مصر الثورة





سوريا نحن معكم




with you syria

[IMG]http://shams-d.net/up//uploads/images/domain-b9caecbbc3.png[/IMG]




الجمعة، 9 مارس 2012

مقال رفضته جريدة (الشروق) المصرية: إلى أين يذهب “الثوار” بمصر؟ 

 

جريدة الحرية والعدالة
بقلم : د. صلاح عز
نشرت جريدة (الشروق) منذ أسبوعين مقالا للدكتور جلال أمين ، شعرت بعد قراءته بضرورة التعقيب عليه. ولكني ترددت في ذلك ، حيث أني كنت قد عاهدت نفسي منذ عشرة شهور تقريبا بعدم معاودة الكتابة إلى هذه الجريدة بعد تعاملها غير المحترم معي ، وفي ظل إقصائها لأصحاب الفكر الإسلامي . وإذا كان الأستاذ فهمي هويدي إستـثناء لا يقاس عليه ، فقد تأكدت منذ شهور أن مسئولي الجريدة مصممون على ألا يتحملوا قلما إسلاميا آخر، وأن قلم هويدي يكفيهم. ثم فكرت في احتمال أن تكون نتائج الإنتخابات الأخيرة (برلمان ونقابات وشورى) ، والتي فاز بها الإسلاميون بنسب كبيرة ، قد نجحت في تخفيف غلواء الهوى العنصري المتحكم في قرار النشر.. وفي إقناع محرري (الشروق) بوجوب فتح الأبواب المغلقة وتوفير مساحة معقولة لمن أثبتت الانتخابات أنهم الأقرب في التعبير عن هذا الشعب. وعليه قمت بإرسال التعقيب، وكان الرد هو التجاهل والإصرار على إحكام غلق الباب.

لم يكن في نيتي من قـبل أن أخوض في تـفاصيل تجربتي مع (الشروق). إنما الإصرار على سياستها الإقصائية ، بالإضافة إلى تصريحات الأستاذ خيرت الشاطر عن الإعلام ، يدفعانني إلى تناول سلبيات الصحافة العنصرية والإعلام الغوغائي الأسبوع القادم . أما المقال المرفوض، فأقدمه للقارئ فيما يلي :

بجرة قلم ، قرر الكاتب الكبير د. جلال أمين فصل الإسلاميين عـن زمرة الثوار في مقاله المعنون (إلى أين مصر ذاهبة؟). فقد ذكر أنه من ضمن القوى القادرة على تشكيل الأحداث في مصر، هناك "الثوار الذين قاموا بثورة 25 يناير ومستمرون فى القيام بالمظاهرات" و "الإخوان المسلمون الذين يمثلون أقوى عناصر البرلمان". كما قال أن "الثوار يريدون تحقيق أهداف الثورة" بينما "الإخوان يطمحون إلى السلطة" ، وأن "الثوار قدموا تضحيات كثيرة، أكثر بكثير مما كان يظن أحد فى بداية الثورة، وأن الإخوان والسلفيين حققوا نجاحا كبيرا يفوق ما كانوا يحلمون به فى بداية الثورة".بالطبع ليس هذا أول مقال رأي يمارس هذا الفصل التعسفي الذي لا يستـند إلى منطق أو دليل. فقد بدأت هذه الممارسة بعد أسبوع واحد من خلع مبارك ، عندما جاء د. يوسف القرضاوي لإلقاء خطبة الجمعة في الميدان والاحتفال مع شعب مصر، فإذا بعدد من الكتاب والإعلاميين يشنون هجوما شرسا عليه باتهامه بأنه يسعى لأن يكون "خميني الثورة" ، وأن هذه محاولة من الإخوان لـ "إختطاف الثورة". فما كان من الرجل إلا أن عاد مسرعا إلى منفاه في قطر. وكانت هذه بداية حرب تخوين ضد الإخوان المسلمين ــ تستهدف "تطهير" الثورة منهم ــ تفاقمت حدتها عندما أعلن الإخوان والإسلاميون أنهم سيقولون "نعم" في استـفتاء 19 مارس الماضي.

وهكذا على مدار الشهور الماضية ، كلما أعلن الإخوان عن رؤية مغايرة إزاء حدث معين ، ينهال عليهم "الثوار" بإتهامات الخيانة والموالسة والخديعة وعقد الصفقات.. إلخ. ولا يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق لإدراك الهدف من تكرار تخوين الإخوان والتشكيك في نياتهم ، حيث أن هذا يبرر فصلهم عن الثورة التي يزعم "الثوار" أنها ملكية حصرية لهم ، وأن الإخوان "قفزوا عليها من أجل مكاسب رخيصة" .. والأكذوبة كلما تكررت وشاعت وانتشرت من خلال الصحف والفضائيات ، يُفترض أن يكون تصديقها أسهل ، وكذلك استـثمارها لأغراض سياسية ، وهو ما لم يتحقق وشكل مفاجأة صادمة لـ "الثوار" في إنتخابات مجلس الشعب ، عندما لم تـثمر حملات التخوين إلا عن مزيد من الأصوات للإخوان.

وما كنت أتوقعه من مفكر كبير بحجم د. جلال أمين هو التدقيق في الوقائع قبل المشاركة في تزييف حقيقة الثورة وإهانتها بفصل الإخوان عنها.. أولا: لعب الإخوان الدور الأكبر في التمهيد لهذه الثورة وتسميد التربة التي أنبتتها بدمائهم . ثانيا: أن الإخوان ــ رغم الإدعاءات الكاذبة المتكررة ــ شاركوا بقوة في الثورة من يومها الأول . ثالثا: أنه لولا بطولات رجال وشباب الإخوان في موقعة الجمل ما نجحت الثورة. رابعا ، وهو الأهم : أن الشعب الذي ارتـقى بانتـفاضة الشباب في 25 يناير إلى مرتبة الثورة يوم 28  يناير ، هو نفسه الشعب الذي انتخب أغلبية إسلامية وإخوانية في البرلمان ومجلس الشورى ونقابة المهندسين ونادي هيئة التدريس.. إلخ ، وهو أيضا الشعب الذي إقـتنع برأي الاسلاميين في إستـفتاء 19 مارس ، وصوت بالنسبة نفسها تـقريبا كما في كل المنافسات المذكورة (من 75% إلى 80%)، وهو الشعب الذي عارض مؤخرا دعوة الاضراب والعصيان المدني أيضا بالنسبة نفسها طبقا لاستطلاعيّ موقع (الشروق) وجريدة (الحرية والعدالة) ، وهو الشعب الذي يستطيع التمييز بين الثوار الحقيقيين الذين يبتغون مصلحته ، والآخرون المزيفون الذين يستهزئون بإرادته ويستكبرون عليه في الفضائيات… وهذه الحقيقة الأخيرة تتناقض مع ما يقوله د. أمين من أن "الثوار هم القادرون على التمييز بين من يعملون لصالح الثورة ومن يعملون ضدها".

إن رموز وقيادات الأقلية ــ التي تتراوح نسبتها بين الخمس والربع ــ الذين يمارسون التخوين والشيطنة للإسلاميين من خلال صحفهم وفضائياتهم ، والذين رفضوا نتيجة الاستفتاء وسعوا مرارا للانقلاب عليها ، والذين إبتدعوا شرعية زائفة "شرعية الميدان" لكي يناطحوا بها شرعية البرلمان ، والذين إتهموا الشعب بانعدام الوعي والانقياد للدعاية الدينية والتصويت لمن يمنحهم سكر وزيت.. قرروا فصل الإخوان عن الثورة لمجرد أنهم إختلفوا معهم في الرأي حول كيفية تحقيق أهدافها ، ولمجرد أنهم يرون النصف الملآن ويسعون للبناء عليه ، بينما يعتبر "الثوار" ذلك "خيانة".

خذ عندك هذا "الثائر" الذي سب المشير طنطاوي وهو يحتمي بالحصانة ، أو هؤلاء "الثوار" الذين يرفعون الأحذية لشباب الإخوان ويبصقون على جنود الجيش . لقد شاهدت "ثوارا" في عمر أبنائي يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم ينصاع البرلمان لإملاءات الميدان .. يعلنون بلا وجل أنهم سيسقطون البرلمان من الشارع ، بدلا من انتظار الانتخابات القادمة لإسقاطه كما يحدث في البلاد المحترمة.. ربما لأنهم فقدوا الأمل في أن يمنحهم الشعب ثـقته. هؤلاء "الثوار" الذين يتبنى د. أمين للأسف رؤيتهم ، يتسمون بقدر مذهل من الغرور والعجرفة والإستبداد بالرأي ، ويسيرون بمصر إلى المجهول بعد أن أصبح هدفهم هو وأد الديمقراطية التي كانوا يعتبرونها "حلا" ، فإذا بها تتحول إلى عدو (في نظرهم).

لم أكن أود ان أرى قامة كبيرة كالدكتور أمين يتحامل على فصيل وطني كالإخوان إلى الدرجة التي يتهمهم فيها بالتوافق مع قوى الخارج ضد "الثوار" ، وبالعمل "مع المجلس العسكرى فى التظاهر بالعمل لمصلحة أهداف الثورة" و بـ "ممارسة الخداع" ، وبأن نجاحهم البرلماني "ساهم فيه تأييد المجلس العسكرى والقوى الخارجية لهم". وإني أتساءل ماهي الفائدة من تلويث أو تشويه نجاحات الإسلاميين ؟ وكيف يكون إجراء المجلس العسكري إنتخابات نزيهة علامة على تأييده للإخوان؟ ومن هي القوى الخارجية التي تؤيدهم ، ومن أين بالضبط يستـقي د. أمين معلوماته ؟ ألا يتذكر الآية الكريمة (ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا …)؟ إن الفاسقين ، الذين يكذبون ويطلقون الأشاعات والافتراءات كما يتـنفسون ، ليسوا مهمومين بمصر، بقدر ما هم مهووسين بالإخوان. وهذا يعني أنه لو كان في الإخوان خير لمصر، فهو مرفوض لا لشئ إلا لأنهم من جاء به. ومن هنا نفهم لماذا يجاهدون من أجل إيقاع فتنة وصدام بين الإخوان والمجلس العسكري ، ومن أجل إعاقة الأغلبية الإسلامية وإفشالها.

إن مصر في أمسّ الحاجة لأن نتكاتف معا جميعا ضد ما يدبر لنا بالخارج ، وهو عظيم . هذا ليس وقت التنفيس عن الضغائن وإلقاء إتهامات الخيانة والخديعة جزافا. إن الواجب يحتم على الأقلية أن تحترم وتعترف بالأغلبية قولا وفعلا. أما الازدواجية التي نراها بين القول والفعل ، فلن تذهب بمصر إلا إلى المجهول

 

ليست هناك تعليقات: