مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الاثنين، 12 مارس 2012

استكمال الثورة أو ضياعها 

 

الإثنين, 12 مارس 2012

بقلم:
مجدي أحمد حسين

نؤيد سحب الثقة من حكومة الجنزوري وضرورة وجود مرشح إسلامى للرئاسة
فى مجرى الثورات بل وفى مجرى حياة المجتمعات عموما يتعين على قادة الأمم والشعوب والذى اصطلح أخيرا على تسميتهم بالنخبة أن يركزوا اهتمامهم واهتمام الأمة على الأمر الجوهرى فى كل لحظة، فالأمور المهمة كثيرة والأمور الأقل أهمية أكثر وأكثر لذلك يتعين عدم الوقوع فى شرك دوامات الأحداث والقضايا والمشكلات بعيدا عن جوهر الأمر أو الحلقة الأكثر أهمية، والتى بحلها يمكن دفع باقى الحلقات إلى الأمام، فتعيين الأمر الأكثر أهمية لا يعنى ترك الأمور الأخرى أو التقليل من شأنها، بالعكس فالقاطرة تستهدف دفع القطار بكل عرباته إلى الأمام.
من 25 يناير إلى 11 فبراير كانت النقطة الأكثر أهمية هى إسقاط حكم المخلوع وقد حدث، ومنذ 11 فبراير 2011 حتى الآن كانت النقطة المركزية هى نقل السلطة للمدنيين، وهذا يحدث ولكن بشكل يتسم بالبطء المتعمد والتسويف من قبل العسكريين وشاركت فى ذلك بعض القوى والتيارات غير الإسلامية التى كانت تخشى انتقال السلطة للإسلاميين.
والحلقة الرئيسية الآن هى استكمال الثورة، فقد أصبح فى حكم المؤكد تقريبا التزام المجلس العسكرى بتسليم السلطة فى 30 يونيو القادم. ولكن طريقة التسليم تؤثر على الهدف الرئيسى وهو استكمال الثورة، وبالتالى فطريقة التسليم هى المسألة الحاسمة الآن.
ولنطرح الموضوع بشكل أكثر بساطة ووضوح : إن القوى السياسية الشعبية المؤهلة لاستلام السلطة بحكم نتائج الانتخابات التشريعية وهى القوى الإسلامية بزعامة الإخوان المسلمين يجب أن تتولى السلطة بصورة كاملة لا لبس فيها حتى تخرج البلاد من الحالة الانتقالية إلى الحالة الاعتيادية ولكن فى إطار اندفاعة الثورة من أجل الإصلاح.
لقد كانت الانتخابات التشريعية المنتهية كاشفة لحقيقة معروفة للجميع منذ سنوات طويلة وهى أن أى انتخابات نزيهة سيحصل فيها الإسلاميون على نصيب الأسد ليس فى مصر وحدها بل فى بلاد العرب والعجم وبلاد تركب الأفيال من طنجة إلى جاكرتا.
فنحن أمام ظاهرة تاريخية تتمثل فى عودة أمة الإسلام إلى نموذجها الحضارى المميز وهى ظاهرة متصاعدة منذ عشرات السنين. وحتى إن رأت التيارات العلمانية أن هذه ظاهرة مؤقتة وستزول بإذن الله (!!) فعليهم الاعتراف بالأمر الواقع الحالى على الأقل وفقا لمعايير الديمقراطية: الاحتكام إلى الصندوق والأخذ برأى الأغلبية. والمهم بالنسبة لهم هو ضمان حقهم فى التعبير والتنظيم وتداول السلطة. ولكن ماهو المقصود بتولى الإسلاميين للسلطة بشكل كامل ؟!
المقصود هو نقد الحسبة الإخوانية التى تحولت إلى اتفاق مع العسكر والغرب والأمريكيين، عندما أعلنوا أنهم سيشاركون فى مجلس الشعب بالثلث ثم ارتفعت إلى 40% وعدم مشاركتهم فى انتخابات الرئاسة وعدم اهتمامهم بتشكيل الحكومة. ويشرح المرشد هذا الموقف بمنتهى الصراحة بتأكيده أن رئيس جمهورية إسلاميا سيعرض مصر لمخاطر خارجية من الغرب وضرب مثلا بما حدث لحماس، وقد كان مثالا غير موفق لأن حماس لم تتصارع على موقع رئيس الجمهورية ومع ذلك تعرضت لكل ما تعرضت له. ولا وجه للمقارنة بين فلسطين المحتلة ومصر غير المحتلة بقوات أجنبية.
القانون الذى يحكم الثورات أن قوى الثورة يجب أن تتسلم السلطة بأسرع وقت ممكن من النظام البائد وأن استطالة الفترة الانتقالية أو استطالة فترة ازدواج السلطة بين الشعب وبقايا النظام، يؤدى إلى تفريغ شحنة الثورة، وقد كتبنا مرارا من قبل أن الثورة لن تهزم ولن تتراجع ولكن على اعتبار أن قادة الأمة سيظلون فى حالة يقظة وإقدام وتحرك إلى الأمام.
فالثورات كالحروب لا بد أن تدرك أهمية حسم المعركة فى الوقت الملائم (كالإجهاز على قوات العدو أثناء انسحابها وعدم إعطائها فرصة لتجميع قواها وتنظيمها) وقيادة الثورة كقيادة الجيش لا بد أن تراعى الحالة المعنوية لجنودها وجنود العدو.. إلخ، إذن ليس من المناسب إطلاقا عدم التقدم بمرشح إسلامى للرئاسة وفرصه فى النجاح لا شك هى الأكبر إن كان شخصا مناسبا.
إن عدم التقدم بمرشح إسلامى أو مرشح وطنى ينسجم مع التوجهات العامة للإسلاميين، سيؤدى إلى استمرار المرحلة الانتقالية الفاشلة الحالية إلى 4 أو 5 سنوات وهو أمر لا يمكن أن تحتمله البلاد، وسيوصل البلاد إلى أسوأ وضع ممكن تخيله. لقد كانت مصر تعانى على مدار ثلاثين عاما من انعدام الرؤية لدى النظام الحاكم فانتقلت مصر من الرؤية الناصرية إلى حالة مخيفة من الفوضى، وزعم الحكام أننا ننتقل من الاشتراكية للرأسمالية ومن الدكتاتورية إلى الديمقراطية، ومع الأسف لم يكن ذلك صحيحا، لأن الانتقال من رؤية وطنية إلى رؤية وطنية أخرى لا غبار عليه إذا كان بدوافع وطنية أصيلة وعلى أساس أن التجارب ستحسم الأمور فى النهاية.
ولكن الكارثة كانت أننا انتقلنا من تجربة اشتراكية إلى تجربة السلب والنهب والتى انتهت إلى الاقتصاد العائلى اللصوصى، وانتقلنا من حكم الفرد والحزب الواحد إلى تعددية شكلية وبقى حكم الفرد والحزب الواحد بصورة مغلفة وأكثر فسادا مما سبق. وبعد ثلاثين عاما من التيه والفوضى فى رحاب التبعية لأمريكا التى رعت نظام المخلوع الذى حقق لها أهدافها الإستراتيجية فى المنطقة، ضاع عام ثمين من حكم البلاد فى مرحلة انتقالية فاشلة للمجلس العسكرى بملابسات شرحناها فى مقالات سابقة، ونحن غير مستعدين لضياع 5 سنوات أخرى فى تيه الفوضى، والتى قد تأخذ شكل الانقسام بين السلطة التنفيذية للرئيس والحكومة وبين البرلمان.
البلاد فى حاجة إلى التركيز فى اتجاه واحد ووفقا لإرادة الناس فى الاختيار عبر الانتخابات، وصعود التيار الإسلامى كان مسألة معترف بها من الجميع سواء كان يرحب به أم لا ولذلك لابد للتيار الإسلامى ممثلا فى الإخوان المسلمين كقيادة لأنها حصلت على المركز الأول، أن يأخذ فرصته كاملة فى إدارة وحكم البلاد، واعتقد أن 4 أو 5 سنوات فرصة كافية ليثبت جدارته، والشعب هو الذى سيحكم فى الانتخابات التالية.
لا بد للبلاد أن تندفع فى اتجاه واحد وهو الاتجاه الذى اختاره ثلثا الناخبين، حتى تستطيع حشد قواها وفقا لرؤية محددة، فوفقا لكل تجارب التنمية القديمة والمعاصرة لم يحدث تقدم لأمة ما بدون ذلك : وحدة التصور وحشد وتعبئة قوى الأمة وراء هذا التصور.
وبالتالى فإن الحديث عن حكم ائتلافى غير مطروح فى حالتنا الراهنة لأنه يؤدى إلى تشتت الأمة وهى فى مرحلة حاسمة: مرحلة القفزة الكبرى إلى الأمام. إلا اذا تم الائتلاف على أساس برنامج دقيق وواضح لا يحتمل اللبس (طرحنا من قبل حكومة ائتلافية من القوى السياسية الممثلة فى مجلس الشعب ولكن كنا نعنيها بهذا المضمون).
لا بد أن نندفع إلى الأمام ولا ندخل فى أى معارك جانبية. والمقصود بالاندفاع للأمام أو القفزة الكبرى، هو الانطلاق فى معركة التنمية المتوقفة منذ قرابة الأربعين عاما : نهضة فى التعليم والثقافة والبحث العلمى وكافة مجالات الاقتصاد، وما يترافق مع ذلك من عدالة اجتماعية. و4 سنوات كافية للحكم على التيار الإسلامى فى هذا المعترك.
الإخوان يستجيبون لما نطرحه
السطور السابقة كتبتها منذ حوالى أسبوع وتأخرت فى إنهاء المقال، ولكن الأحداث جاءت لتؤكد ما فيه، فالإخوان المسلمون عادوا من جديد لفكرة تشكيل حكومة من خلال الأغلبية فى البرلمان، بل وعادوا يفكرون فى مرشح متوافق مع التيار الإسلامى لرئاسة الجمهورية؛ بالنسبة لتشكيل الحكومة جاء الموقف متأخرا، والتوقيت فى العمل السياسى مهم للغاية، فعقب الانتخابات التشريعية (مجلس الشعب) كان الزخم الشعبى أقوى فى اتجاه هذا المقترح، أما الآن فإن الأمر تداخل مع انتخابات الرئاسة، ومع ذلك فإننا نؤيد موقف الإخوان وأغلبية المجلس، لأن حكومة الجنزورى كانت نوعا من مضيعة الوقت. كذلك ندعو الإخوان المسلمين لتأييد مرشح للرئاسة بحيث يكونون مسئولين عنه وعن سياساته فى الحكم لأننا لا نحتمل الازدواجية فى السلطة إذا كنا نريد الانطلاق بالبلد للإمام.
وكل هذه الاقتراحات لا تعنى أننا متفقون مع الإخوان المسلمين فى كل شىء وسعداء بممارساتهم بعد سقوط المخلوع حتى الآن، بل لنا ملاحظات جوهرية عليها، ولكن المصلحة العليا للبلاد والدور التاريخى للإخوان المسلمين الذى اعترف به الشعب عبر الانتخابات يعنى ضرورة إعطاء الإخوان فرصة كاملة لإدارة البلاد (فى إطار آليات دستورية ديمقراطية بطبيعة الحال وإذا نجح مرشحهم للرئاسة). وسنكون عونا لكل من يحكم مصر عبر الانتخابات ولكن فى إطار الأهداف العليا المتفق عليها للثورة.

magdyahmedhussein@gmail.com

 

ليست هناك تعليقات: