي على تسفيه إرادة الشعب في الاستـفتاء ، والسخرية من خياراته في الانتخابات.. لأن الشعب لم يقم بثورته من أجل إستبدال أقلية علمانية مستبدة تتهمه بالجهل والقصور بأقلية أخرى هي نسخة كربونية من الأولى. أمثال هؤلاء ، والأسماء معروفة ومشهورة ، وأيا كان علمهم ، ينبغي أن يُحرموا من شرف المشاركة في وضع دستور الشعب الذي يتكبرون عليه

ليست هناك تعليقات: