من سلَّم رقبة مصر لأمريكا ؟!
الجمعة 9 ربيع الآخر 1433 هـ - 2 مارس 2012 م
جريدة الحرية والعدالة
بقلم : محمد جمال عرفة
لا
أعرف من سلّم رقبة مصر لأمريكا في قضية التمويل الأجنبي وسمح للمتهمين
الأمريكان بالسفر ورفع الحظر عنهم مقابل حفنة من المال ( 32 مليون دولار
كفالة ) ؟!
ما أعرفه هو أن برز مكاسب ثورة 25 يناير انها أعادت ( الكرامة )
لمصر , ولهذا كنا سعداء للغاية بقرارات اتهام 19 أمريكيا في قضية التمويل
الأجنبي المخالف للقانون ؛ لأن هذا القرار ألغى الحصانة أو ( الريشة ) التي
كان يضعها الأمريكان على رأسهم في مصر .
ولكن جاء قرار رفع حظر سفرهم بدعاوى أن القضية المتهمين فيها ( جنحة ) لا
( جناية ) عقوبتها
300 جنيه - كما قال المستشار عبد المعز ابراهيم رئيس محكمة الاستئناف -
صادما لكل المصريين وإهانة فضلا عن أنه لغز ! هنا في هذا العمود أشدت من
قبل بالمجلس العسكري لأنه سمح بتمرير قضية مقاضاة الأمريكان بتهمة التمويل
الأجنبي وانتصر للكرامة المصرية , واليوم أقول - بحكم مسؤوليته عن ادارة
البلاد هذه اللحظة - إنه ارتكب خطأ كبيرا بقبول رفع التحفظ عن الأمريكان
وتركهم يهربون من العدالة .
اللغزبدأ
بتأكيد وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لأعضاء في الكونجرس أول
امس الأربعاء ( أن الولايات المتحدة ومصر ستحلان في المستقبل القريب جدا
النزاع بشأن قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني ) , ثم وصول
طائرة أمريكية خاصة من قبرص لنقل الأمريكيين المتهمين ! ثم أعلن قضاة
المحكمة المختصة بالقضية تنحيهم عن نظر القضية , ونفى المستشار محمد شكرى
أن يكون سبب التنحي هو ما أعلنه المستشار عبد المعز ابراهيم عن عمل نجله مع
بعض هذه المنظمات كمستشار قانوني , وتلميحه لأسباب أخرى - سياسية - تتعلق
بالضغط على هيئة المحكمة .
عشرات
المستشارين ظهروا على الفضائيات ليقولوا إن جهات سيادية وسياسية تدخلت في
القضية , وطالبت القضاة بإنهاء احتجاز الأمريكان نظرا لحساسية القضية ..
ومصادر سياسية رجحت أن يكون حسم هذه القضية ( سياسيا ) لا ( قضائيا ) له
علاقة بمخاوف مصرية من تأثير هذه القضية على طلب مصر قروضا من صندوق النقد
والبنك الدوليين ( حوالي 10 مليارات ) لدعم الاقتصاد المصري المتدهور , في
ظل غياب الدعم العربي , وانخفاض تصنيف مصر الائتماني , وتأثيره على تقلص
الاستثمارات الواردة لمصر .
الثابت
في رأيي أن عدة أخطاء وقعت من جانب عدد من المسئولين السياسين والقضائيين
أفضت الى هذا المأزق , وأنه ما دام يقف المجلس العسكري على قمة السلطة فهو
مسئول عن هذا أيضا , خاصة أن هناك حديثا عن " صفقة " ستدعم بموجبها أمريكا
مصر ( عبر المؤسسات الدولية التي لها كلمة عليها ) .
أما
الخطأ الأكبر فيقع على من أشاعوا الفوضي في البلاد وأوصلونا إلى هذا الوضع
الاقتصادي الحرج بدعاوى " إنهاء حكم العسكر " والسعي إلى إضعاف البرلمان
المنتخب !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق