مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الاثنين، 2 أبريل 2012

جمال عبد الغفار يكتب: لينة.. والكذب المزعوم! 

 

02-04-2012



 


لينة هي تلكم الحجة الإلهية الدامغة التي ردَّت على المتربصين والمنافقين والكاذبين والجاهلين والمجادلين والمترددين والذين يلقون أسماعهم لأعداء الحق.. (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) (الحشر: الآية 5).



"… لمَا قَطَعْتُمْ "يَا مُسْلِمُونَ" مِنْ لِينَة "نَخْلَة" أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة عَلَى أُصُولهَا فَبِإِذْنِ اللَّه؛ أَيْ خَيَّرَكُمْ فِي ذَلِكَ "وَلِيُخْزِيَ" بِالْإِذْنِ فِي الْقَطْع "الْفَاسِقِينَ" الْيَهُود فِي اعْتِرَاضهمْ أَنَّ قَطْع الشَّجَر الْمُثْمِر فَسَاد" (تفسير الجلالين).

عندما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير لخيانتهم ونقضهم العهد، تحصَّنوا بما عرف عن اليهود من مناعة حصونهم وشدتها وتوفر أسباب الحياة داخلها.

والمعروف عن النبي صلوات الله وسلامه عليه أنه لا يحرق نخلاً أو يفسد في الأرض، ولكنه كان المثل الإنساني الكامل في حربه وسلمه.

ومن هنا اطمأن بنو النضير على سلامتهم، فالحصون منيعة، ويمكنهم العيش فيها شهورًا طويلةً لا يتهددهم نفاد مخزونهم الإستراتيجي من المؤن والغذاء؛ ما دام نخيلهم وأشجارهم في منعة من المسلمين الذين يمارسون الحرب النظيفة، إن صح التعبير، كما أنه في تلك الحالة لن يستطيع جيش- ما مهما كانت قوته- الصمود في حصارهم، بل لن يكون هناك أي معنى للحصار أصلاً!.

وما كان لنبي الرحمة أن يترك الخائن يفلت دون عقاب وردع، وما كان له صلى الله عليه وسلم- وهو النبي المرسل والقدوة الحسنة للبشرية كلها- أن تجوز عليه ألاعيب الباطل وحيله، ولا يمكن أن تكون القيم والمبادئ ذريعةً في يد الخائن والمعتدي يوقف بها تحقيق العدل، ويهرب بها من العقاب.

أمر النبي صلى الله عليه وسلم جنوده من الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعًا بحرق بعض النخيل والأشجار؛ ليرهب الظالمين ويردعهم ويهينهم، ويعلمهم أن الأمر جدٌّ لا هزل فيه، وأن خائن العهد لا بد أن يعاقب.

وهنا انطلقت أبواق الباطل تنهش في سمعة المسلمين التي لم ينالوا منها أبدًا، وراحوا يردِّدون: أين مبادئكم وقيمكم وما تأمرون به وتنادون به؟ أين صدقكم ومصداقيتكم؟ أين…؟ وأين…؟ وأين…؟

وزاد من اللغط أن بعض المسلمين قام بقطع النخيل، والبعض رأى أنه غنيمتهم أو قاموا بقطع البعض وتركوا البعض الآخر.

وأثرت الحملة الضارية في الصحابة الكرام، خير جيل شهدته البشرية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالمبادئ والقيم والأخلاق التي ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلا ليتمِّمها بإظهار دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون.

جاءت كلمات الله سبحانه وتعالى بردًا وسلامًا على قلوب طاهرة نقية عامرة بالإيمان، ترفع عنها الحرج- المزعوم المفترى- وتؤكد أن الفاسقين الخائنين للعهود ليس لهم إلا الخزي والهوان، فأنى لهم الحديث عن المبادئ والقيم والأخلاق وهم أعداء الحق والصدق والنظافة؟!!!!

قبل أن أعرّج على ما أنتويه- وما تتوقعه أخي القارئ الحبيب بالطبع- أقول لمن سيدندن ويبرطم ويجتر الكلمات الماسخة من أننا نشبّه الإخوان بالصحابة وما إلى ذلك من الشبهات القديمة جدًا قِدم بني النضير، أقول له نحن لا نشبّه ولا نلوي عنق الحقائق، ولا نتعسف في سَوق الأدلة والبراهين، ولكننا نحاول الاستهداء والاسترشاد بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وما ذلك بمعيب أو مستهجن عند العقلاء والأسوياء.

أما صلب موضوعنا فهو تلك الهجمة الشرسة التي لم تنقطع منذ 1928م إلى يومنا هذا على الإخوان، وازدادت حدَّتها بعد تعديل الإخوان قرارهم بعدم الدفع بمرشح للرئاسة؛ إذ انطلقت الموشحات والمرثيات والمباكي على القيم والأخلاق والصدق والمصداقية والإسلام والإسلامية والوعود والعهود… إلخ هذه المسميات.

لن أفعل كما فعل الشباب على صفحات التواصل الاجتماعي وأعدد المواقف التي تراجع فيها جميع من يتشدق ويبكي على الصدق والعهد الذي ضيَّعهما الإخوان، وهو سهل ميسور؛ ولكنني أسأل المعترضين والناصحين والباحثين عن الحقيقة بصدق وحق:
هل أخلف الإخوان وعدهم حقًا؟

لقد تأخر قرار الإخوان لما يعرفه الجميع من وفائهم بعهدهم وتشاورهم مع شخصيات من خارجهم كما وعدوا وتعهدوا.

عندما طرح الإخوان فكرة المرشح التوافقي قامت قيامة خصومهم السياسيين، واتهموهم بكل التهم المعقولة وغير المعقولة.

وإن مفاوضات الإخوان وإلحاحهم على المستشارين الأجلاء البشري والغرياني ومكي صارت معروفة للكافَّة، وهي لا تعني إلا صدق الإخوان وحرصهم على الوفاء بالعهد كديدنهم ودينهم.

هل وافق أحد من الشخصيات التي عرض عليها الإخوان الترشح، ثم فوجئ بنقضهم لما اتفقوا عليه، وتراجعهم بحثًا عن الاستئثار بالمنصب؟

رب قائل لماذا لا يدعم الإخوان أحدًا من المرشحين الموجودين على الساحة؛ وهو سؤال لا يمت للسياسة ولا للعقل بصلة؛ إذ كيف يصادر على رأي وحق أكبر قوة سياسية على الأرض أعطاها الشعب ثقته وينتظر منها تحقيق آماله وأحلامه عدم المشاركة ثم يطلب منها ببساطة عدم المشاركة في صنع أخطر منصب في الدولة؟

وكيف يمكن لمتحدث أن يغفل كل التداعيات المريبة المتلاحقة التي تحاول منع الأغلبية من ممارسة الدور الذي من أجله انتخبها الشعب، ومحاولة زرع الفتن واصطناعها لعرقلة مسيرتها؟

العجيب- على سبيل المثال- أن يقوم ما يسمى بألتراس الأهلي بالاعتصام أمام مجلس الشعب وليس أمام وزارة الدفاع؛ حيث المجلس العسكري الحاكم أو أمام مجلس الوزراء أو النائب العام الذين بأيديهم السلطة التنفيذية في البلاد، والأعجب ألا نسمع صوتًا من الذين طالما صدعونا بالمطالبة بسقوط العسكر يطالب المعتصمين بالتوجه لمن بيده الأمر من العسكر أو الوزراء؛ رغم تجاوزهم الدائم المفتعل مع المجلس العسكري سابقًا على طول الخط والتحريض ضده حتى دون وجود أحداث حقيقية على الأرض!.





هل يقف الإخوان مكتوفي الأيدي يندبون حظهم كالولايا بعد اعتذار من توجهوا إليهم لحمل المسئولية، وبعد أن تيقنوا من الإصرار على منع النواب المنتخبين من أداء دورهم، ووصول رسائل التهديد بحل مجلسي الشعب والشورى إلى أسماعهم بلا لبس أو تحوير، وهم أيضا يشاهدون الدفع بقادة الفلول لانتخابات الرئاسة؟!




إن الملايين الذي وثقوا في الإخوان وأعطوهم أصواتهم في مجلسي الشعب والشورى ومعظم النقابات والاتحادات المنتخبة في الوطن لهم حق في عنق الإخوان وعهد وأمانة، وإن الصدق والمصداقية تحتم عليهم ألا يضيِّعوا تلك الأمانة أو يتخاذلوا في حملها
 
إن الصدق والمصداقية كانت في إنزال العقاب الواجب على بني النضير، ولا يمكن أن يكون التقيد بالأصل- المُراعى دائمًا- سببًا في تعطيل العدل، وهي ظروف استثنائية نادرة تثبت الأصل كما يقال إن الشواذ تثبت القاعدة.

لقد طالب المحللون والكتاب والعلماء والعسكر والكبير والصغير الإخوان بالتعلم من التاريخ وأحداث 1954م، وايم الله إني أراهم قد نزولوا على نصيحة الناصحين واستجابة لتهديد المهددين!، فإن ما حدث في أزمة مارس 54 لمن لا يعرفها أن مظاهرات الإخوان العارمة اجتاحت القاهرة حتى قصر عابدين احتجاجًا على عزل نجيب والنكوص عن نهج الديمقراطية الذي وعد به قادة انقلاب أو حركة أو ثورة يوليو.





ولما رأى هؤلاء الانقلابيون- أقصد على الديمقراطية ورمزها آنذاك نجيب- الحشود الهائلة الغاضبة؛ حاولوا صرف المظاهرات، فلم يفلحوا، فشرعوا في الهروب لا يلوون على شيء وراءهم إلا الحفاظ على أرواحهم من غضبة الشعب الثائر.
   
… ثم تدخل عبد القادر عودة فوعدوه بالرجوع عن قراراتهم التي أثارت الشعب، فخرج عبد القادر عودة وألقى كلمة واحدة فانصرفت الحشود الهادرة سمعًا وطاعةً وثقةً في القاضي المؤمن التقي النقي.





أما عسكر 54 فأعلنوا الرجوع عن قراراتهم وأعادوا نجيب وما هي إلا أيام قليلة حتى تخلصوا منه وأعدموا القاضي ذي الجماهيرية الطاغية.




لم يخطئ الإخوان ولم يخطئ الشهيد عبد القادر عودة، ولكن الخونة هم من نكثوا عهودهم وقتلوا من ظنوا فيهم خيرًا وتعاملوا معهم بأخلاق نبيلة رفيعة.

إن الإخوان بالطبع لا يريدون للمآسي أن تعود لهم أو لوطنهم، ومن أجل ذلك لا بد أن يتعاملوا بمنطق المصلحة العليا للوطن كما تقتضيه السياسة المنضبطة الصادقة المتعارف عليها عالميًّا وديمقراطيًّا.

فلا يمكن أن يعطي الشعب صوته للإخوان، فيقوم الإخوان بالاعتذار عن هذا الخطأ الشعبي غير المقصود، أو أن يقوموا بتوزيع مقاعد البرلمان على القوى السياسية الأخرى بالعدل والقسطاس، أو أن يذهبوا إلى الجنزوري: ويقولوا له: بارك الله فيك، لن نزاحمك المناصب والوزارات، فنحن أهل الدعوة انتخبنا الشعب لنفرح بالأغلبية ونترك لك السلطة التنفيذية!!!!

هل رأيتم سخافةً أكثر من تواصل التندر والتهكم واستكثار واستفظاع واستشناع ركوب الكتاتني سيارة بي إم دبليو! واستمرار هذا الهجص إلى يومنا هذا رغم قدمه وسماجته وعدم معقوليته، في الوقت الذي يركب فيه أغلب المستشنعين للأمر سيارات تفوق هذه السيارة الحكومية بمراحل، ونستحيي أن نسألهم كيف استحلوا الأموال التي نهبوها من مؤسساتهم الصحفية في عهود الظلم البائدة لقربهم وصداقتهم للمخلوع ومن سبقه

إن في عنق الإخوان مسئولية جسيمة حملهم الشعب إياها ولا يمكن أن ترهبهم الحملات المغرضة التي لا تعرف منطقًا ولا سياسة ولا يحزنون، وما هي إلا سباب وتشنيعات وافتراءات ثم تتباكى على ضيق الإخوان بالنقد، ولله الأمر من قبل ومن بعد.


 

ليست هناك تعليقات: