مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




السبت، 17 مارس 2012

سجلّ “دعم الديمقراطية” الأمريكي.. ملغوم! 

17-03-2012
بقلم: شعبان عبد الرحمن*


قبل سبع سنوات تقريبًا سطَّرت مساعدات "دعم الديمقراطية" الأمريكية سجلاً سيئ السمعة في العبث بنظام الحكم في أوكرانيا، ولم تقلّ رداءة ذلك السجل في إندونيسيا عنه في أوكرانيا.. فلماذا تصر واشنطن على نُبْل رسالة ذلك السجل في مصر؟!




وبصرف النظر عمَّا جرى لبعض منظمات المجتمع المدني المعروضة أمام القضاء، لماذا تصرُّ الولايات المتحدة على أن "رسالة" دعمها للديمقراطية في العالم الثالث "رسالة" إنسانية يستوجب تعطيلها أو مراجعة عملها وقف كل أنواع الدعم الآخر عن الشعوب؟




إن سوابق الولايات المتحدة في "دعم الديمقراطية" في بلد مثل أوكرانيا وإندونيسيا كان بهدف إسقاطهما في الحظيرة الأمريكية بامتياز! فلماذا الغضب من مصر على اتخاذها ذلك الموقف الصلب إعمالاً بحقها الوطني؟! فعقب انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وتوجه أوكرانيا كغيرها من دول الانفكاك السوفييتي نحو تشكيل نظام ديمقراطي، دخلت الولايات المتحدة في سباق مع روسيا للاستحواذ على النفوذ في المنطقة، وكان الطريق لذلك هو "دعم الديمقراطية"؛ أي دعم منظمات المجتمع المدني والجمعيات والمراكز والمؤسسات بعشرات الملايين من الدولارات الأمريكية حتى تكون ذراعًا قوية في تغيير قناعات الناس، وتغيير توجهات المجتمع.




وفي عام 2005م، تمكَّنت الولايات المتحدة عبر مساعدات "دعم الديمقراطية" من التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية وتولية رئيس تابع لها، وقد اعترفت بذلك وزيرة الخارجية الأمريكية- وقتها- "مادلين أولبرايت"، وقام عدد من المؤسسات الأمريكية التي تعمل تحت "يافطات" دعم الديمقراطية مثل: "المؤسسة الديمقراطية الوطنية" التابعة للحزب الديمقراطي، و"المؤسسة الجمهورية العالمية" التابعة للحزب الجمهوري، ومؤسسة "المجتمع المنفتح" للملياردير اليهودي "جورج سوروس"، قامت- تحت غطاء نشر الديمقراطية أو دعمها- عبر فرق مدربة تدريبًا جيدًا بتحريك الشعب الأوكراني نحو ما تريده الولايات المتحدة؛ حيث دعمت بقوة رجلها "فيكتور يوشنكو" ضد الفائر في الانتخابات الرئاسية "فيكتور يانوكوفيتش".




وتمت إعادة الانتخابات بعد أن قامت مؤسسات دعم الديمقراطية الأمريكية الموجودة في أوكرانيا بحشد الجماهير في شوارع العاصمة "كييف"، وقامت وسائل الإعلام الغربية بنقل الحدث على أنه صراع شعب من أجل الديمقراطية، خاصة أن الأوكرانيين عاشوا ردحًا من الزمن تحت قمع نظام فاسد، وكانوا- كمصر الآن- يتوقون إلى أمل العيش في ظل نظام ديمقراطي، ولكنهم خُدعوا بأكذوبة "دعم الديمقراطية" التي كانت تخفي تحتها مخططًا للسيطرة على البلاد، ونهب ثرواتها.. يومها أفاق الشعب على سراب، فقد كان هو الخاسر الأول مما جرى!.




القصة نفسها تكررت في إندونيسيا أكبر بلد إسلامي (حوالي 350 مليون نسمة)، والتي ترى فيها الإدارة الأمريكية نموذجًا يمكن دفع مصر إليه؛ إذ ترى فيها كما تقول "روبن بوش"، الخبيرة في شئون الإسلام والسياسة في إندونيسيا، والتي قضت فيها أكثر من عشرين عامًا تعمل مع "المؤسسة الآسيوية" تقول: "لم تكن محاولة دفع مصر إلى النموذج الإندونيسي تهمل الفروق التاريخية والثقافية بين البلدين، لكنها ركزت في الأصل على دور العولمة في انتقال التغيرات الجديدة بين الدول المستهدفة بما يسمى بعملية الإصلاح الديمقراطي.. والمهمة الملقاة على عاتق إندونيسيا؛ وهي أن تكون نموذجًا لمصر، وبؤرة إشعاع لـ"دمقرطة" المنطقة الآسيوية وإذابة الإسلام في النظام الديمقراطي وصولاً إلى ما يسمى بالإسلام المعتدل". ويقول "شوسودوفسكي"، أستاذ الاقتصاد في جامعة "أوتاوا" بكندا: "هناك سياسة خاصة تتبعها واشنطن وتطبقها حينما تفقد ثقتها في قادة الدول التابعين لها، وتستنفذ أغراضها منهم (ومنهم "سوهارتو"، و"مبارك" بالطبع)، وتعتمد هذه السياسة على التعاون مع الأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، ويتم تمويل هذا التعاون من قبل مؤسسات أمريكية، أهمها: "الصندوق الوطني للديمقراطية" (NED)، ومؤسسة "فريدم هاوس" (FH)، وترتبط هذا المؤسسات ارتباطًا وثيقًا بـ"الكونجرس" الأمريكي، و"مجلس العلاقات الخارجية" (CER).




ولمؤسسة "مشروعات الأعمال الأمريكية"، و"الصندوق الوطني للديمقراطية"، و"فريدم هاوس" علاقة وثيقة بالمخابرات الأمريكية (CIA)، و"فريدم هاوس" على علاقة وثيقة بمنظمات المجتمع المدني في مصر، ومن المعروف أن "الصندوق الوطني للديمقراطية" كان قد أنشئ في عهد الرئيس الأمريكي "ريجان"، وكان يمول العمليات الخاصة بالإطاحة بالحكومات الأجنبية بالتعاون مع المخابرات الأمريكية، ولما افتضح أمره، وكشف عن تمويله للحركات والمجلات والصحف الأجنبية وأفراد المعارضة؛ تولى مهمة التمويل ولكن بصورة سرية تحت عنوان "تعزيز الديمقراطية". (من دراسة للدكتور أحمد خضر، دفع مصر للنموذج الإندونيسي، مجلة "المجتمع"). وقد لفتت  نشرة Economists Asian View الانتباه إلى أن إندونيسيا ذلك البلد الذي يضم غالبية مسلمة يعد نموذجًا إيجابيًّا، فقد كانت الأصوات في الانتخابات السابقة تذهب إلى التنظيمات الإسلامية، لكن بعد سقوط "سوهارتو" تناقص حجم التصويت لصالح هذه التنظيمات بدرجة واضحة، إلى أن حصلت في الانتخابات الأخيرة على أقل من 30%.  وتؤكد النشرة قائلة: هذه الحقيقة مع غيرها من الحقائق أدت بصانعي القرار في الغرب إلى وضع إندونيسيا كنموذج للإسلام المعتدل الذي يجب على دول الشرق الأوسط أن تحذو حذوه.  أعود إلى ضجة التهديدات الأمريكية بقطع المعونات عن مصر ردًّا على موقفها من منظمات "دعم الديمقراطية"، وأكرر هنا تأكيد ما قاله غيري، بأنها ليست لوجْه الله أبدًا، ولا هدية للشعب المصري على ثورته العظيمة، ولكنها معونات مقابل مساعدات أكبر من قِبَل مصر، فحسب دراسة لمكتب "محاسبة الإنفاق الحكومي" التابع لـ"الكونجرس"؛ "تساعد المساعدات الأمريكية في تعزيز الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة".  وقال قائد هيئة الأركان الأمريكية المشتركة "مارتن ديمبسي" أمام جلسة استماع للجنة الدفاع الفرعية بلجنة الاعتمادات في مجلس "النواب" الأمريكي مؤخرًا: "إن هذه المعونات تضمن مصالح مالية وعسكرية للولايات المتحدة في مصر، وقطعها من شأنه أن يبعد الأجيال القادمة من الضباط العسكريين المصريين عن الولايات المتحدة، ومزايا أخرى من بينها حقوق التحليق في الأجواء المصرية التي تضمنها المساعدات الأمريكية".. ويضيف قائلاً: "أنتم تعرفون أنهم يضمنون لنا حقوق التحليق في أجوائهم، ويضمنون لنا أولوية المرور في "قناة السويس"، أعني أننا نحصل في مقابل مساعداتنا على أشياء نحتاجها حقًّا".




المعروف عن الغرب عمومًا أنه لا يقدم دولارًا واحدًا لنا أو لأي جهة في العالم- حتى ولو كانت مساعدات إنسانية- لوجه الله بل كل دولار يقدمه ملفوف بشروط تنقص من السيادة، وتفتح ثغرات في جدار الوطن.. وغني عن البيان هنا، فإن  منظمات "دعم الديمقراطية" لا تعدو أن تكون واحدة من أدوات الهيمنة على العالم وخاصة بلادنا، ويعد التصدي لها ضربة لواحدة من أهم تلك الأدوات.




الأهم عندي في مساعي الولايات المتحدة والغرب عمومًا لـ"دعم الديمقراطية" في العالم الثالث ما تقوله الكاتبة اليهودية "روث كنج: "إذا كان الإسلام في شكله المعاصر هو الذي يوحِّد الشعوب والقبائل العربية؛ فلن يكون هناك مكان للديمقراطية، فهما عنصران لا يلتقيان، لكننا إذا نجحنا في زرع ديمقراطية علمانية في مصر، وتونس، وليبيا، وسورية؛ فهنا نستطيع أن نحتفل ببزوغ فجر جديد يمهِّد لمرحلة جديدة من السلام والرفاهية العالمية.. أما إذا انتصر الإسلام في هذه الثورات؛ فإنه سيكون كالداء الذي يفسد وينسف أنسجة النباتات والحيوانات، وعلينا بعدها أن ندفن تحت الثرى كل مفاهيمنا القديمة عن الأنظمة السياسية العالمية وعن التنافس بينها"!.



————

(*) كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية-



 

ليست هناك تعليقات: