مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الخميس، 29 مارس 2012

الجنازة “العلمانية” على اللجنة التأسيسية! 

 

29-03-2012

بقلم: شعبان عبد الرحمن*  





يومًا بعد يوم يتزايد عويل العلمانيين ويعلو نحيبهم وباتت جنائزهم شبه دائمة؛ فمع كل اختبار ديمقراطي يكتشفون انفضاض الناس عن مشروعهم وعزوفهم عنهم.. اكتشفوا ذلك في الاستفتاء على الإعلان الدستوري ثم تأكدوا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبين هذا وذاك اكتشفوه في محاولات تنظيم مليونيات فبدا "الميدان" ميدان التحرير خاويًا.. لكنهم يصرُّون في كل مناسبة على تلبيس فشلهم وسقوطهم الشعبي للتيار الإسلامي، وبدلاً من أن يراجعوا أجندتهم ويحاولوا الخروج من سراديب الفضائيات التي يسكنوها وينخرطوا بالشعب، يصرُّون على إقامة معارك حامية الوطيس مع الإسلاميين عبر آلتهم الإعلامية المسمومة



والمسألة ليست خلافًا على تشكيل "لجنة صياغة الدستور" ولكنه خلاف تاريخي بين التيارين: "الإسلامي" بمختلف فصائله و"العلماني" بشتى درجاته، والسجلُّ في هذا المقام حافلٌ بسلسلة طويلة من الإقصاء والتحريض والتضليل وانتهاك حقوق الانسان التي عانى منها الإسلاميون طوال فترات الحكم التي مرت على مصر؛ فالتاريخ شاهد على عقد غير مكتوب بين التيار العلماني، وخاصةً المتطرف وأنظمة الحكم ليخدم كل منهما على الآخر.. نظام الحكم يحكم بالجبروت والتزوير والنهب والتيار العلماني، تمَّ تمليكه معظم وسائل الإعلام والتوجيه والتثقيف لتشكيل الرأي العام نحو تأييد ذلك الحكم وكبش الفداء كان دائمًا التيار الإسلامي الذي تم تغييبه خلف القضبان بصفة دائمة حتي يخلو الجو تمامًا لطواغيت الحكم وجوقته من غلاة العلمانيين لمصلحة قوى الاستعمار العالمي والسجل في هذا المقام متخم.. إنه صراع بين تيارين؛ أي بين مشروعين بل معتقدين، ولم أتذكر يومًا أن توافقًا له قيمة حدث بينهما


في عهد مبارك تشكَّلت جبهات وجمعيات شارك فيها إسلاميون وعلمانيون، ولكنها كانت سرعان ما تنفضُّ بعد فترة وجيزة؛ إما بضغوط من السلطة أو إغراءات لأولئك العلمانيين من يساريين وليبراليين لفضِّ ذلك التجمع تفويتًا للفرصة على الإسلاميين أن يوجدوا- ولو مؤقتًا- في كيان معترف به من الدولة، ولقد روى لي المجاهد إبراهيم شكري- يرحمه الله- صاحب التاريخ الوطني المعروف ورئيس حزب العمل قصة غضب مبارك منه، وفحواها إصرار المهندس إبراهيم شكري على التحالف مع الإخوان المسلمين ومشاركته مع الإخوان في كل لجنة وطنية لتصحيح الأوضاع، ولعل الهجمة التي شنَّها نظام مبارك على حزب العمل، وأسفرت عن شق الحزب  وتجميده ومنع جريدة "الشعب" عن الصدور بمباركة التيار العلماني؛ كانت عقابًا له على التحالف مع الإخوان



ولا أنسى مشهد الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري، وهو رجل عريق في شيوعيته وعريق في الحرب على التيار الإسلامي وعريق أيضًا في السقوط المدوِّي، سواء على مستوى الانتخابات؛ حيث لم يحصل حزبه على رجل كرسي في البرلمان أو على مستوى حزبه الذي بات العنكبوت يهدِّده من انفضاض الناس عنه؛ لا أنسى مشهده وهو يدافع أمام عادل حسين- يرحمه الله- رئيس تحرير الشعب، في أحد البرامج الحوارية عن قرار الحكومة إغلاق جريدة "الشعب"، بل بدا وجهه متهللاً، وهو يستمع إلى اتهامه بالمشاركة في إغلاق الجريدة!، وهو هو رفعت السعيد الذي لعب على كل حبال السياسة؛ فكان على إفلاسه الشعبي وسقوط حزبه المدوي يرفض المشاركة في أي تحالف أو تجمع يشارك فيه الإخوان بحجة أنهم جماعة محظورة.


اللجنة التي شكَّلها البرلمان بغرفتيه وفق الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس العسكري والمطلوب الالتزام به؛ حتى تكون العملية قانونيةً أصبحت تلك اللجنة تمثل "نكبة للدستور" وفق جريدة "دستور" إبراهيم عيسى، وأصبح الدستور ذاته لدى وائل قنديل (في شروق 22 مارس الماضي) هو "دستور أعداء المبادئ"؛ الذين قرَّروا اختطاف العملية كلها ببرلمانها ودستورها وحتى رئيسها.


وبينما خرج وحيد حامد عن صمته بعد غياب، متسائلاً: "كيف لجماعة ليست قانونيةً أن تكتب الدستور وترفض أن يكون لها شريك فى كتابته..؟!!" يخرج التليفزيون الرسمي بموجة من الهجوم على الإخوان مذكرًا بأمجاد عبد الناصر طاغية العصر الذي تعد حملات القمع والإبادة التي شنَّها على الإخوان على رأس أمجاده!


وبينما واصل النائب أبو العز الحريري تشكيكه في البرلمان الذي هو عضو، واصفًا التشكيل الذي خرجت به الجمعية التأسيسية بـ"الظلامي والطائفي"، ولم ينس ترديد وصلة الردح التي تعوَّد عليها مع كل تصريح يدلي به، والتي يتهم فيها الإخوان بعقد صفة مع المجلس العسكري وفلول مبارك!.


يكمل رفيقه اللدود رفعت السعيد الوصلة على قناة "النيل للأخبار المصرية" باتهام حسن مالك بتشكيل جمعية جديدة لرجال الأعمال وليس للفقراء ليكمل امتصاص الإخوان لما بقي من دماء الشعب المصري التي امتصَّ معظمها الحزب الوطني!


وفي ساحة حكمة القضاء الإداري يوم الثلاثاء 26 مارس احتشدت صفوة من رجال التيار العلماني ليخوضوا معركةً قضائيةً لإسقاط اللجنة، وبالتالي إسقاط الاسلاميين في زعمهم، وكان يقودهم صفوة رجال عهد مبارك بقيادة الدكتور شوفي السيد، أشهر ترزية قوانين مبارك، ومرتضى منصور، المتهم في قضية الجمل ويحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء المخلوع!



إنها حملة غير مسبوقة في حالتها الهيستيرية وصلت إلى حدِّ تحريض المجلس العسكري بالانقلاب من قبل الدكتور ممدوح حمزة، المتهم بتدبير عصيان مدني دموي في الحادي عشر من فبراير الماضي؛ لإغراق البلاد في حالة من الفوضى والخراب، وقد أثبت خبير الأصوات أن الصوت المحرِّض والمخطط لذلك العصيان هو صوت ممدوح حمزة، ومع ذلك تم رفع اسمه من قائمة الممنوعين من السفر!. 


ترى ما ذا لو تمَّ فض لجنة إعداد الدستور وتمت دعوة البرلمان إلى انتخاب لجنة كاملة من خارجه أو صدر قرار بانتخاب أعضاء تلك اللجنة من قبل الشعب هل سيرضون بالنتيجة؟!


بالطبع لن يرضوا حتى لو لم يكن هناك دستور ولا لجنة.. لن يرضيهم إلا السيطرة على كل شيء ولن يشبعهم إلا حكم مصر ولن يحدث ذلك أبدًا.. حتى يلج الجمل في سم الخياط، فعهدهم يولي رويدًا رويدًا.


——–

* كاتب مصري- مدير تحرير مجلة "المجتمع" الكويتية.

 

ليست هناك تعليقات: